رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    "برلمانيو الأحرار" يترافعون عن الصحراء    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    المنتخب النسوي يفوز وديا على غانا    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    "طلب رشوة" يورط عميد شرطة    حادث سير يصرع شابة في الناظور    "الفوبريل" يدعم حل نزاع الصحراء    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    السلطات المغربية تحدد موقع مدخل نفق لتهريب المخدرات بين سبتة المحتلة والفنيدق    نادي القضاة يصدر بلاغاً ناريا رداً على تصريحات وزير العدل بشأن استقلالية القضاء    المدير السابق للاستخبارات الفرنسية للأمن الخارج: المغرب كان دائما في طليعة مكافحة الإرهاب    طقس السبت .. امطار مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    أزولاي: البصمة المغربية مرجع دولي لشرعية التنوع واحترام الآخر    اختتام القمة العربية المصغرة في الرياض بشأن غزة من دون إصدار بيان رسمي    صراع مغربي مشتعل على عرش هدافي الدوري الأوروبي    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين تحت شعار: «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع الديمقراطي التنموي»    قرعة دور ال16 لدوري الأبطال .. ريال مدريد في معركة مع "العدو" وباريس يصطدم بليفربول … والبارصا ضد بنفيكا    استقر في المرتبة 50 عالميا.. كيف يبني المغرب "قوة ناعمة" أكثر تأثيرا؟    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    إيفاد أئمة ووعاظ لمواكبة الجالية المغربية بالمهجر في رمضان    الملك محمد السادس يحل بمطار سانية الرمل بتطوان استعدادًا لقضاء شهر رمضان في الشمال    الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تحدد تعريفة استخدام الشبكات الكهربائية للتوزيع ذات الجهد المتوسط    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    مليلية المحتلة تستقبل أول شاحنة محملة بالأسماك المغربية    نتنياهو يزور طولكرم ويهدد بالتصعيد    المغرب يشارك في الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان    الرجاء يعلن منع تنقل جماهيره إلى مدينة القنيطرة لحضور مباراة "الكلاسيكو"    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    المندوبية السامية للتخطيط تسجل ارتفاعا في كلفة المعيشة في المغرب    المقاتلات الشبحية F-35.. نقلة نوعية في القوة العسكرية المغربية    حماس: جثة بيباس تحولت إلى أشلاء    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    إطلاق أول رحلة جوية بين المغرب وأوروبا باستخدام وقود مستدام    تراجع احتمالات اصطدام كويكب بالأرض في 2032 إلى النصف    فضاء: المسبار الصيني "تيانون-2" سيتم اطلاقه في النصف الأول من 2025 (هيئة)    كيف ستغير تقنية 5G تكنولوجيا المستقبل في عام 2025: آفاق رئيسية    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    "حماس" تنتقد ازدواجية الصليب الأحمر في التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفوريان... عالم غريب تتعايش فيه السيارات الفخمة والدواب جنبا إلى جنب
تسعيرة مزاجية للمبيت في العراء داخل محاجز مصنفة في خانة النقط السوداء
نشر في المساء يوم 15 - 12 - 2009

لا يهتم المواطن العادي بهوية فضاء يسمى «فوريار»، وتسميه أدبيات المجالس المنتخبة «المحجز البلدي»، ليس لأن الغموض يلف طرق تدبير هذه المؤسسة الأشبه بدولاب مهمل للأشياء المتلاشية، ولكن لأن دورها يتجاوز الحجز المؤقت للناقلات إلى حجز كل ما تعجز السلطات الإدارية والأمنية والمنتخبة عن إيجاد مكان له. مازال البحث جاريا عن هوية هذا المكان الذي تتعايش فيه الآليات المستعملة والمهترئة، وتتجاور فيه الحيوانات الأليفة والمتوحشة، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول ماهية المكان. الروبورطاج التالي ينقلنا إلى العالم العجائبي للمحاجز البلدية، الأشبه أحيانا بمعتقلات للآليات وتارة بملاجئ خيرية للحيوانات المتخلى عنها، وتارة أخرى بسجن احتياطي لسيارات ودراجات تدخل المحجز معافاة وتغادره بشبه إعاقة.
في يوم 22 ماي من سنة 2003 استفاق سكان الدار البيضاء على حدث ميلاد أحد أكبر المحاجز البلدية في المغرب، ففي ساعة مبكرة من يوم حار، استنفرت سلطات الولاية أسطولها من أجل إفراغ محجز بلدي بجماعة الإدريسية، كان جاثما في ملتقى الطرق بين شارعي محمد السادس وبوشعيب الدكالي، بعد أن أنصف القضاء الشركة العقارية صاحبة الأرض في خلافها مع الجماعة، وتقررت إقامة سوق تجاري كبير بهذه النقطة الاستراتيجية...
في ساعات قليلة نبت محجز بلدي جديد، هو الأشهر من بين محاجز ولاية الدار البيضاء السبعة، بمحاذاة الطريق السيار على مساحة إجمالية تقدر ب20 ألف متر.
يعرف سكان الدار البيضاء الأصليون المكان بكريان سيدي محمد، فقد كان الفضاء قبل تلاثة عقود عبارة عن تجمع سكني صفيحي، قبل أن يتم ترحيل سكانه إلى حي مولاي رشيد.
يقول عون بالمحجز ل«المساء»: «هذا المكان كان محجزا بلديا قبل سنوات لهذا تقرر أن يظل كذلك ويصبح بقرار من السلطة تجمعا صفيحيا للسيارات والآليات».
تسعيرة المبيت في المحجز
لا تدر المحاجز البلدية مداخيل هامة في مالية المجالس المنتخبة، لكنها تعتبر في نظر العديد من المواطنين، معتقلا يتناوب على حكمه المستشارون الجماعيون ورجال السلطة الإدارية والأمنية والقضائية.
تحدد القرارات الجبائية الصادرة عن رؤساء المجالس المنتخبة أسعار الإقامة في المحاجز التي تعتبر فنادق مجردة من النجوم، وغالبا ما تخضع التسعيرة لمشيئة المستشارين الجماعيين ومزاج القائمين عليه، وهو ما يحيلنا على مواقف كاريكاتورية، كما يحصل في دورات المجالس البلدية، إذ تتراوح أسعار الإقامة عن كل يوم 3 دراهم بالنسبة إلى الدواجن و10 دراهم بالنسبة إلى الكلاب والحمير على ألا تتجاوز «الضيافة»، خمسة أيام. أما البقر والخيول والبغال والجمال فالسعر مضاعف، أما العربات ذات عجلتين فالسعر هو 10 دراهم خلال «سيجور» أقصاه 15 يوما، وذات أربع عجلات 15 درهم، بينما حدد سعر «مبيت» الدراجات النارية والهوائية في 10 دراهم.
ويمكن تقييم المحجوز بقياس المساحة التي يشغلها، أو معايير أخرى تختلف من مجلس إلى آخر، لكن المحجوزات التي يتطلب مقامها توفير الكلأ والمشرب، كالدواب فهي غالبا ما تشغل بال القائمين على هذه المرافق.
ومن أبرز المواقف الطريفة التي عرفها محجز تابع لجماعة قروية في عبدة، تقديم أحد سكان المنطقة شكاية إلى الدرك الملكي يتهم فيها العون الجماعي المكلف بحراسة المحجز باستغلال دابته المحتجزة وقضاء أغراضه باستعمالها خلال التنقل إلى السوق الأسبوعي.
أجرها قليل و«صداعها» كبير
على الرغم من تصنيف المحاجز البلدية والقروية في خانة المرافق التي تضخ في مالية الجماعة عائدات سنوية، من خلال استخلاص الرسوم المحددة في القرارات الجبائية، فإن هناك إجماعا على ضعف الإيرادات المالية، وهو ما دعا الكثير من رؤساء المجالس المنتخبة إلى إهمال مرافق لا تسد مداخيلها احتياجات تدبير المرفق الأكثر إهمالا من بين مرافق الجماعة.
تتضاءل مداخيل المحاجز البلدية سنة بعد أخرى، إذ سُجّل في السنة الماضية بالنسبة لمحجز الفداء، أكبر محاجز مدينة من حجم الدار البيضاء، مدخول سنوي قدره 61 ألف درهم فقط، بعد أن كانت عائدات المرفق تصل إلى 227 ألف درهم سنة 2003، علما أنه على مستوى الدار البيضاء والمدن التي تتعامل بنظام وحدة المدينة يتم تحويل العائد السنوي من رسوم الجبايات إلى الحساب الجاري لمجلس المدينة، بمعنى أن الجماعة التي يوجد بها المحجز تكتفي باستخلاص الرسوم فقط.
تتعدد أسباب «الاعتقال» لكن في جميع الأحوال فإنه في الحالات العادية التي تحال فيها سيارات المواطنين على المحجز، يتم أداء ضريبة ثلاثية الأضلاع، بدءا من الجهة التي حررت المخالفة كالسلطات الأمنية، وانتهاء برسم الإقامة الذي يحدد حسب ليالي المبيت، مرورا بواجب «الديباناج» الذي حمل السيارة إلى المحجز والذي يفوق أحيانا واجب المخالفة.
يقول شرطي مرور فضل عدم الكشف عن اسمه «إن سر تقلص مداخيل «الفوريانات» يرجع إلى عملية استخلاص ثمن المخالفات بشكل مباشر من المواطنين عن طريق رجال الأمن والدرك»، بينما يرى أحد المواطنين أنه من الحيف أداء سعر «الديباناج»، «إذا كان المحجز معتقلا للسيارات فلماذا يؤدي المواطن واجب نقل سيارته قسرا إلى هذا المكان، وإلا سيصبح السجناء يوما مجبرين على أداء ثمن نقلهم إلى السجن في دورية للأمن الوطني».
سوق لقطع الغيار المستعملة
الدخول إلى المحجز البلدي أشبه بالاستضافة غير المرغوب فيها، ولأن أغلب المحاجز لا تدون معطيات الحجز في محاضر بأدق التفاصيل الممكنة، بدءا من أسباب النزول وانتهاء بالحالة الميكانيكية للجهاز المعتقل، فإن حالة التسيب هاته تشجع السرقة التي أصبحت ظاهرة عامة في مختلف المحاجز.
يقول محمد النوراني، عضو جمعية وطنية للمستهلكين، ل«المساء»، إن عددا كبيرا من المواطنين يشتكون من بتر «أكسوسوارات» سياراتهم بمجرد دخولها إلى هذا المكان غير الآمن، وأضاف أنه بإمكان أي شخص اقتناء قطع غيار بأقل تكلفة من المحاجز والقائمين عليها.
يذكر الرأي العام الزموري حكاية باشا آزمور الذي تقدم بشكاية ضد أحد المستشارين الجماعيين بالمدينة، بعد أن وقف على حالة سرقة موصوفة بالمحجز، باستبدال محرك سيارة من نوع ميرسديس في حالة جيدة بمحرك مهترئ.
ويذكر سكان البرنوصي عملية بيع عجلات جيدة لأحد المستشارين الجماعيين، وما ترتب عن الواقعة من جدل حول وضعية ما قبل الاعتقال.
ويرى المسؤولون أن بيع المحجوزات في إطار سمسرة عمومية هو الحل المؤقت للاكتظاظ المشجع على السرقة.
سطو على محجز بلدي
أكبر عمليات السطو التي تعرض لها محجز بلدي تمت في الدار البيضاء، بتاريخ 19 شتنبر من سنة 2004 بمحجز الفداء، حيث اقتحمت المحجزَ عصابة مكونة من اختصاصيين في ميكانيك السيارات، وباشروا في ليلة ممطرة، واحدة من أكبر عمليات السطو على كل ما خف وزنه وغلا ثمنه. كانت حصيلة الخسائر المادية كبيرة، وشملت دراجات هوائية ونارية بعد أن أحكمت العصابة وثاق القائم على حراسة المكان.
عاينت الضابطة القضائية الواقعة واستمعت إلى الأطراف المعنية، وتأكد لها بالملموس أن الخلل يكمن في غياب أبسط شروط حماية ممتلكات المواطنين من سور وإضاءة، علما أن الفضاء يوجد بمكان معزول على جنبات الطريق السيار وتحديدا بمنطقة طريق أولاد زيان وشارع الجولان، مع ما يترتب عن هذه العزلة الجغرافية من مخاطر أمنية.
توقف المحققون طويلا عند الحارس الليلي، لكن كيف يجرؤ شخص لا يملك سوى عصا غليظة و«بيل» على مواجهة عصابة مدججة بالسلاح الأبيض، والأغرب في عملية 19 شتنبر، يقول عون بمصلحة الجبايات، أن الكلب اختفى فجأة من المحجز، وهو المرافق الليلي للحارس.
فضاء أخضر تحول إلى نقطة سوداء
بتاريخ 30 غشت من سنة 1999 وافق مجلس جماعة الإدريسية على قرار يدعو مديرية الأملاك المخزنية إلى تفويت الملك العقاري المسمى سيكاريلا، والوعاء العقاري الذي كانت تقام عليه مقهى البساتين بتراب عمالة درب السلطان الفداء بالدار البيضاء بدرهم رمزي، من أجل إقامة محجز بلدي وفق شروط جديدة، لكن الأملاك المخزنية لم تتردد في رفض طلب التفويت، مستندة إلى ضوابط منطقية وقانونية، مذكرة أعضاء المجلس الجماعي صاحب الملتمس، بمنع تفويت أي وعاء عقاري من الملك العمومي مخصص لإقامة منطقة خضراء.
في تصميم التهيئة الحضرية لولاية الدار البيضاء، خصص مكان أشهر محجز في الدار البيضاء لإقامة حديقة على جنبات الطريق السيار وشارع الجولان، لذا طالب رئيس مقاطعة الفداء في مراسلة موجهة إلى عمدة المدينة بالبحث عن فضاء آخر لإقامة محجز أصبح نقطة سوداء بالدار البيضاء، ومرتعا للسكارى الذين يلجؤون إليه حين تغلق في وجوههم كل المرافئ، يقول سعيد حسبان رئيس المقاطعة ل«المساء»، «التقرير الذي أنجزته مصلحة الجبايات يشير إلى مسببات طلب إجلاء المحجز عن تراب الجماعة، ليس فقط لأننا كجماعة لا نستفيد منه ماديا، بل لأنه تحول إلى نقطة سوداء حقيقية، في ظل مجموعة من المعطيات كغياب الإنارة والعزلة وغياب شروط العمل وعدم وجود سور، لهذا قلنا مرارا إن المقاطعة لا تجني من ورائه سوى الخسائر البيئية والمادية، نحن مع إعادة هيكلة المحجز بشكل يضمن حقوق كل الأطراف وإذا استعصى هذا المطلب فإنه من المفروض ترحيله».
سيارات وحافلات في الحجز المؤبد
أغلب السيارات والحافلات التي تقيم مدة أطول في المحاجز البلدية هي السيارات والحافلات التي أحيلت بموجب إجراء قضائي على هذه الفضاءات، في محاجز مدن شمال المملكة، تحتل الشاحنات المقطورة المخصصة لنقل البضائع إلى الخارج حيزا كبيرا من الفضاءات البلدية، خاصة تلك التي تقضي «عقوبة حبسية» طويلة المدى تصل إلى المؤبد.
يقول عون بالمحجز البلدي إن المساحة المخصصة للحجز تضيق كلما أحيلت حافلات أو شاحنات على المكان، وأغلبها يحجز لمدة طويلة بسبب تورط أصحابها في جرائم المخدرات أو التهجير السري أو غيرها من القضايا، ومع مرور الوقت يصعب عمليا إخراج الناقلة من مكانها لأن إجراءات الإفراج أصعب من تدابير الإحالة على المحجز.
ومن أقدم «نزلاء» المحجز حافلة فريق لكرة القدم، ظلت موضع خلاف بين مكتبين مسيرين، كل يدعي امتلاكه لها، رغم أنها عبارة عن هبة من محب للفريق يقيم بالديار الهولندية. أمام ارتفاع درجة النزاع قررت المحكمة إحالة الحافلة على المحجز البلدي إلى حين الحسم في شرعية المكتب المسير. تأخر الحسم فطال مقام حافلة لا تزال تحمل في أحشائها بقايا أمتعة رياضية غير صالحة للاستعمال...
يقول مسؤول عن مصلحة الجبايات بالدار البيضاء إن المحاجز البلدية موزعة على مقاطعات الحي الحسني والفداء والبرنوصي وسيدي مومن وابن امسيك وسباتة وسيدي عثمان، وكلها في وضعية غير سليمة، لكن الإجراء السليم يكمن في تخصيص فضاءات خاصة للإقامة العابرة والأخرى طويلة المدى».
إحالة كلاب بيتبول على محجز مراكش
اجتهدت دورية للأمن الوطني في تأويل منطوق مذكرة صادرة عن وزارة الداخلية، تقضي بحجز أنواع معينة من الكلاب الشرسة كالبيتبول والسطاف ومولوس وبويربوب وغيرها من الفصائل الخطيرة، وقررت يوما إحالة كلب من نوع البيتبول على المحجز البلدي، بعد أن قام صاحب باستعماله في جرائم سطو غالبا ما كانت تنتهي بأحداث دامية.
ارتعدت فرائض حارس المحجز من خطورة ضيف مصنف في قائمة المحجوزات الخطيرة، وحاول إقناع الدورية بعدم وجود هذا الصنف من المعتقلين في لوائح مكونات المحجز، بل إن كلبه لم يتوقف عن النباح خوفا من الزائر الاستثنائي، لاسيما وأن المحاجز البلدية والقروية لا تتوفر على أجنحة محروسة تخصص للحيوانات ولا يوجد أعوان يستطيعون القيام بهذه المهمة،. قضى الحارس الليلي ليلة ليلاء خوفا من مداهمة كلب غير عادي، وفي اليوم الموالي هرع إلى البلدية لتقديم استقالته من مهنة محفوفة بالمخاطر، خاصة حين أصبحت كلاب البيتبول ضمن نزلاء المحجز.
وأمام تنامي ظاهرة تربية كلاب «البيتبول» وانتشارها في الوسط الشبابي لاسيما في المدن الكبرى، رغم وجود مذكرة لوزارة الداخلية تحظر استيراد هذا الصنف الخطير، بات التفكير إلزاميا في البحث عن فوريانات للحيوانات غير الأليفة لأن خطرها يكبر داخل المحجز
وخارجه.
سيارة في جناح سجناء الرأي
أشهر السيارات التي دخلت المحجز البلدي بالدار البيضاء تعود ملكيتها إلى مشجع رجاوي يدعى نبيل.. أصل حكاية الاعتقال حاجز أمني اجتهد أحد أفراده في تكييف المخالفة، وقرر إحالة سيارة من نوع فيات 127 على المحجز البلدي لأنها تحمل لون وشعار الرجاء البيضاوي دون التوفر على رخصة استعماله.
أحيلت السيارة الخضراء على المحجز، بقرار من دائرة الأمن الوطني يشترط ملغادرتها للمحجز الإدلاء بترخيص مكتوب من إدارة نادي الرجاء البيضاوي يسمح باستعمال شعاره على السيارة المعتقلة، أو بتعهد بمسح الشعار.
قال نبيل ل«المساء» إن محاولاته مع إدارة الرجاء قد باءت بالفشل، حيث ظل التسويف سيد الموقف، مما اضطره إلى طلاء السيارة بلون آخر يخفي شعار النادي الذي وإن زال من واجهة السيارة فإنه يظل موشوما في الوجدان...
من حسن حظ نبيل أنه يملك ورشة لصباغة السيارات، وهو ما مكنه من إخفاء شعار استنفر مسؤولا أمنيا، قال عنه نبيل إن يعادي الرجاء ولا يحتمل مشاهدة سيارة خضراء بشعارات الرجاء تجوب شوارع المدينة.
غادرت السيارة المحجز واستعادت شكلها الطبيعي، لكن ما يحز في نفس صاحبها أن العديد من السيارات والدراجات ثلاثية العجلات تحمل شعارات ريال مدريد وبرشلونة دون أن تطالبها السلطات الأمنية بترخيص من رئيسي الناديين الملكي أو الكطلاني.
نهاية حزينة لديباناج
يلاحظ زوار المحجز البلدي للفداء وجود عربة لجر السيارات والشاحنات أو ما يعرف بالديباناج. أسباب النزول، حسب رواية عون بلدي، تكمن في خلاف بسيط بين رجل أمن اعتاد إحالة السيارات والشاحنات المخالفة لقوانين السير على المحجز، وبين صاحب الديباناج، ولأن رجل الأمن كان يعلم أن آلة الجر هاته التي تقضي يومها في نقل السيارات بمختلف أصنافها صوب المحجز، لا تتوفر على شهادة تأمين، فقد قرر في لحظة غضب واختلاف في الرأي مع سائقها إحالة الناقلة على الفوريان. أصبح المشهد مثيرا للسخرية في أوساط أعوان المحجز، الذين رددوا في قرارة أنفسهم القول المأثور «يوم لك ويوم عليك»، ليتبين لسائق الديباناج أن اشتغاله مع أمن المرور في جر الخارجين عن النص ليس مبررا لمخالفة القوانين.
يقف الديبناج المصادر في عمق المحجز إلى جانب سيارات عديدة ساهم في اقتيادها بعد تكبيلها طبعا صوب المعتقل، ولسان حالها يقول «باش قتلتي باش تموت».
محاربة العربات المجرورة أولا
تمتلئ ساحات المحاجز البلدية في العالم القروي بالسيارات المستعملة في النقل السري، لكن أكثر نزلاء هذه المرافق هي العربات المجرورة من طرف الدواب، ويرتفع عدد «المحالين على المحاجز» في أيام الأسواق الأسبوعية لاسيما من طرف الدرك الملكي والسلطة المحلية، خصوصا تلك التي حولها أصحابها إلى وسائل لنقل الأشخاص بإجراء تعديلات عليها على مستوى الشكل، بل منها ما هو مجهز بحصير بلاستيكي ومذياع حفاظا على راحة المسافرين غير المؤمنين، خاصة وأن سعر النقل أرخص بكثير من الأسعار المتداولة لدى أصحاب النقل السري والعلني.
وأمام تنامي الظاهرة وارتفاع الإقبال على استعمال وسيلة النقل الأرخص في العالم القروي، فقد تحركت السلطات الأمنية وشنت حملات واسعة للحد من الظاهرة, استنفرت لها أعوانها، في محاولة لتفادي مخاطر النقل الفوضوي وعلق فاعل جمعوي بمنطقة العونات على الحملة بأنها تدخل ضمن أولويات السلطة في البادية، علما بأن الأولوية الحقيقية يجب أن ترصد لمكافحة الأمية التي تتسبب في كثير من الآفات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.