بعد أن ألحق رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو سور القدس بلائحة الآثار اليهودية عقب إلحاقحه الحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال سعيت للاتصال بعلماء وخبراء في تاريخ القدس القديمة لاجلاء حقيقة بناة ا سورها عبر العصور القديمه والقريبه حيث أرشدني عدد من الخبراء والأكاديميين والمؤرخين بالاتصال بالدكتور غزوان ياغي المختص بتاريخ القدس القديمة والذي يشغل الآن مدير متحف دمشق وآثارها اذ أنه كان قد تناول تاريخ القدس وأسوارها وبناء الحرم القدسي الشريف في عدة مؤتمرات عربية ودولية مختصة كما أنه قد شارك في المائدة المستديرة التي عقدت في وقت سابق بدمشق لدراسة الحفريات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى والبلدة القديمة برعاية منظمة الإيسيسكو والتي شارك فيها خبراء عالميون مثل الدكتور عبد الحليم نور الدين عالم المصريات والدكتور طه حمدان وكيل وزارة الآثار والسياحة الفلسطينية وأساتذة كبار سوريين وأردنيين حيث وصف الدكتور ياغي هذه المائدة بأنها من أهم اللقاءات التي بحثت موضوعية القدس عبر العصور ومن هنا كان لقائي به حيث يقول: إنه لما كانت القدس واحدة من تلك المدن العريقة ونظرا لما كانت تتعرض له من هجمات الأعداء فقد فكر أهلها بين الحين والآخر على تحصينها وحمايتها ويعتبر اليابوسيون أول من قام بتحصين القدس عندما بنوا قلعة حصينة على الرابية الجنوبية الشرقية من يابوس سميت حصن يابوس ويعرف الجبل الذي أقيم عليه الحصن بالأكمة او هضبةاوفل وسمي فيما بعد صهيون وقد أنشأ السلوقيون في موضع حصن يابوس قلعة منيعة عرفت باسم قلعة عكرا أو أكرا وبعد أن أتم اليابوسيون بناء القلعة بنوا أسوار مدينتهم مما عرف بالسور الأول في القرن الثامن عشر قبل الميلاد وكان مزودا بستين برجا يشرف منها الجند على حماية المدينة وموقع السور كان قريبا مما يعرف اليوم بباب الخليل وحي الأرمن وحتى النبي داوود إلى التلال الواقعة شرقي الحرم وقد ظل هذا السور يتهدم ويعاد ترميمه على مر العصور وبلغ ما أحصاه المؤرخون من عدد المرات التي تهدم فيها السور وأعيد بنائه سته مرات إذ أنه ليس صحيحا أن السور الأول كان من عمل الملك داوود والغالب قام بترميمه فقط وكان مزودا بستين برجا والراجح أن هذا السور كان ممتدا من الأحياء الغربية في البلدة القديمة وقد كشفت عالمة الآثار البريطانية كاثلين كنيون 1961 م في أكمه أولفل عن بقايا هذا السور الأول الذي بناه اليابوسيون . ويتابع الدكتور ياغي وحينما هاجمت مملكة إسرائيل أيام ملكها بوعاز مملكة يهودا التي كان يحكمها في ذلك الوقت ( 797 779 ق .م ) تهدم جانب من السور وفي فترة الاحتلال الآشوري قام الملك منسي ( 691 639 ق.م ) ببناء السور الثاني وكان عليها 14 برجا وعندما هاجم نبو خذونصر المدينة هدمه وبنا نحميا في عهد الحكم الفارسي ( حوالي 440 )ما تهدم من السور الذي هدم جزءا منه بطليموس عام (320 ق.م ) كما تعرض السور بعد ذلك للهدم مرتين ، مرة عند هجوم أنطونيوس على القدس عام ( 168 ق.م ) ومرة أخرى عند هجوم بومبي عام( 63ق.م ) و وفق ما ذكره الدكتور عبد الحميد زايد أن جانب من سور نحميا ظل قائما حتى أيام الملك هيرودس زمن السيد المسيح عليه السلام حيث أضاف إليه بعض الأبراج ، وقام هيرودس ( 47 44 ق.م ) ببناء السور الثالث وكان به تسعين برجا و لما دمرت المدينة عام 135 تعرض جزءا كبيرا للسور بالهدم وأقامت الملكة أيدو كوسيا زوجة الملك تيودو سيوس ( 438 443 م ) سورا جديدا قبل الميلاد لكنه هدم أيام الفرس عام 614 وأعيد بناؤه قبل غزو الصليبيين . وبعد معركة حطين وفتح القدس أعاد الناصر صلاح الدين الأيوبي بناء ما تهدم من الأسوار وجدد بعض الأبراج من باب العامود إلى باب الخليل وحفر حولها خندقا . السور الحالي أقامه السلطان سليمان القانوني من (1536 1540 ) ويوجد بهذا السور 34 برجا وله عدة أبواب بنيت في أوقات متقاربة وهي سبعة مفتوحة وأربعة مغلقة . ويبلغ طول سور القدس حوالي 4200يشكل 600 منها الجدار الشرقي والجنوبي للحرم القدسي وتختلف سماكة السور وارتفاعه من مكان لآخر حسب التضاريس الطبيعية للأرض ويبلغ ارتفاعه في بعض الأماكن 30 مترا وتزيد سماكته في معظم الحالات على مترين حتى يتمكن الحراس من السير والتنقل في أعلاه بسهولة وقد استخدمت في بنائه الأحجار الكلسية بأحجام مختلفة وفي مداميك منظمة استعملت المونة الجيرية في لحامها مما أضفى على البناء قوة ومتانة علما بان المدة التي انقضت منذ الترميم العثماني الأخير للسور تزيد على 450 سنة إلا أن هذا السور كما يقول مؤلفو كتاب كنوز القدس مازال شامخا يتحدى عوامل التلف والانهيار اللهم إلا في مناطق محددة تحتاج إلى الترميم والإصلاح للمحافظة على هذا الإرث التاريخي العظيم . وعن بوابات سور القدس يقول الدكتور ياغي أيضا : إن أبواب السور المفتوحة هي باب العامود وباب الساهرة وباب الجديد من الناحية الشمالية وباب النبي داوود وباب المغاربة من الناحية الجنوبية وباب الأسباط من الناحية الشرقية . وسمي باب العامود أيضا بباب النصر وباب دمشق وباب شكيم ويسميه الإفرنج باب إستيفان وهو من أشهر أبواب القدس والمنفذ الرئيس لها وحول تسميته باب العامود يذكر الدكتور عبد الحميد زايد في كتابه القدس الخالدة : إن القدس كانت في العهد المسيحي تصل حتى دمشق ، وباب الخليل ذكره المقدسي باسم باب محراب داوود ويسمى أيضا باب يافا وهو من المداخل الرئيسة للمدينة ويعتبر من أكبر أبواب مع باب العامود وتقع بجانبه قلعة داوود والبرج وهو مبني من الحجر الوردي وقد فتح به ثغرة في الجزء المتصل بالقلعة حتى يدخل منه إمبرطور ألمانيا غليوم الثاني بجواده وفي منتصف القرن التاسع عشر وبعد أن أقيمت ضواحي غرب السور الغربي للمدينة القديمة كان باب يافا هو الوحيد الذي لا يغلق من الصباح إلى الغروب وكان يسمح لسكان الضواحي بالدخول منه وكانت هذه الأبواب السبع تغلق عند الغروب حتى أواسط القرن التاسع عشر الميلادي وتفتح عند الفجر ما عدا باب الخليل ولما اتسعت مدينة القدس وامتد البناء خارج الأسوار حوالي عام 1858 فتحت الأبواب كلها . أما أبواب السور المغلقة فهي أربعة الباب المفرد والباب المزدوج والباب الثلاثي والباب الذهبي الذي يقع على بعد 200 متر من باب الأسباط في الحائط الشرقي للسور ويعود إلى العصر الأموي وله طريق مزدوج وقد زود بمبان فاخرة تعد من أفخم ما أخرجته العمارة في القدس وكان في مستوى ينخفض عن المباني التي تجاوره ومعبد جبل موريا الذي يمتد إلى خارج السور والطريق الجنوبي للباب الذهبي يسمى باب الرحمة والشمالي يسمى باب التوبة ويقال : إن الإمبرطور هرقل عندما دخل القدس عام 629 جاء عند الباب الذهبي ومعه الصليب الأصلي الذي أخذه الإمبرطور البيزنطي من الفرس غنيمة حرب حينما غزا البيزنطيون القدس عام 624 وثمة اعتقاد عند بعض المسيحيين أن المسيح عليه السلام سوف يدخل المعبد في يوم جمعة من الباب الذهبي وهو ما دفع بعض الولاة العثمانيين إلى إغلاقه ويسمى الباب الذهبي عند المسلمين باب الأبدية ويوجد عامودان كبيران داخل عمارة الباب يعتقد البعض أن ملكة سبأ أحضرتهما للملك سليمان والأبواب الثلاثة المغلقة الأخرى تقع في الحائط الجنوبي من السور قرب الزاوية الجنوبية الشرقية وتؤدي جميعها إلى داخل الحرم مباشرة وتشير الأدلة إلى أنها أنشأت في العهد الأموي في عهد عبد الملك بن مروان وسميت البوابة الثلاثية كذلك لأن لها ثلاثة أقواس والثنائية تسمى أيضا خلدة ويعتقد اليهود أنها كانت تؤدي إلى مدخل تحت الأرض متجهة إلى جبل موريا أما البوابة الوحيدة فتقع خارج الحائط الجنوبي للحرم الشريف ويقال أنها كانت تؤدي إلى ممرات وسراديب تحت الأرض تصل إلى أسفل المسجد الأقصى . ويقول الأستاذ يحيى فرحان ما عثر عليه من آثار أبواب قديمة تحت باب العامود يدل على أن تحت الأبواب الحالية أبوابا أخرى قديمة ترقى إلى عهود سابقة وأقيم في العهد الروماني عامود في الميدان خلف بوابة دمشق وكان الرومان يستخدمونه نقطة يقومون منها بقياس المسافات من القدس إلى المدن الأخرى في المنطقة على اعتبار أن القدس مركز العالم وقد أقيم في هذا العامود في القرن السادس الميلادي وهذا الباب بصورته الحالية نموذج كلاسيكي للعمارة الإسلامية وقد تم بناؤه أيام السلطان القانوني عام 1537 وقد نقش عليه بالخط الكوفي لا إله إلا الله محمدا رسول الله وله مدخلان ويحيط به برجان . باب الساهرة ويسمى باب الزاهرة وقد ذكره المقدسي باب جب أرميا ويسميه الإفرنج باب هيردوس وأيضا باب مادلين ويسمى أيضا باب الغنم حيث كانت تقام بالقرب منه منذ القدم سوق أسبوعية للغنم كذلك يسمى باب الأسود لوجود نقش في الجزء العلوي يمثل أربعة اسود ويعتقد البعض أن البعث سيكون إلى الشرق من القدس على جبل الساهرة وسمي الباب باسم باب الساهرة لقربه من الجبل . باب الجديد ويسمى أيضا باب السلطان عبد الحميد وباب القديس عازار وقد فتح في عهد السلطان عبد الحميد في الجانب الشمالي للسور على بعد كيلو متر تقريبا غربي باب العامود ويعود تاريخ افتتاح هذا الباب إلى 1898 عندما زار الامبرطور الألماني غليوم الثاني المدينة وقد أغلق هذا الباب عام 48 بسبب تقسيم القدس بين العرب واليهود ثم أعيد فتحه عام 67 بعد احتلال إسرائيل للقدس الشرقية . باب النبي داوود ويسمى أيضا باب صهيون وتظهر فيه العمارة العسكرية من حيث الفخامة والارتفاع والبرج الحجري الذي كان يستعمل للمراقبة ورمي السهام وصب الزيت المغلي على الأعداء المهاجمين وسمي كذلك لاعتقاد المسلمين أن سيدنا داوود عليه السلام مدفون في مكان قريب منه وهو باب كبير بالنسبة للباب الجديد وباب الساهرة . باب المغاربة يسمى أيضا باب سلوان وباب الدباغة ويسميه الإفرنج باب المغارة أو باب القمامة وهو أصغر أبواب القدس وموجود منذ العصور الوسطى ويرجح البعض أن اسمه يرجع إلى العهد الفاطمي عندما حدثت خلاله هجرة إفريقية من بلاد المغرب إلى القدس وكان هذا الباب مغلقا بصفة دائمة خلال العصر العثماني ، ويذكر أن اليهود قد استولوا في 31 أغسطس 1967 على مفتاح هذا الباب لتيسير الدخول إلى حائط البراق ( المبكى ) كلما أرادوا وتم ذلك بإيعاذ من شلومو غورين الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي . باب الأسباط ويعرف أيضا باسم سيتنا مريم وباب القديس ستافينوس وهذا الباب هو المدخل الشرقي الرئيس للمدينة ويستطيع الناس أن يدخلوه بسياراتهم حتى نهاية طريق المجاهدين ويعتبر أيضا من أقرب الأبواب إلى الحرم القدسي علما بأن إسرائيل قد قصفت هذا الباب في حرب 67 بالمدفعية الثقيلة وحطمت قسما كبيرا منه . ذ.سمير سعد الدين