أوقفت المصالح الأمنية يوم فاتح يوليوز الجاري بتنسيق مع إدارة المحطة الطرقية بوجدة ومركز الشرطة المتواجد هناك مجموعة من السوريين ذكورا وإناثا كانوا بصدد مغادرة مدينة وجدة نحو مدن مغربية أخرى بعدما قدموا للمحطة الطرقية عبر الشريط الحدودي البري الفاصل بين المغرب والجزائر. وكانوا خمسة أسر (ستة نسوة وأربعة رجال إضافة إلى عشرة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 8 و14 سنة) ينحدرون كلهم من مدينة حمص السورية التي فروا منها بسبب جحيم الحرب التي يشنها نظام الطاغية بشار الأسد. للتذكير،فقد سجلت سنة 2012 المصالح الأمنية بوجدة توقيف حوالي مائة شخص يحمل الجنسية السورية تم التعامل معهم بشكل خاص،حيث يتم إيوائهم كخطوة أولى في أحد الفنادق بالمدينة في انتظار التنسيق مع جمعيات مدنية مهتمة،لأن حالتهم لا يسري عليها القانون الخاص بالترحيل نظرا لوجود قاصرين وكذا الظروف القاسية والأوضاع الأمنية المزرية والمتردية التي تشهدها سوريا نتيجة الحرب الأهلية الطاحنة هناك،في انتظار مساعدتهم من خلال التنسيق مع جمعيات حقوقية من أجل الحصول على بطاقة لاجئ من طرف المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن طريق فرعها المتواجد بالعاصمة الرباط حتى يتسنى لهم التجول والاستقرار في البلاد دون مطاردة أمنية.وسجلت بداية سنة 2013 دخول خمس عائلات تتكون من حوالي 36 فردا منهم 20 طفلا وطفلة.والمرجح أن يكون عدد اللاجئين السوريين الذين دخلوا عبر الشريط الحدودي بين المغرب والجزائر أكثر من هذا الرقم الذي تم سجلته المصالح الأمنية بوجدة،إذ يصعب على مختلف المصالح الأمنية ضبط تحركات هجرة البشر نظرا لشساعة الشريط الحدودي الذي يفوق طوله 600 كيلومتر في ظل وجود شبكات منظمة ومهيكلة تنشط بشكل مكثف في عملية تهجير البشر من وإلى المغرب مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 300 و500 درهم للفرد. و"حكايات هؤلاء السوريين الهاربين إلى المغرب تكشف المعاناة الفعلية التي يعيشها هؤلاء الهاربون من جحيم بشار الراغبون في عيش حياتهم العادية بعيدا عن آلة القتل التي اختارها النظام السوري سبيلا لقمع المحتجين ضده.هم مجرد مواطنين عاديين،لفظهم بلدهم الأم سوريا،وتلقفتهم مدن مغربية،وأفردت لهم مكانا للعيش الآمن،بعيدا عن ويلات الحرب المستعرة،التي يقودها نظام حكم شرس، اتخذ من سياسة الأرض المحروقة وسيلة للتشبث بالكرسي،ومعارضة اختارت البندقية والمواجهات المسلحة طريقها نحو التغيير.أسر سورية معدودة على رؤوس أصابع اليدين،تمكنت من تجاوز كل إكراهات الحدود التي تفصل بين الدول العربية، واجتازت وعورة كل التضاريس التي تفصل بين مشرق الوطن العربي ومغربه،بحثا عن ملاذ آمن في المملكة المغربية.و زيارة السوريين المستقرين ببعض المدن المغربية، قد لا تمنح زائريهم فرصة الاستماع لحكايات الفارين من سوريا وحسب، بل تقدم لهم أيضا فرصة التعرف على التعامل المغربي مع أفراد شعب تقاسم معهم المغاربة دمهم ذات يوم من 1973". وسبق أن توقعت مصادر من الخارجية المغربية،استمرار تدفق اللاجئين السوريين إلى المغرب، في ظل توافر معطيات تؤكد أن عدداً كبيراً منهم وصل إلى تونس والجزائر،في انتظار التحول إلى المغرب،بسبب استقرار البلاد،وموقف المساندة الذي تتبناه الرباط،من القضية السورية.وقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين،إن المغرب يظل الوجهة المفضلة لدى اللاجئين السوريين،وذلك بفضل الاستقرار الذي يعرفه المغرب،وعدم تأثره بثورات الربيع العربي،مقارنة مع منطقة الشرق الأوسط وبعض بلدان شمال إفريقيا في إشارة إلى ثورتي الياسمين في تونس،والثورة الليبية اللتين أطاحتا بالرئيسين زين العابدين بن علي والعقيد معمر القذافي.وتتوقع مصادر "المنعطف" أن تشهد الأسابيع المقبلة،تدفقا كبيرا للاجئين السوريين،الذين يرون في المغرب بوابة للتحول إلى أوروبا،كونه يعد أقرب معبر نحو دول الشمال.وتستفيد الجالية السورية المقيمة بالمغرب،من بطاقة إقامة تجدد سنويا،علما بأن هناك سوريين مقيمين بالمغرب لأزيد من أربعين سنة.ونددت الجالية السورية المقيمة بالمغرب، بما يجري في سوريا،وذلك من خلال وقفة احتجاجية نظمتها بساحة البريد،وسط العاصمة الرباط السنة الماضية.ورفع المشاركون شعارات ولافتات تدعو إلى رحيل بشار الأسد، وإسقاط نظامه،وحل حزب البعث.وطالبوا في بيان لهم ب "التدخل الدولي والعاجل لوقف المجازر الوحشية في سوريا"،وعبر المحتجون عن إرادتهم في أن يقوم المغرب باتخاذ "موقف ضاغط في مجلس الأمن،يعكس ما نراه يوميا من التعاطف الرسمي والشعبي مع ما يحدث في سوريا"،مشيرين إلى "أن للمغرب اليوم دورا محوريا في حل المشكلة في سوريا من خلال دوره المزدوج في مجلس الأمن وجامعة الدول العربية.كما أن المغرب احتضن اجتماع مجموعة أصدقاء سوريا،وقال رئيس الدبلوماسية المغربي سعد الدين العثماني "إن قرار استضافة المؤتمر المقبل يندرج ضمن منطق التزام المغرب باستقرار ووحدة سوريا ووقف العنف ضد الشعب السوري". وبالرغم من أن عدد اللاجئين السوريين مازال محدودا إلا ان حضورهم في المدينة أصبح ظاهرا للعيان،أحدهم ممن يقيمون في إحدى مدن الجهة الشرقية صرح ل"المنعطف" بأن "الزيارة الإنسانية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس للمرضى والجرحى من اللاجئين السوريين الذين يتلقون العلاجات بالمستشفى الميداني العسكري المغربي بمخيم الزعتري في الأردن لم تكن لتمر دون أن يكون لها الأثر العميق والصدى الطيب والوقع الحسن في نفوس هؤلاء اللاجئين المكلومين والمكتوين بحرقة اللجوء.فقد عجز هؤلاء اللاجئون ولسان حالهم يردد هل من مغيث من هذه المحنة العصيبة،عن كبح جماح مشاعرهم وهم يرون جلالة الملك يتفقد عن كثب أحوالهم الصحية وأوضاعهم المعيشية داخل المستشفى في مبادرة تعكس بجلاء التزاما وحسا إنسانيا عز نظيره.وكيف لا يكون هذا حالهم والأمر يتعلق بزيارة عاهل المملكة المغربية لهؤلاء اللاجئين الذين أخذ منهم اليأس كل مأخذ بعد أن تركوا يواجهون مصيرا غامضا إن لم يكن مجهولا.والواقع أن مبادرة جلالة الملك الكريمة أحيت فيهم الأمل وأعادت البسمة لمحياهم بعد أن فارقتهم طيلة شهور تكبدوا خلالها معاناة البعد عن الوطن وفراق الأهل".وأضاف مخاطبنا السوري بأن "مبادرة جلالة الملك محمد السادس،تعد التفاتة إنسانية نبيلة وعميقة تعكس بجلاء الالتزام الشخصي الإنساني لجلالته تجاه القضايا الإنسانية وحرصه الدائم،على بلورة قيم التضامن والتكافل والتآزر لتضميد جروح الشعب السوري في هذه الظروف العصيبة.كما أتت من أجل تخفيف العبء على المملكة الأردنية ومواكبة جهودها المحمودة في استضافة اللاجئين السوريين،خاصة وأنها تشهد منذ شهور تدفقا كبيرا لهؤلاء اللاجئين الفارين من العنف المتزايد ببلدهم.كما تعكس مبادرة جلالة الملك الاهتمام البالغ والعناية الفائقة التي ما فتئ يوليها للفئات المستضعفة وفي مقدمتها الأطفال والنساء،خاصة وأن هاتين الفئتين هما الأكثر تضررا من ويلات الحروب والنزاعات".