لو عاد السياب حيا لأحرق العديد من قصائده ... عبد الرزاق عبد الواحد أبقى إلى حين على أخر خيط من العسل في الشعر العمودي كتابي النقدي (مخيلة النص) منع في أحد الدول العربية هالة المنصور 1- مالأسس التي بنى عليها رواد الحداثة الشعرية حداثتهم .. ؟ لقد جعل رواد الحداثة من الانسان قضيتهم الاساسية فبدلا من السلبية والخضوع ارادوا الإنطلاق به نحو التحرر ونحو الاكتشاف والثقة بالنفس والتعبير عن التجربة الحياتية بعد ان يعي الشاعر هذه التجربة بجميع مكوناتها وقد وجدوا كما تعلمين أن هذا لايتم إلا بمرافقة تلك الاسس التي أرتكزت عليها نظرتهم الحداثوية ومنها مايتصل بالصورة الشعرية ومنها مايتصل باللغة ومنها بالتراث وطبيعة التعامل معة وكذلك الموقف من التجارب الشعرية العالمية والتحولات السياسية والأقتصادية والإجتماعية ،وبدوري هنا لا اورخ لإعادة كشف محتويات البيان الشعري (بيان يوسف الخال ) بقدر ما أذكر ببعض أوجه الإفتراق بين السائد والمألوف وبين مادعا إليه رواد مجلة شعر من خلال بيان الخال ومما دعوا اليه أن الأوزان التقليدية المعروفة في الشعر العربي ليست لها أي قداسة والإفتراق الأخر يتمثل في الدعوة لتحطيم القوالب التقليدية للصورة الشعرية (التشبيه – الإستعارة –الفذلكة البيانية –التجريد اللفظي وكذلك تجديد القاموس اللغوي من خلال إستبدال المفردات المستهلكة والأنفتاح والإفادة من التجارب العالمية وعدم الإنغلاق في فهم التراث والتعامل معه ولاشك أن هذا البيان بمحصلته النهائية أراد تجريد قصيدة العمود من مرتكزاتها الأساسية والشئ الذي لابد أن نجيب عنه وبعد مرور أكثر من نصف قرن هل نجح رواد الحداثة في مسعاهم وعلى أقل تقدير في حدوث نقلة ما لتفكيك موروث الماضي وثقله في عقلية القراء وكذلل في خلخلة أسس النظام الشكلي القديم ؟ لاشك ونحن نتحدث الان ان القصيدة القديمة لم تعد بذات السحر الذي كانت عليه لأن وظيفتها التقليدية وفي العديد من أغراضها قد إنتفت ولم تعد ذات ديناميكية وأختفى الشعراء الذين كان لهم أثر محمود في الكتابة ضمن هذا الشكل إختفوا إبداعيا ولم يظهر شعراء أخرون يقدمون شيئا مغايرا لما تعودت علية الأذن العربية وتطبعت به وأن مشكلتها لم تكن بشكلها فقط بل كانت أيضا في لغتها وأقول لكِ من أن الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد قد أخر الى وقت غير معلوم مراسيم دفن القصيدة العمودية لأنه أبقى على أخرخيط من العسل لذائقة المتلقي إذ أستطاع من إعطاء (اللغة العمودية )وظائف جديدة بعد أن كانت هذه اللغة قد تخصصت ضمن أبوابها المعروفة ناهيك عن محاولاته لتحديث الصدى السمعي لدى المتلقي بتعدد إنتقالاته ومفارقاته للمفردة ذات الدلالة غيرالموسيقة كما أصلح من العديد العديد من المفردات التي أتت بدورها بالصور الشعرية المناسبة غير المجزأة أو المقطوعة وهذه المحاولات تنسجم تماما مع الإطار النظري لمفهوم الحداثة ومتطلباتها ،، ولابد أن أذكر أيضاً أن تجربة مجلة شعر قد نالت تاييد ودعم شعراء من اقطار عديدة وبأعتقادي أن أسماء مثل نازك وبدر وسعدي وجبرا والنقدي ورزوق فرج قد أعطت للظاهرة الجديده حيويتها رغم انها في البدء كانت تجربة تمهيدية للوصول الى وظيفة الشعر الأساسية التي عرفوها بالمغامرة الإنسانية 2- وما هو مفهومك للشعر الشعر تعبير عن بناء روحي وذهني مركب وهو ولوج الى مخيلة غير ناصعة ومن هناك من هذا الا نصوع يتهيأ الشاعر للدخول في عالم الجمال الشعر هو التوازن الذي يتم مابين الإكتشاف والخلق الشعر أقناع الطبيعة على أعادة تشيلكها من جديد والشعر يعني الإفلات من الأشياء الجدية والواضحة والصريحة وهو خطاب موجه نحو مجهول لايستطع المرء الإتصال به إلا عبر تفهم ذلك المجهول وهذا يتطلب الإنصياع الكلي للسحر وللهذيان ، 3- هذا عن رواد الحداثة جماعة مجلة شعر وماذا عن بدر شاكر السياب اللغة – الاسطورة – الصورة الشعرية قبل كل شئ أن السياب رجل معاناة منذ طفولته الى وفاته وهو مسكون بالخوف وبالحزن وكانت قواه الإنفعالية قوى حادة وبصيرته بصيرة نافذة في الأشياء وهذا ما يحتاج إليه أي شاعر كما أن مؤثرات (البيئة – العائلة – المكان ) لعبت دورا مهما في تكوين موجودات السياب الشعرية ولا جدال في الفتح الكبير الذي تم على يدي نازك وبدر في نقل الشعر العربي من شكل لأخر، في اللغة عمل السياب قولبة للغة المتداولة وهذه القولبة لم تات من خلال عملية الإستبدال او خلق مفردات داعمة للغة الاصلية ولكنه استفز المفردة بالمعنى أي أنه استمكن تصوراته لمابعد الصورة المرئية للوصول للشعر الخالص الذي اخلص له (أدغار ألن بو ) تحس هناك نغمه ما في قصائده الحزينة ونشوة في ترقبه وهو نشط تجاه تحريك الصوت الأخر مع الحفاظ على مدلولات الأشياء ومسمياتها ، ضمن هذا الوصف وضمن تلك المرحلة يمكن اعتبار السياب مجددا حقيقيا في البحث عن قناعة للخروج لسحر المطلق ،أما تعامل السياب مع الأسطورة فقد حافظ على بنيتها كما هي وادخلها من باب التعريفات والشروحات دون ان ينطلق منها لبعد كوني اخر والغريب ان السياب قد درس الاسطورة والأغرب أنه شبه عاشها في (منزل الأقنان )لذا اكتفى ان يقدمها في شعره بدون ذائقة أما صوره الشعرية فهي ذات طابع امتدادي صورا متلاحقة عويلها وصراخها يصل مداه وعاطفتها تفي باغراضها في أذان المتلقي وباعتقادي ايضا ان كل تجربة شعرية لابد ان تترك هفوة هنا وهفوة هناك ورغم انجازه الكبير فأن هناك العديد من القصائد لدية لو عاد السياب حيا لشطبها من دواوينه الشعرية 4 -أين تضع الشعر العراقي ضمن حركة الشعر العربي عموما في مراحل ماضية وبلا منازع في المقدمة أما الأن فهو شريك بالسواء مع مايكتب في الوطن العربي ،وأعتقد أن الإمتدادات المعرفية والنشاطات الذهنية الأخرى أصبحت من مميزات الشعر في دول المغرب العربي في حين تسيدت العاطفة موجودات الشاعر في المشرق وأعتقد أن لكل منهما أسبابه ولاشك أن الشعر في المغرب العربي قد تأثر بالتطورات الفكرية والثقافية والنظريات الأدبية ومفاهيم حقوق الإنسان التي إنتشرت الأن في أوربا أي أن الشاعر المغاربي قد أنهى صراعه مع الذات ليتأمل الصراع العجيب والطويل مع الكون عكس ذلك ولدينا نحن الغالبية من شعراء المشرق العربي فلازالت مفاهيم الإصالة والتمسك بالزمان والمكان تدق اسفينها بيننا وبين مانريد أو نتمنى مانريد ، 5 - ماذا يحتاج الشاعر الجديد برائك ليس الشاعر الجديد فقط وإنما أي شاعر ومهما كانت تجربته يحتاج إلى المغامرة ،لا شعر مع التردد والإنحباس والخوف والمتيسر والمألوف والمنتج من المكرر 6 - لماذا تكتب لابد أن أذكر لك أن الكتابة وليدة اللحظة فهي تاتي من أي شئ أشياء لاأفكر بها إطلاقا والكتابة لاتصنف الأشياء لمقبول وغير مقبول وصالح وغير صالح فالكتابة زوجية لامفر منها بين طرفين الطرف الاخر هو الكون بكل صراعاته والطرف الاول هو الشاعر بكل عدم قناعاته لذلك فهذه المحاكاة تجعلني يوميا اعيش حالة عدم اللااكتمال والكتابة تحقق لي اكتمالي وحين انهي نصي الشعري اعود الى نفس الشعور وهكذا والى ازل غير معلوم فهي ليست حاجة لاشباع رغبة ما وتنتهي وهي ليست مطلبا ضمن المطالب وانما هي ذلك الشعور الذي يستولي عليك ويجعلك قادرا على نسيان مأكلك ومشربك ونومك كونها صلة الوصل وحياة اخرى ، 7 –هل أنت مع أن الأدب يرتكز في البحث عن المجهول أم أنه تجاوزا منظما للكلام العادي إن أصبح الأدب (وتخصيصا الشعر ) تجاوزا منظما للكلام العادي إذن فهو قد خضع للعبة ما لقانون ما لفذلكة ما لأن صفة التنظيم تدخل في مفهوم استحضار وسائل جاهزة وسائل بديلة ولكن هذه الجهوزية أيضا وهذه البدائل ستكونان تحت سطوة الشائع والمألوف لأن التغيير لم يتم على أساس المغادرة النوعية غير المشروطة بتأثيرات هذا التجاوز المنظم وبذلك فأنه يحدث تغييرا ما تحولا ما ولكن عبارة عن عملية إحمائية غرضها تسخين الموجودات ليس إلا رغم ان بعض النقاد يعتبر ذلك من العمليات الإبداعية بل وضع هذا التجاوز المنظم ضمن أحد مفاهيم الشعر ، والقول بأن الشعر البحث في المجهول هو أحد الأفكار التي إنطلق منها رواد الحداثة الشعرية في أوربا وعندما إكتشفوا أن هذا المجهول بذاته لايفي كليا بالغرض الإبداعي فأنهم سعوا أما البحث في إكتشاف مجهول من مجهول أخر أو البحث لما بعد المجهول ، وأعتقد أن هذه الأفكار الفلسفية قد أثرت بالشعر تأثيرا مباشرا وزادت من مساحته الإستيعابية لشتى أنواع المعارف وفلسفة النظريات , إذ لم يعد الشعر مفهوما سطحيا كما كان يؤرخ ضمن فعل الجن والعفاريت أو مسورا بأدوات الإنفعال أوفسر بلابد من وجود هزة ما لإتقادة ، الشعر الأن أصبح خارج تلك التعريفات وأعتقد ومن الأفضل أن لايُعرف لأن تعريفه معناه تعريف المرحلة التي كان بها الشعر وليس تعريفا لكينوته ، 8 – كتابك النقدي بعض عن بعض وكتابك النقدي الأخر (مخيلة النص) ركزتا على محور اللغة وقصائد العديد من الشعراء الغربيين هل إخترقت أبواب الواقع الموصدة عبر إصدارين وأنا أحبو شعريا في العام الأول من الثمانينات تجرأت وكتبت سلسلة من المقالات النقدية في الصحف العراقية تحت مسمى (بعض عن بعض )وكانت البعض عن البعض مجرد رؤيا ولأقل إنطباعا عن الشعر العراقي وكانت المقالات بنتيجتها بصالح الشعر العراقي الذي وجدت فيه ذلك الإمتداد المذهل مع الشعر العالمي ولا أعني هنا حين كتبت كتبت على كل مايُنشر بل من خلال الإطلاع على نصوص عديدة للأصدقاء الشعراء وبقي هذا المشروع حيا في ذهني وبعد إطلاعي على ماكتب مجموعة من الشعراء الغربيين ماكتبوا تحت تاثير الحرب العالمية الثانية وهولاء من البلدان التي تاثرت في الحرب بشكل مباشر أو كانت تحت تأثيرها وجدت أن هناك مشتركات شعرية بينهم وكذلك وجود مفارقات شعرية مذهلة حيث قمت بدراسة هولاء دراسة متأنية بما في ذلك سيرهم الشخصية ونتاجاتهم الأدبية وأسميت هذا الإصدار وضمن الرؤيا التي كتبتها في الثمانينات أسميته (بعض عن بعض ) حيث كان هدفي البحث عن كيفية تأثير تلك الكارثة على مفعول النص الشعري ناهيك عن النظرة التنظيرية التي تبرز من خلال النصوص عن هذه القضية الكونية ثم أردت أن أقدم من خلال بعض عن بعض خصوصية التجربة العربية وأخترعت أدونيس وسعدي يوسف كون بعض أدونيس يريد أن يصل بعضه الأخر وأقصد بها رغبة أدونيس وجهودة في الإرتقاء بنصوصه إلى مستوياته التنظيرية أما إختياري لسعدي يوسف فبعض سعدي متوالية ونهاياته متوالية أخرى وبذلك فبعضه عن البعض فيه الكثير من الحيرة الشعرية على العموم أردت من بعض عن بعض لا التركيز على المفهموم الإصطلاحي للغة لأنني لم أكن أبحث في بنيوية اللغة ولكن كنت أبحث في مديات أنتاجية اللغة المنتجة عندما يأتي إستخدامها بضرف طارئ أما مخيلة النص فأكشف لك ولأول مرة أعلن عن ذلك بأن هذا الإصدار منع في أحد البلدان العربية ولازلت مستغربا من منعة رغم أن لائحة المنع أشارت لأسباب تتعلق بالخلق والجنس وأعتقد تماما أن هذا المنع لامبرر له ولو قامت المؤسسة الحكومية تلك بمنع مجموعتي الشعرية (خصومات أبدية )لقدمت التهاني لهم كونهم إستطاعوا الوصول إلى السر الذي كتبت به تلك المجموعة ، , وأجد وقد تكون هي المرة الأولى التي يمنع بها كتابا تحت مسمى النقد ، وأنني حين أحتفظ على تسمية تلك الدولة العربية فهناك أسباب موجبه حاليا لكني لن أتخلى على محاججة تلك المؤسسة وفق الضرف الذي سيتهيئا لي واكون قادرا فيه الدفاع عن ماكتبت ، الشئ المهم أنني قدمت شكلا نقديا ما شكلا مختصرا مضغوطا عبر تؤأمتي مع النصوص المختارة والأفكار التنظيرية لما تم إختياره عن الشعر ومفاهيمه 9 - بمن تأثرت ..؟ أقول لك أنا أعجبت لكني لم أتأثر وأيضا لابد أن أذكر لك أن بعض الإعجاب سرعان مايتلاشى فالشاعر عندما تنضج لديه التجربة الشعرية ويكون ملما بأدواته تتقلص في ذاته حجم الإعجابات التي يوليها للشعراء للأخرين لأنه لن يعجب بعد ذلك إلا بما يتطابق مع مفاهيمه وفلسفته الشعرية أي أن الخصوصية أحيانا لاتطيق إلا خصوصيتها وهذه كما قلت لك في مراحل متقدمة من كتابة الشعر ،وأقول لك أن الشاعر حين يتأثر بتجربة شاعر أخر فأنه غالبا ما يتأثر بشكلها الخارجي لأنه لن يستطع إقتباس محركاتها النفسية وهذا يستدعي أن أراد المتأثر تنظيم قوى نفسية بديلة لقواه النفسية والخروج من تجربته الى زمان ومكان أخرين ، أعتقد أن التأثر يصاحبه عملية تقليد وعمليد التقليد هي بدرورها يصاحبها استنساخا للشكل وبقدر ما للمضمون الذي عليه المُقَلد وبالتالي فلا مجال هنا للإكتشاف أو الخلق أي لاوجود لإبداع حقيقي ،أشير شخصيا لقرأتي لما كتب سعدي يوسف ولسامي مهدي ولأدونيس ويوسف الصائغ والبياتي ومحمد الماغوط وروائع درويش ومنها(أحمد الزعتر ومن فضة الموت الذي لاموت فيه)وقرأت أمل دنقل وسميح القاسم وأكيد أن الشعر العربي في الجاهلية وفي العصور التي تلت يشكل قاعدة صوتيه في مرحلة التأسيس وأيضا لابد من القول أن تجربة حسب الشيخ جعفر تجربة تستحق أكثر من قرأتها وخصوصا في تجربته المدوره ولا أشك بقرأتي للشاعرالنصوح زاهر الجيزاني وأبراهيم نصر اللة وإسهامات الزملاء شاكر لعيبي وعبد الكريم كاصد وقدرة سلام كاظم الذي أغفلها وتتبعت دهاليز خزعل الماجدي في محاولاته الغيبية وطقوسه الأسطورية وقدرت أوانها تجربة فاروق يوسف ومخاضاته الشعرية اللونية أما ماأعجبت به ضمن قرأتي فيتعلق بالأدب العالمي وبالفلسفة والأساطير والعلوم الأخرى 10- هل أثر السبعينيون في العراق بجيل الثمانينيات وبمن وإلى أي مدى أقول لك أولا أنا مع مفهوم الأجيال كونه يؤرخ فترة زمانية معينة لأنك لن تستطيعي تقييم أي تجربة شعرية بمعزل عن زمكانيتها وأن أسلمنا وكما هو رائي أن الشعر خارج الزمان والمكان فهذا لايعني عندما نخضعه للدراسة لانخضع مرحلته فهل يمكن تقييم الجواهري بعيدا عن تأثيرأحداث الأربعينيات والخمسينيات في العراق أو العالم العربي ألتي أثرت في منتجه ،هذا أولا كيف أجيبك على مضمون سؤالك في بداية الثمانينات بدأ يتبلور جيل شعري في بغداد وهذه أيضا للحقيقة التاريخية وهم أول تجمع أطلق عليه مصنف الثمانينيين وكانوا (قيس مجيد المولى – ليث الصندوق – إبراهيم زيدان –عمار عبد الخالق – علي خميس رحماني – لهيب عبد الخالق – ولم يكمل مشواره مع هذه المجموعة باسم الشيخ ) وبدأءوا النشر في الصفحات الثقافية الرئيسة والمجلات الأدبية ومنها الأقلام والطليعة الأدبية وقد إسترعت هذه المجموعة إنتباه الجيل السبعيني كون إنتشارهم كان سريعا ثم بداءت الصفحة الثمانينية تتسع مع وفود العديد من شعراء المحافظات للدراسة في جامعتيها وكانت للقاءات في حسن عجمي وكذلك الامسيات الشعرية والتواجد في نادي الادباء عوامل ساعدت على على ان يتعرف البعض مع البعض ومعرفة وجهات النظر حول قظايا الشعر وقد تبنى السبعينيون مجموعة محددة من الشعراء الجدد من غير تشكيلة بغداد ورغم أن عددهم مايقارب خمسة شعراء لكنهم أعتنقوا وبحدة أراء السبعينين وقلدوهم في كل شئ بالجانب الأخر لم يستطع السبعينيون ألتأثير في مجموعة أخرى من الشعراء الذين نحوا بمناخهم الخاص وهم كثيرون وأخص منهم على سبيل المثال (جواد الحطاب - وسام هاشم – عبد الحميد كاظم الصائح – صلاح حسن – نصيف الناصري – أديب كما الدين –عبد الرزاق الربيعي .. ) السؤال هنا هل لم يكن للسبعينين منجزا ولم يتأثر بهم أخرون هذا السؤال بطبيعته قد اجبت عليه حين ذكرت مزاياهم وما قدروا وقدموه للشعر العراقي وفي لقاء لي سابق ذكرت بان السبعينيين مخلصون للشعر ولديهم محاولات للتوجه نحو المغامرة وهم ايضا لم يفشلوا شعريا وهنا حديثي وبالتحديد صوب مجموعة بغداد السبعينية ولم أخضع جماعة كركوك أو الموصل أو من هم كانوا خارج القطر لهذه البيانية خذ مثلا فيصل جاسم وهو شاعر ضمن الجيل السبعيني ورعد عبد القادر وكمال سبتي وهما من بغداد أي جل تجربتهم الشعرية خرجت من بغداد ولكنهم لم يكونوا ضمن مجموعة الأربعة ، الأن يأتي سؤال أخر وهو هل أن الأخرين لم يكونوا ضمن الخارطة الإبداعية السبعينية التي أختصرتها أنا على الأربع ،، على العكس تماما كان كمال سبتي ورعد عبد القادر صوتين شعريين مهمين ضمن مخاضات الجيل السبعيني ولكنهما كانا خارج دائرة التنظير الشعري والحضور الاعلامي وكذلك الامر بالنسبة للناقد التشكيلي الشاعر فاروق يوسف ‘وهناك ملاحظة غاية في الأهمية أن التجربة الثمانينية في العراق كانت ضمن مسارات الحرب العراقية الإيرانية أي ضمن مخاضات هذه الحرب ولازلت أعتقد أن الشعراء الذين كتبوا وساندوا بلدانهم في هذه الحرب ومهما تكن أسبابها وهولاء إن كانوا شعراء عراقيين أو شعراء إيرانيين فهم يستحقون الثناء وتجارب الحروب الكونية والإقليمية تشير لذلك ، الذي أريد قوله هنا هو كشف التجربة الشعرية والإطلاع عليها لا العمل على تلقينها للأخرين وفق نوازع أيدلوجية لأن ذلك وكما ذكرت سيخلق نسخا مكرره، 11- كيف يحذف من الفراغ شيئا ما، الذاكرة لها توابع ، هل يعني الفراغ قصائد اللافراغ عندك في الغربة يكون المرء على درجة عالية من الإتقاد ولا أقصد به الإتقاد الإبداعي وإنما الحساسية تجاه الأشياء وبالأخص تجاه نفسه في الحياة اليومية ورغم ذلك العالم المفتوح والملئ بالاغراءات ولكن ولكونه بعيدا عن وطنه فهو مجرد فراغ ذلك الذي توصلت إليه وبما أنني أعيش هذا الفراغ كيف أعيد تشكيل مسمياتي وأماكن لهوي وطفولتي وألأمي ومتعي التي مضت ضمن وجود اللا فراغ الذي تخلقة المخيلة العابرة فأنا أجلس مثلا في مقهى ممتلئة بالزبائن من مختلف الأجناس وبالكاد أرى فراغا لرؤية قدح القهوة أفكر كيف أخلق من ذلك الفراغ ممشى يعيدني لمكاني لأني لاأحبذ أن أستدعي مكاني إلي هذا التصور في كتابة نص ما يجعلني لاأمتلك موجودات ولاأستطع من التأسيس على ماهو متوفرا في الذاكرة وبشكله المباشر إذ إن أسست عليه سيكون لاوجود للغربة فيه ،لذلك وجدت ان مهمة الشاعر في الغربة هي مهمة مزدوجة تكمن في التخلص من ماضيه الحاضر وخلق ماض جديد بتفاعله مع حاضره المغترب فيه فالغربة هنا ليست غربة الجسد لان علاج ذلك ميسورا وانما غربة الروح وغربة القوى التي تمكن الشاعر من ادامة عملية الخلق والابداع بما في ذلك طبيعة المكون النفسي الذي اسس الشاعر وجوده الشعري عليه 12 - النشر في المواقع الألكترونية ،هل فتح لك أفاقا أخرى للإنتشار السريع ، ولماذا إخترت النشر فيها الحضور في المواقع الالكترونية يحتاج من الشاعر إلى جهد إستثنائي لرفد الجديد بالجديد وكذلك يحتاج الى تقييم متواصل للتجربة الشعرية كي لاتسطو سهولة النشر على واحة الإبداع ،ولاشك أن المواقع الألكترونية قد وفرت مساحة حرة لمن يريد وبالتالي لم يعد أمام الشاعر أي من المعوقات لإيداع نصه متى مايشاء كذلك أن من محاسن المواقع الألكترونية أنك تستطع الإطلاع على التجارب الشعرية من ادنى الأرض إلى أقصاها عبر ذلك المجهود الطيب للمترجمين، لا شك أن العديد من المواقع مواقع مغرية واقصد بالمغرية لأنها تحترم مايرسل لها وتقدمه في زمن معلوم ومكان يليق، ولكن خطورتها تكمن في إغرائها أيضا لأنها لاتخضع لضابط إبداعي لقبول الصالح من عدمه وأيضا لايواكب هذا الكم الهائل من الشعر حركة نقديه بمفهوم النقد الحديث فأغلب المواقع تكتفي بتعليقات القراء وتعليقات مجاملة لشعراء ينشرون في موقع واحد ويتبادلون بينهم الثناء على نصوصهم ومن هنا تنشأ الخطورة إذ قد يصدق البعض هذا المديح وبالتالي يقعون أسرى لما يكتبون ويقفون عند حدود معلومه وسرعان مايتلاشون ،أن أي شاعر يريد أن يُقرأ وبالمقابل لن يستطع القارئ قرأة كل ماينشر بسبب كثرة مواقع النشر وكثرة الشعراء لذلك ستجد أن العديد من القراء سيمرون مرورا عابرا على ماينشر ويكتفون بالعناوين والأسماء ،ولكن وعلى العموم أصبحت هذه المواقع وسيلة إتصال مهمة لايمكن الإستغناء عنها خصوصا أن عصر الصحف الورقية أيل للزوال ،لي ملاحظة اخرى ان هناك بعض المواقع فيها شئ من ضوابط النشر وهي مواقع ثقافية مهمه ومنها إيلاف وكيكا وآرام وفوضى وطنجة ومعكم ، وبالتأكيد أيضا ليس كل من نشر له في هذه المواقع أصبح شاعرا فالنشر شئ وبناء الشاعر لكيانه الشعري وهويته شئ أخر لكنها بالمحصلة النهائية تلبي طموح الرغبة بالإنتشار 13 -هل قطع الشعر جذوره مع التراث هناك نصوص عديدة في الشعر الحديث تتردد فيها اصداء اسطورية وشعبية سواء ذلك لدى سان جون بيرس او مالارمية وعزرا باوند واليوت أي أن هناك إرتباطا بالتراث وهذا الإرتباط لايعني الرجوع الى الماضي وتقديمه كما ورد بل بالسعي لإكتشاف تلك القوة فيه وكيفية الإفادة منها بشكلها الجديد الفلسفي وأستنباط الرؤى المعرفية منها وبالتالي يتمكن الشاعر من الولوج لمجهول أخر ولأدونيس رأي أخر عن التراث إذ يرى أن هناك (قفزة بنائية ) أي وجود هوة ما بين الماضي وهذه القفزة تهيئا لنا أن نولد منفصلين عن ضرورات الفعل هي رؤيا عن الخلفية الثقافية للمجتمعات العربية ومدى تأثير المتحول في ذلك وكيفية إستيعاب أدوات التراث وحتى بما يخص التراث الذي إحتفظ بلغته فاللغة القديمة بمفهوم أدونيس لغة تعبير أي لغة تكتفي من الواقع وتمسه مسا شفافا وجزئيا لذلك أجد أن الشعر الحديث والذي نكتبه الأن لايؤشر ذلك الإلتصاق بالتراث كما هو الحال قبل نصف قرن وقد يكون أحد الأسباب لذلك تلك التحولات الكبرى التي تعصف بالبشرية في مجالات الحياة كافة 14 - وماذا تقول عن المرأة تساعدني إلتفاتة إمرأة على ترتيب الكون ،وصوتها على تأمين وصولي للمجهول ورقتها على نسياني لنفسي المرأة في نصوصي لاتخضع لأوصاف لأنها يوميا تلد أوصافا جديدة ، لقد خلقت لكي تكون دالة على نقص أشياء كثيرة في الرجل ، تصوري أنني في أحد نصوصي أخبرت الرجل بأن حواء خلقت قبلك وأنها جاءت بالغمام الذي نشأ الكون منه المرأة تستحق التقدير تستحق أن نبحث دائما عن بعدها الرمزي والمرأة ليست وديعة في يد الرجل ولا في (شاربه )كونها الضوء الذي منه يرى الرجل العالم الذي حوله ألم تكن ألهة وسيدة للخصب والنماء ، 15- مجموعتك الشعرية لا متبق لا ملموس والتي صدرت عام 2009، هل خرجت عن واقع القصيدة لديك ومثلما يقال فأني في مجموعتي الشعرية (لامتبق لاملموس )عنيت لشئ لم أكن أعني أي أني لم أركز على موضوع ما ضمن حدث ما بل تشكيلات من الرؤى والإنفعالات النفسية وتوقع المصير وكل ماتخطر به اللحظة لذلك خرجت من تجربتي في هذه المجموعة الشعرية من الأشياء المنظمة التي تتحكم بها طبيعة اللغة التي تلائم طبيعة قصد المخيلة ، وتصوري عنوان المجموعة فهو لامتبق أي لاشئ وهو لاملموس تصوري غير مدرك حسيا وبالعامية أي (ماكو شئ )من هذه اللاشئ إنطلقت نحو بناء نصوصي فأتت مليئة بالعدمية والحزن والمقامرة بالشك بوجدانية الكون والسعي لتجريم الوجود العاطل والأهم من كل ذلك قدمت من خلال تلك المجموعة بعدي الفلسفي الذي أشتهيه ولاشك أن تقدير ذلك يترك للمعنيين وللقراء ولربما حركوا فيما كتبت أشياء أخرى قد لا أعيها، إذ دائما أنا أسأل نفسي عن الواقع الذي لاأراه فكيف تريدين مني أن أأتي به إلى مناطقي المعزولة 16- من هم برائك من غير الذي ذكرت سأهموا في البناء الثمانيني بشكل ملحوظ الذي أستطيع تذكره من الشعراء و الذين فًعًلوا هذا الجيل ليكتسب حراكه الطبيعي على الساحة العربية أتذكر منهم : جمال جاسم – عبد العظيم فنجان – سلام سرحان – حكمة الحاج – خالد جابريوسف – حسن النواب – رعد فاضل – محمد مردان – زهير بهنام بردى - طالب عبد العزيز – رباح نوري – محمد تركي النصار – ريم قيس كبة – أمل الجبوري – عدنان الصائغ – زعيم النصار – محمد نصار – أحمد عبد الحسين – خالد مطلك - سهام جبار – ركن الدين يونس – فضل خلف جبر – دنيا ميخائيل – علي عبد الأمير – كاظم فياض – يوسف إسكندر – حميد قاسم – كاظم كشيش – بشير حاجم – جبار الكواز – شكر حاجم الصالحي – حطاب إدهيم وأصوات أخرى مهمة ليست بالضرورة أن تكون من القالب الثمانيني مثل عيسى الياسري – علي الطائي – عبد الزهرة زكي –– عادل عبد اللة وهناك أخرون وهولاء تداخلت أسماءهم مابين العقد السبعيني والثمانيني كالشاعرة ساجدة الموسوي ، هذا ما أستطعت تذكره 17 - مالذي يجعل المثقف يكتب مذكراته ، وهل مذكراتك تكتبها عبر الشعر لاشك أن كتابة المذكرات تعني الذهاب إلى الحقيقة التاريخية من وجهة نظر الكاتب وحين يعتقد أن إستحقاقات مرحلة ما قد إنتهت وبأنه ضمن حراكها ولديه مايؤثر تاريخيا بعد ذلك بالأحداث وأيضا قناعاته بأن لايترك منتجه الفكري والثقافي سأئبا فبالتأكيد يكون ذلك عملا جوهريا يتركه لمن يأت من بعده ولكن كتابة المذكرات تختلف بالأهمية من نشاط لأخر فلاشك أن المذكرات في النشاط السياسي تحفل بالأسرار والوقائع التي لم تكن منظورة كليا أما المذكرات التي لها علاقة في الثقافة والأدب فلا أعتقد بأنها تشكل أهمية كبيرة بقدر ما تعني رحلة سياحية في عوالم الذات وهذا يجعلني أن أصل الى حقيقة أن الشاعر يستطيع أن يكتب مايريد من ذكرياته في شعره ، أليس الشعر في أحد مفاهيمه العودة الى الذات ،فعندما نقرأ مذكرات نيرودا لم نكن نبحث عن أحداث بل بحثنا عن الجانب الجمالي فيها لأن الشعر لايعني بفهم التاريخ لإستخلاص دروسا ما بل البحث عن المنافذ الجمالية في أيما تاريخ أو وقائع ،لذلك تجدين أحيانا بأنك تعرفين سيرة شاعر وتاريخه من خلال من خلال مايكشف نصه من ذكريات فالنص الشعري لايسترسل بالأحداث ويسميها لأن الشاعر ليس بالمؤرخ ولكنه أيضا معنيا ببوح ذكريات الماضي ضمن أنساقه الرمزية وهروبه من العلني والمباشر ، 18- ماذا تقول لمثقفي العراق في الداخل والخارج سواء في الداخل أو الخارج أقول لهم أن الثقافة العراقية ثقافة منتجة قامت على إحترام الرأئ الأخر والبحث الدؤوب عن الجديد ومواجهة تحديات طمس خصوصية الثقافة العربية وهي بعيدة عن الكراهية والغوغاء والتعصب وهي ثقافة منفتحة لن تجير لصالح طائفة أو فئة وبُعدها يرى على مسافة الأف من السنين ومنجزها واضح وصريح ومعترفا به له الأسبقية من الثقافات الأخرى ،والمرحلة الحالية من أخطر المراحل التي تمر بها الثقافة العراقية كون الجزء الأكبر منها تحت إرادة المحتل بشكلها المباشر أو غير المباشر وهذا يتطلب أن يقول المثقف كلمته تجاه وطنه وسيادته ومستقبله بدلا من الكتابة بقلمين، ومحاباة المفسدين، 19 -هل من إصدار أخر في الأفق بعد أن بلغت الذروة من الإصدارات في عام واحد إعطاء الإنسان لنفسه سمة الدخول لعالم الشعر يتطلب ذلك الجدية وحساب الوقت والتخطيط والمثابرة ودعم الجديد بالجديد والإصدار بالأخر لأن قوى الشاعر بل الإنسان على العموم ليست دائمة له فعليه أن يحسب كم يقرأ وكم يكتب وكم يتأمل وحسبا للكميات الأخرى ضمن حياته اليومية من هذا المنطلق وبسبب الجوانب الإيجابية التي أعيشها هنا في قطر ساعدتني الضروف على غزارة الإنتاج وبالتالي فأنا أفكر دائما من أن كل الذي أكتبه يوضع في إصدار ما ونتيجة لذلك الجهد بارك لي شعراء أعزاء حضوري في الساحة الشعرية العربية وليس غرورا أن أقول بأني راض عن نفسي ضمن هذه المرحلة كل الرضا لأني أصدرت أحد عشر إصدارا وهذا أعتقد بأنه رافق جانبا من تجربتي التي أطمح أن تكون إبداعية ومهمة ، وجديدي مجموعتي الشعرية الجديدة والموسومة (مايُصحح يحتاج لتصحيح ) والتي ستصدر الأسبوع القادم وعن دار الينابيع، أخيرا أشكرك وأشكر من يقرأ هذا اللقاء