جلالة الملك محمد السادس يتفقد جرحى سوريا بمخيم الزعتري بالأردن وزيارته تترك أثرا طيبا في نفوس اللاجئين المكلومين لم تكن الزيارة الإنسانية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس للمرضى والجرحى من اللاجئين السوريين الذين يتلقون العلاجات بالمستشفى الميداني العسكري المغربي بمخيم الزعتري في الأردن٬ لتمر دون أن يكون لها الأثر العميق والصدى الطيب والوقع الحسن في نفوس هؤلاء اللاجئين المكلومين والمكتوين بحرقة اللجوء. فقد عجز هؤلاء اللاجئون٬ ولسان حالهم يردد «هل من مغيث من هذه المحنة العصيبة»، عن كبح جماح مشاعرهم وهم يرون جلالة الملك يتفقد عن كثب أحوالهم الصحية وأوضاعهم المعيشية داخل المستشفى٬ في مبادرة تعكس بجلاء التزاما وحسا إنسانيا عز نظيره. وكيف لا يكون هذا حالهم والأمر يتعلق بزيارة عاهل المملكة المغربية لهؤلاء اللاجئين٬ الذين أخذ منهم اليأس كل مأخذ بعد أن تركوا يواجهون مصيرا غامضا إن لم يكن مجهولا. والواقع أن مبادرة جلالة الملك الكريمة أحيت فيهم الأمل وأعادت البسمة لمحياهم بعد أن فارقتهم طيلة شهور تكبدوا خلالها معاناة البعد عن الوطن وفراق الأهل. غادر جلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بسمو الأمير مولاي رشيد، عمان أمس الجمعة متوجها إلى دولة قطر، وذلك في ختام زيارة العمل الرسمية للمملكة الأردنية الهاشمية . وكان جلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بسمو الأمير مولاي رشيد، قد قام بعد ظهر أول أمس الخميس، بزيارة للمستشفى الميداني الطبي الجراحي المغربي الذي أقامه المغرب بمخيم (الزعتري) للاجئين السوريين في محافظة المفرق (شمال شرق الأردن)، وسلم جلالته هبتين لفائدة اللاجئين السوريين المقيمين بالمخيم، كما اطلع على مكونات المستشفى والخدمات التي قدمها منذ عاشر غشت الماضي الى غاية 15 اكتوبر الجاري، لما مجموعه 22 ألف و805 لاجئ. وبرفقة سمو الأمير مولاي رشيد والأمير غازي بن محمد رئيس بعثة الشرف، قام جلالة الملك، بجولة في مختلف مرافق وأقسام المستشفى، حيث وقف على الأوضاع الصحية لعدد من اللاجئين واللاجئات وأطفالهم الذين يتلقون العلاجات بالمستشفى. وسلم جلالته للطبيب الرئيس للمستشفى هبتين لفائدة اللاجئين السوريين بمخيم الزعتري، هبة مؤسسة محمد الخامس للتضامن، تتمثل في 6 آلاف من الأغطية، خمسة آلاف منها موجهة لكبار السن وألف غطاء خاص بالرضع والأطفال وسبع حاضنات للمواليد الجدد وألف وحدة من مستلزمات الرضع الطبية منها والوقائية، وهبة الوكالة المغربية للتعاون الدولي التي تشمل كميات من الأدوية وأجهزة طبية ومواد غذائية. وتعد مبادرة جلالة الملك محمد السادس، التفاتة إنسانية نبيلة وعميقة تعكس بجلاء الالتزام الشخصي الإنساني لجلالته تجاه القضايا الإنسانية وحرصه الدائم، على بلورة قيم التضامن والتكافل والتآزر لتضميد جروح الشعب السوري الشقيق في هذه الظروف العصيبة. كما تأتي من أجل تخفيف العبء على المملكة الأردنية ومواكبة جهودها المحمودة في استضافة اللاجئين السوريين، خاصة وأنها تشهد منذ شهور تدفقا كبيرا لهؤلاء اللاجئين الفارين من العنف المتزايد ببلدهم. كما تعكس مبادرة جلالة الملك الاهتمام البالغ والعناية الفائقة التي ما فتئ يوليها للفئات المستضعفة وفي مقدمتها الأطفال والنساء، خاصة وأن هاتين الفئتين هما الأكثر تضررا من ويلات الحروب والنزاعات. وارتباطا بهذه الزيارة، أكد وزير الصحة الحسين الوردي أن المستشفى العسكري الميداني الطبي الجراحي الذي أقامه المغرب بمخيم الزعتري مبادرة عملية ذات بعد إنساني كبير. وقال الوردي، في تصريح صحفي، إن المستشفى الميداني العسكري «مبادرة عملية لها بعد إنساني كبير لدعم الشعب الأردني الشقيق الذي يعاني جراء استقبال آلاف اللاجئين السوريين». وأبرز الوزير، أن هذا المستشفى الذي أقيم بأمر من جلالة الملك محمد السادس، يقوم بعمل جبار، مضيفا أنه استقبل لحد الآن 24 ألف و883 مريضة ومريض جلهم من الأطفال (11 ألف) والنساء (7 آلاف)، كما أقيمت فيه 136 عملية جراحية منها 92 لمن أصيبوا بطلقات نارية جراء الوضع المتدهور في سورية. وأكد الوردي أن المستشفى العسكري الميداني بمخيم الزعتري «يشرف» المغرب، مشيرا إلى أنه يضم أكثر من 20 تخصصا ويعمل داخله 27 طبيبا متخصصا و50 ممرضا وممرضة وأعوانا، وهو مجهز بالتكنولوجيات الحديثة والمستلزمات الطبية والبيو-طبية. وقال وزير الصحة إن زيارة جلالة الملك محمد السادس لهذا المستشفى الميداني «تشكل دفعة قوية لمهنيي القطاع لبذل مزيد من الجهود والعطاء». وكان جلالة الملك محمد السادس قد أجرى، أول أمس الخميس بقصر الحمر بعمان، مباحثات على انفراد مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وصفها وزيرا الشؤون الخارجية والتعاون سعد الدين العثماني ونظيره الأردني ناصر بالبناءة والمهمة، مؤكدين أنها تركزت على تطوير التعاون المشترك سياسيا واقتصاديا بين البلدين الشقيقين. وأوضح الوزيران في تصريحات لوكالة الأنباء الاردنية (بترا)، أن قائدي البلدين أكدا حرصهما على ضرورة العمل على توسيع مجالات التعاون المشترك، وتبادلا وجهات النظر حيال القضايا التي تواجه المنطقة العربية. وأبرز العثماني في هذا الإطار، أنه تم الاتفاق على تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، وعلى عقد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين العام المقبل، لتحسين التعاون بينهما وتطوير الاتفاقيات الثنائية المتربطة بذلك. ومن جهة أخرى، أكد العثماني إرادة المغرب دعم جهود الأردن في استضافة اللاجئين السوريين، وتقديم المزيد من الدعم لهم بالإضافة إلى الدعم المتمثل في إقامة المستشفى الميداني بالقرب من مخيم الزعتري، مؤكدا أن جانبا مهما من زيارة جلالة الملك محمد السادس للأردن تركز على هذا الجانب. ومن جانبه، أكد ناصر جودة أن زيارة جلالة الملك محمد السادس إلى الأردن تهدف إلى إعطاء دفعة للعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، مشيرا، إلى أن القمة التي عقدها زعيما البلدين بحثت ملفات مهمة تتصل بالأوضاع المتطورة في المنطقة، خاصة سورية والقضية الفلسطينية. وأوضح جودة في هذا الإطار، أنه تم كذلك بحث الوضع الإنساني للأشقاء في سورية، وتداعياته على المنطقة عموما وعلى الأردن الذي يستقبل أكثر من مئتي ألف لاجئ سوري، بشكل خاص. وأضاف أن الوضع المتصل بالقضية الفلسطينية شغل بدوره جانبا مهما في هذه المباحثات، معبرا في هذا السياق عن تقدير بلاده للجهود التي يبذلها جلالة الملك محمد السادس في دعم القدس من خلال رئاسته للجنة القدس.