أنا شخصيا لم أسمع قط مصطلح الراس المال الغير المادي إلا بعد إثارته من طرف جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش ودعوته المجلس الاقتصادي والاجتماعي الى القيام بدراسة لقياس الثروة الاجمالية الحقيقية للمغرب ، مفهوم جديد تتحدث عنه مجموعة من التقارير الدولية المتخصصة في حساب ثروات الدول. وحسب الخبير المغربي في العلوم الاقتصادية الدكتور عمر الكتاني وهو أستاذ جامعي فان المقصود بالرأس مال غير المادي هو الرأس المال البشري وهو أساس كل ثروة حقيقية في البلاد . وعليه فإن أردنا أن نتحدث عن الرأس المال الغير المادي في الإدارة العمومية ، فإننا سنتحدث عن الموظف العمومي ذلك الكائن الشهري الذي هو العمود الفقري وأساس كل ثروات البلاد، لأنه لولاه لما أنجزت التقارير ولا الدراسات ولا سلمت الرخص ولا فرضت الجبايات ولا روقبت المشاريع ولا عوينت المخالفات ولا سددت الغرامات ولا، ولا، ولا، ولا........غير أن هناك صفات لا بد من توفرها في هذا العنصر البشري وهي : أولا : القدرة الجسمانية والعقلية على تحمل المسؤولية للقيام بالمهام المنوطة به. ثانيا: التحلي بالاخلاق الحميدة والضمير المهني الحي. بناءا على هاتين الصفتين يمكن القول بان الإدارة العمومية تعاني من تواجد مجموعة كبيرة من الموظفين من بهم علل كثيرة ومختلفة بدءا من مرض السكري ومرض الروماتيزم ومرض الجهاز الهضمي وغازات البطن وامراض القلب والشرايين وارتفاع الضغط والكوليستيرول والقلق والاكتئاب والسياتيك وغيره من الأمراض المزمنة وبالتالي فان القدرة الجسمانية والعقلية على تحمل المسؤولية أصبحت معتلة ومختلة. والصفة الثانية فلا يختلف اثنان بان المحسوبية والرشوة واستغلال النفوذ وانعدام الضمير المهني وانعدام الكفاءة وعدم العلم بأصول المهنة هي السمة الغالبة في إداراتنا وهي منبع جميع الانتقادات الموجهة للادارات بصفة عامة. وهنا نطرح السؤال ، إذا كان هذا هو حال عنصرنا البشري فما الفائدة التي سنجنيها من اضافة خمس سنوات في سن التقاعد؟ ونحن نرى أن مجموعة كبيرة من الموظفين لا يستطيعون الصعود الى مكاتبهم بسبب عدم وجود مصاعد كهربائية. ومجموعة كبيرة مصابة بمرض السكري وهي كثيرة التبول ومعظم الادارات تنعدم فيها المراحيض ويقضي أغلب الموظفين حاجاتهم بالمقاهي القريبة بمقرات عملهم والمواطنون ينتظرون في طوابير رجوع ذلك الموظف. ولا ننسى قلة النظر التي يتميز بها معظم الموظفين وارتداءهم للنظارات الطبية ان لم يكن منذ توظيفهم فمنذ بلوغهم سن الاربعين وفي سن الستين " يبقى غي يتفتف". فما بالك في سن الخمسة والستين . هذا ونحن نتحدث عن الذكور فما بالك ان تحدثنا عن النساء الموظفات فستصبح اداراتنا بها جداتنا جالسات في المكاتب وتقمن بأعمال الادارة وننتظر منهن السير قدما بها الى الامام. فنصيحتي الى كل مهتم بالتقاعد وقبل اتخاذ القرار حطوا نصب أعينكم قول الاباء والاجداد : " من عشرين للاربعين : صحة وزين" " من الاربعين للخمسين كحة وتهرنين" " من الخمسين للستين يبات مع الموتى ويصبح مع الحيين" ولم يتحدثوا لنا عن ما فوق الستين لأنه بكل بساطة تكون مدة الصلاحية قد انتهت ، ودخل مرحلة الاستعداد البدني والنفسي للاخرة ، فرفقا بمتقاعدينا واتركوهم يهيئون أنفسهم للقاء ربهم في طمأنينة دون قلق وتوتر ، تحت شعار: " أنا شيباني ، خليوني نكمل ما بقا من حياتي هاني "