حوار مع الفاضل محمد بولوز عضو المكتب التنفيذي للحركة في هذا الحوار يفصل حمد بولوز عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح ورئيس جهة الشمال الغربي بالحركة وعضو اللجنة العلمية للحركة في أداء الحركة في الجهة على مستويات مختلفة، ويحدد بدقة التحديات التي تعترض عمل الحركة خاصة منه ما يتعلق بقلة مواردها البشرية وضعف الفاعلية وعدم الاستيعاب لتوجهات الحركة وأوراقها التصورية، ويضع الأصبع على الأولويات التي ينبغي للحركة أن توليها الاهتمام في المرحلة القادمة، وفي مقدمة ذلك تقديم جواب حول المساهمة التي يمكن أن تقدمها الحركة لمسايرة التوسع والتنامي الكمي في التدين، وتحويله من تطور كمي إلى توسع نوعي، ثم البحث عن شركاء آخرين من خارج الحركة يمكن أن يتم التعاون معهم لتحقيق أهداف الحركة الاستراتيجية في إقامة الدين وإصلاح المجتمع. الأسئلة التي تفرض علينا أن نجيب عنها في المرحلة القادمة هي كيف نساهم في ترشيد التدين الذي توسع كما وضعف نوعا والتزاما؟ كيف نبحث عن شركاء ومتعاونين يحملون معنا هذا المشروع الكبير في إقامة الدين وإصلاح المجتمع؟ وكيف نقلل من خصوم القيم والثوابت ونقوي جبهة الثبات والممانعة؟ تم اختياركم منذ شهر نونبر 2006 في إطار الهيكلة الجديدة التي اعتمدتها الحركة حيث انتخبتم لقيادة جهة الشمال الغربي، كيف تقيم أداء المكتب التنفيذي الجهوي الذي ترأسونه؟ لا شك أن التقييم وخصوصا في مثل أعمالنا التربوية والدعوية والتكوينية مما يصعب ادعاء إنجازه بشكل علمي دقيق، مع استحضار الفرص والإمكانات متاحة والعقبات والتحديات الموجودة وطبيعة امتدادات العمل وآثاره في المحيط والناس، وإنما هو التسديد والمقاربة من خلال الخطط الموضوعة والمجالات الرئيسية للعمل والتعاقد مع القيادة المركزية من جهة ومع القيادات المنطقية المحلية من جهة أخرى من خلال مؤشرات محددة. ويلي التقييم العلمي الدقيق تقييم الجموع العامة والتي تحكم على أداء الهيئات من خلال المناقشات والتصويت والتجديد أو عدمه لمن يباشر إدارة التنفيذ. وكتقييم شخصي أولي، يمكن أن أبادر إلى القول بأن الحصيلة الإجمالية لا بأس بها إن لم تكن مستحسنة مع اختلاف في المجالات والتي قد يصل بعضها إلى الجيد والحسن، وينزل بعضها الأخر إلى المتوسط والضعيف، المهم أننا نمتلك بفضل الله وتوفيقه رؤية واضحة ورسالة محددة وخطط وبرامج مفصلة وعمل مؤسساتي راسخ في الشورى والتداول والشفافية في الموارد والمصاريف المادية وكذا في القوانين المنظمة والعلاقات القائمة وحقوق وواجبات الأعضاء والهيئات، وعندنا بحمد الله كنز ثمين يتمثل في صدق الاستناد إلى مرجعية الكتاب والسنة، والصدور عنهما في وضع تصوراتنا ومخططاتنا وأوراقنا، ومراعاة خصوصيات بلادنا وتاريخها وثوابتها وواقعها، واستحضار كل ذلك بقدر الوسع والطاقة في النظر والعمل، كما وعندنا من الكنوز العظيمة في علاقتنا مع جل الناس كنز الثقة والمصداقية، تحضرني هنا أمثلة حكاها لي غير واحد من إخواننا في الجهة التي نعمل بها، وتتمثل في موقف بعض من يخالفنا الرأي والتوجه ويحسبون على اليسار، عندما يتعلق الأمر بفلذات أكبادهم وخصوصا الفتيات يفضلون توجيههم للاستفادة من خدمات مؤسساتنا في الرحلات والتخييم والتنشيط الطفولي. فمقومات نجاح الأعمال الذاتية موجودة بحمد الله وإن كان من نقص عندنا فهو من جهة الفاعلية ومن جهة اختلال التوازن في حمل ثقل المسؤولية بين من تتراكم عليه المهام وبين المتخففين منها. إننا نشكو من قلة الرواحل وربما أيضا من ضعف اكتشافهم والوصول إليهم والاستفادة من عطائهم وإبداعهم. ما هي حصيلة أداء الحركة في جهة الشمال هذه المرحلة ؟ بالرغم من أن المؤمن يطمح باستمرار إلى الزيادة في الخير وعمل الصالحات، إلا أنه لا ينبغي الغفلة عن نعمة عظيمة، ألا وهي نعمة الثبات على المبدأ، والصمود في وجه الفتن، والبقاء في دائرة الالتزام. فعندما تكون مستهدفا في قيمك وهويتك وأصالتك وتبقى محافظا على صبغتك فأنت تحقق إنجازا معتبرا، والحال أننا في حركتنا المباركة وفي جهتنا لم نكتف بالمحافظة على إخواننا وأخواتنا وأبنائنا وأسرنا على العموم، وإنما كنا سببا لخير كثير وحسنات عظيمة، فما يجري في جلساتنا التربوية من تلاوة لكتاب الله ومدارسته واطلاع على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماع لدروس نافعة ومواعظ تذكر الناس بالله واليوم الآخر وما يكون من آثار ذلك في الحفاظ على الصلوات والقيام بالفرائض واجتناب الكبائر والبعد عن المحرمات ورسوخ المحبة والأخوة وأداء الحقوق والواجبات واستقرار الأسر وغير ذلك كله من أوجه الصلاح والإصلاح إنجاز كبير في ميزان الله وفي ميزان المؤمنين والمنصفين، وقل مثل ذلك في المحاضرات والندوات والدورات والمخيمات ومختلف الأنشطة الدعوية المفتوحة للعموم والخاصة بالأعضاء والمتعاطفين. ونحن كمكتب تنفيذي جهوي يصعب علينا حصر وعد هذه الأنشطة التي تحدث في الجهة، والتي تمتد في الأحياء ومقرات الحركة ومختلف المؤسسات العمومية من دور الشباب والثقافة والأندية النسوية والمؤسسات التعليمية وغيرها مما يعلن أنه باسم الحركة أو بشراكة معها أو بهيئات موازية، وإنما يمكن أن تحدث عن بعض ما باشره المكتب التنفيذي الجهوي أو بتعاون مع المناطق بحسب كل مجال مجال. وكيف كان أداء الحركة على مستوى الفكري والعلمي والفني؟ على هذا المستوى تم تنظيم الندوة الوطنية الأولى بتنسيق بين اللجنة العلمية للحركة والجهة ومنطقة طنجة أصيلة، والتي كان موضوعها المعاملات البنكية البديلة وأطرها ثلة من العلماء والخبراء، وعرفت حضورا نوعيا ومكثفا. كما نظمت ندوة جهوية في موضوع السنة النبوية بمدينة شفشاون، حضرها كل من سعد الدين العثماني وخروبات و فعاليات محلية ، وعرفت حضورا متميزا، وسيعمل مكتب الجهة على طباعة أشغال تلك الندوة بحول الله.كما أشرفت جهة الشمال الغربي وبتنسيق مع مجموعة المادحين والفاعلين في المجال الفني على تنظيم مهرجان الانشودة بطنجة في صيف .2009 عرف النشاط الشبابي والتلمذي والنسائي حراكا كبيرا داخل حركة التوحيد والإصلاح في المرحلة السابقة خاصة فيما يتعلق بتحرك الحملات التي تندرج ضمن التدافع القيمي، كيف كان أداء الجهة على هذا المستوى؟ في المجال التلمذي والشبابي يتم تنظيم ملتقيات جهوية سنوية للمسؤولين التلمذيين وملتقيات أخرى للمتفوقين والمبدعين والفاعلين من التلاميذ والشباب، وستعرف هذه الأيام نشاطا جهويا مخصصا للناجحين في الباكالوريا، وكذا دورة خاصة بالأعضاء الجدد خلال شهر رمضان بحول الله، ويتابع القسم الخاص بهذا المجال العناية أيضا بالعديد من النوادي داخل المؤسسات التعلمية، ودعم المخيمات الصيفية المتميزة، وإصدار توجيهات بشأنها مثل ما هو الشأن هذه السنة حيث كان تحت شعار:المخيم واجب دعوي واستثمار حيوي. أما بخصوص ملف المرأة والأسرة تم في هذه المرحلة عقد ملتقيين نسويين على مستوى الجهة للتواصل وتبادل التجارب والوقوف على قضايا وخصوصيات المرأة داخل الصف الإسلامي، كما تمت الاستفادة من حملة الأسرة التي نظمت في جهة البيضاء الكتبية، وتم اعتماد موعد سنوي في شهر ماي يتم فيه تكثيف الأنشطة الخاصة بالأسرة في المناطق بالجهة، وقد أبدعت العديد من المناطق خياما مفتوحة لقضايا الأسرة في جوانبها الاجتماعية والقانونية والنفسية، وكان أبرز نشاط جهوي في هذه المرحلة حملة حجابي عفتي التي تجاوز صداها إلى بعض العاملين في الحقل الإسلامي خارج الوطن، والتي استهدفت بداية تحصين الصف الداخلي ثم الوقوف بما تيسر في وجه اختراق تيار الميوعة للمتدينات والمحجبات، وتم في إطار وسائل الحملة تخصيص عدد خاص من جريدة التجديد طبع منه حوالي 8000 نسخة وتم توزيع 60 الف مطوية وبطاقة في الموضوع ، فضلا عن ملفات وملصقات وأقراص كثيرة، واجتهاد بعض المناطق في إبداع وسائل أخرى تهم الحملة، وختمت الحملة بحفل ختامي متميز حضره أكثر من 500 امرأة. يستأثر موضوع نصرة قضايا الأمة باهتمام كبير داخل الحركة، لاسيما وقد وقعت أحداث كبيرة خلال المرحلة السابقة على مستوى الصراع العربي الصهيوني، كيف وقع التجاوب من جهتكم مع التحديات التي طرحتها هذه الأحداث، وكيف كانت مساهمتكم في دعم قضايا الأمة خاصة قضية فلسطين؟ بخصوص مناصرة قضايا الأمة كفلسطين والعراق والمس بحرمة المصحف الشريف وحرمة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونظرا لخصوصية جهة الشمال الغربي حيث توجد بها العاصمة والعديد من المؤسسات الوطنية والدولية، فغالبا ما يقع على الجهة عبء تنظيم المسيرات والمهرجانات والوقفات الخاصة بتلك القضايا وكذلك الشأن في مسؤولية إنجاح الأنشطة المركزية للحركة. ما هي أهم التحديات التي واجهتموها في هذه المرحلة ؟ أعتقد أن هناك صعوبة في التوفيق بين التغيير الحضاري البعيد المدى وبين الجندية التي تحركها الأهداف القريبة المنظورة.ومن التحديات أيضا ضعف استيعاب أوراقنا وتصوراتنا في صفوف بعض إخواننا، وضعف تسويقها والتبشير بها في صفوف الأفراد والمجتمع والمؤسسات، حيث نجد إعجابا كبيرا بأوراقنا وتصوراتنا خارج المغرب عند العديد من الحركات الإسلامية والدعوية وبعض الشخصيات الوازنة، بما لا يوازيه من الإعجاب والاهتمام داخل المغرب، بل إننا نشعر أحيانا بالغربة ونوع من العزلة، رغم إيماننا بالانفتاح والتعاون مع الغير على الخير من غير تمييز بين الجهات الرسمية وغير الرسمية، فنجد أنفسنا في العديد من المعارك وحدنا، ونأسف لكثير من الملفات والقضايا بحيث لا تجد من يحمل همها إذا لم نبادر نحن إلى فعل ذلك، وهذا يرهقنا ويزعجنا في نفس الوقت ونبقى في تساؤل محير :أين الغيورون على القيم واللغة والأصالة والعفة ومقومات هذا البلد الكريم؟ ومن التحديات أيضا ضعف الإمكانات المادية والبشرية التي لا توازي في شيء الطموحات والآمال وحتى المخططات، ومن التحديات أيضا وجود تنافسية كبيرة في المادة الدينية والدعوية حيث لم يعد العضو والمتعاطف يقنع بما تيسر من مواد وبرامج في التربية والتكوين كما كان الشأن سابقا، فهناك جودة عالية في سوق الفضائيات والانترنت، تحتاج معها إلى تطوير مستمر وتجديد في المضامين والأساليب، الأمر الذي لا يتوفر دائما.هذا فضلا عن تحديات ضخمة تأتي من سياسة التمييع والتسطيح المتبعة من جهات معلومة وغير معلومة، والهجوم المباشر على العديد من القيم والثوابت وموجات التنصير والتشيع والتطبيع والشذوذ وآفات الخمر والمخدرات والإصرار على الفساد والإفساد. ما هي الأولويات التي تقدرون أن على الحركة أن توليها أهمية كبيرة في المرحلة القادمة؟ من الأولويات المقبلة بحول الله تعالى فتح أوراش كبيرة في محاور محددة تجيب عن تساؤلات من مثل: كيف نكسب رهان الفاعلية على مستوى الأعضاء والمتعاطفين معنا، وكيف نفعل أصغر وحدة من وحدات العمل عندنا؟ كيف نقوي التربية الذاتية والتكوين المستمر عند الأفراد واكتساب الزاد الإيماني والعبادي والسلوكي حتى يكون العضو والمتعاطف شعلة في محيطه يضيء ولا يحرق؟ كيف نساهم في ترشيد التدين الذي توسع كما وضعف نوعا والتزاما؟ كيف نبحث عن شركاء ومتعاونين يحملون معنا هذا المشروع الكبير في إقامة الدين وإصلاح المجتمع؟ كيف نقلل من خصوم القيم والثوابت ونقوي جبهة الثبات والممانعة والهوية الأصيلة في الاعتقاد والعمل واللسان؟