أين دراجتي الصديق كبوري/ بوعرفة وفيديو أغنية المغفور له عبد الله المكانة حول سرقة دراجته انطلاقا من العنوان قد يتبادر إلى ذهن القارئ أن الأمر ربما يتعلق بمسلسل مدبلج رخيص من بين المسلسلات التي تقدمها القنوات التلفزية المغربية البعيدة عن نقل هموم وآلام المغاربة ، و المستفزة لمشاعرهم بدون مبالاة ، وغير العابئة بانشغالاتهم ، رغم أنها تمول من جيوبهم بيد أن الأمر ليس كذلك ، فالعنوان يحيل على قصة حقيقية ، أحداثها وقعت بالفعل ، وأشخاصها موجودون في الزمان والمكان . وان كان القاسم المشترك ربما بين هذه الحكاية والمسلسلات المذبلجة هي كثرة الحلقات ، إذ أن عدد الحلقات بالنسبة للمسلسلات المدبلجة تستمر لشهور وربما لسنوات ، وهو ما ينطبق أيضا على القصة التي سأرويها على مسامعكم . واليكم الحكاية :
في يوم 18 ماي 2011 ببوعرفة نظمت بعض الإطارات المدنية احتجاجات سلمية أمام مقر العمالة للمطالبة بالشغل بالنسبة للمعطلين واحترام الحقوق الشغلية بالنسبة للعمال ،كان الاحتجاج سلميا مائة بالمائة ، مقتصرا على حمل اللافتات وترديد الشعارات ، لكن أمام تجاهل مطالبهم ، وعدم الاستجابة للحوار ، أقدم بعض المعطلين على إحراق ذواتهم على شاكلة الشهيد التونسي البوعزيزي . تضامن بعض سكان بوعرفة مع المحتجين، ونظموا مسيرة سلمية جابت أهم أحياء المدينة لتنتهي أمام مقر العمالة ، إلا أن القوات العمومية تدخلت بعنف دون احترام للمساطر القانونية المنصوص عليها في ظهير الحريات العمومية ، فترك المحتجون المكان تاركين خلفهم أغراضهم الخاصة كالدراجات الهوائية والنارية والحقائب اليدوية بالنسبة للنساء والمحافظ بالنسبة للتلاميذ والهواتف النقالة والأحذية الخ. حضر عمال البلدية فقاموا بنقل أغراض وحاجيات المواطنين التي خلفوها بمكان التظاهر بواسطة شاحنة تابعة للمجلس البلدي . باعتباري شاركت في الاحتجاج يوم 18 ماي 2011 في إطار ممارسة حقي في التعبير السلمي عن الرأي ، و بعد التدخل غير مبرر للقوات العمومية تركت المكان مخلفا ورائي دراجة هوائية وحقيبة بها بعض الكتب . اعتقلت يوم 26 ماي 2011 بشكل تعسفي وتمت محاكمتي محاكمة صورية وظف فيها القضاء من اجل الانتقام السياسي ، فأدانتني المحكمة الابتدائية بسنتين ونصف ، وخفضت العقوبة إلى سنتين على مستوى الاستئناف، قضيت منها ثمانية أشهر وعشرة أيام قبل أن يتم الإفراج عني بمناسبة عيد المولد النبوي عن طريق عفو ملكي جزئي . بعد مغادرتي السجن عقدت العزم على استرداد دراجتي وأغراضي الشخصية ، فتوجهت إلى بلدية بوعرفة لعلي أجدها بمحجز البلدية لكنني لم أجد لها أي اثر . توجهت إلى الكوميسارية لعلي أجدها هناك ، عرض علي رجال الأمن كل الدرجات التي تم جمعها في مناسبات متعددة من الشارع العمومي إلا أن دراجتي لم تكن من بين الدراجات المعروضة . توجهت إلى مقر الباشوية لعلي أجد الدراجة في مأرب من المآرب التابعة للسلطة المحلية ، إلا أن رجال السلطة اخبروني بعدم وجودها . الغريب في الأمر هو انه أثناء البحث عن دراجتي ، كنت اسمع عبارات الاستخفاف ، فالأمر يتعلق بمجرد دراجة هوائية ، بل أن البعض عبر عن الاستعداد لإهدائي دراجة ، لاستريح من رحلة البحث السيزيفية عن دراجتي . لكل هؤلاء أقول بان الأمر ليس مجرد دراجة فقط ، بل يتعلق بقوانين يجب أن تطبق وتحترم ، فالقانون ينص على أن كل الممتلكات التي يتم التخلي عنها في الأمكنة العمومية توضع في المحجز ، وبعد مرور مدة معينة وإذا لم يسال عنها أصحابها تخضع للسمسرة العمومية وفق الإجراءات المنصوص عليها في القوانين المنظمة . فهل القانون معطل ببوعرفة ؟ للجواب عن هذا السؤال أصرح بالإيجاب ، فبالفعل فالقانون معطل في المدينة ، وسيضل معطلا حتى يلمس المواطن ما يثبت العكس ، وسأضل أنا شخصيا اعتقد نفس الشيء ، حتى أرى بأم عيني احترام القوانين من طرف الجميع . في يوم الأربعاء 8 غشت 2012 – أي اليوم - وصلتني أخبار مؤكدة بان الدراجات الهوائية والنارية التي تم جمعها بعد أحداث 18 ماي 2011 تم وضعها بمرأب بمقر الوقاية المدنية وأنها تحت مسؤولية المجلس البلدي ببوعرفة توجهت مرة أخرى إلى بلدية بوعرفة فقابلت السيد الكاتب العام للجماعة الذي أكد لي بالفعل بان أغراض المواطنين التي تم جمعها بعد أحداث الأربعاء الأسود موجودة بالمحجز، وهناك تعليمات من السلطة بعدم تسليمها لأصاحبها إلا بإذن وموافقة السلطة المحلية . توجهت إلى السيد باشا المدينة لعله يعطي أوامر الإفراج عن دراجتي ، تفهم الباشا مطلبي ، و وعدني في اللقاء بأنه سيفعل كل ما في وسعه لاسترد الدراجة وفقا للإجراءات والمساطر المعمول بها . لا أخفيكم أنني متشبث أكثر من أي وقت مضى بدراجتي ولن أرضى عنها بديلا ، وسأعمل ما بوسعي من اجل استردادها سالمة ، خاصة وان هذه الدراجة أيضا تلقت نصيبا أوفر من التهم من طرف النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية ببوعرفة ، التي ارتأت ضرورة إبادتها خارج إطار القانون باعتبارها كانت أداتي ووسيلتي في التحريض . كما لا أخفيكم أيضا أنني في خضم البحث عن دراجتي تذكرت أغنية شهيرة للفنان الشعبي عبدالله المكانة كان يغنيها بساحة سيدي عبدالوهاب بوجدة وبالأسواق الأسبوعية بالجهة الشرقية يصور فيها بأسلوب كوميدي ساخر تعرض دراجته للسرقة بعد توجهه لمركز صحي قصد العلاج . إن الفرق بيني وبين عبدلله المكانة أنني لن استعين بالقدر وبركة الأولياء والدعاء للانتقام من السارق ، بل سأستمر في البحث عن دراجتي ، مطالبا المسؤولين بضرورة احترام القوانين ، لأنه لا معنى لوجود القانون إذا لم يحترم ، وتحديدا من طرف الجهات المفروض فيها إعمال وتنفيذ القوانين . والى ذلك الحين ترقبوا حلقات أخرى من هذا المسلسل المشوق أو الرديء فالأمر سيان ، وبدل عنوان أين دراجتي ؟ أعدكم بعناوين أخرى من قبيل : - البحث عن سارق دراجتي . - الدراجة الملعونة . - ليلة القبض على دراجتي . - أنا ودراجتي والآخرون . - طريق البحث عن دراجتي...الخ