قوارير وبقايا دماء.. أدوات طبية.. بقايا أدوية.. قد تتحول إلى لعبة. مجموعة أطفال عابثين يحومون حول والدتهم التي افترشت الأرض. طيش الصغار قادهم نحو كومة من النفايات الطبية ملقاة بالقرب من بوابة مركز صحي بوجدة لا أحد يعلم كم عدد الفيروسات والأمراض التي تضمها تلك النفايات الطبية.. فيروس السيدا الخطير، فيروس الالتهاب الكبدي وغيرها من الفيروسات الفتاكة، قد تكون تجول بين تلك النفايات التي لم تجد بعد الكثير من المستشفيات طرق التخلص منها. وجرح بسيط بأصبع أحد الأطفال كفيل بنقل الفيروس إلى من يعبث بها ليدمر حياته في ربيعها الزاهي. فكميات كثيرة من الإبر الطبية وأكياس وأمصال ودم وقفازات وضمادات وأدوية وبقايا مختبرات لصناعة الجراثيم والتعامل معها.. وغيرها من المواد التي تنتجها مختبرات التحاليل الطبية والتشريح المرضي وأقسام الطب الداخلي ومراكز تصفية الدم، قد يتم التخلص منها عن طريق رميها في مطارح عشوائية، مما يعرض العابثين بها إلى أخطار صحية كبيرة. خطر قررت وزارة الصحة ألا يستمر في تهديد البيئة والمواطنين، إذ تؤكد مصادر مصادر طبية، أن وزارة الصحة قررت تعميم معالجة النفايات الطبية على جميع المستشفيات غير المتوفرة على آليات حرق ومعالجة النفايات، بإطلاق عروض للاستعانة بخدمات شركات وطنية متخصصة في المجال، للتخلص من النفايات الطبية، وأن القرار يدخل حيز التنفيذ في بداية 2013. ويأتي القرار بعد إقرار وزارة الصحة بعدم توفر 30 في المائة من المؤسسات الاستشفائية (البالغ عددها 140 مستشفى) على آليات للحرق أو المعالجة، أغلبها تقع في مناطق بعيدة عن المحاور الكبرى، ما يضطرها إلى إلقاء نفاياتها في المطارح العمومية. ورغم أن بعض المراكز الاستشفائية تعاقدت مع شركات لمعالجة النفايات الطبية، إلا أن عددا كبيرا من المستشفيات الاقليمية بكل من مدن الحسيمة، القنيطرة، ورزازات، تارودانت والصويرة.. مازالت تعتمد على طرق بدائية في التخلص من نفايات طبية صلبة، سائلة وغازية التي تنتجها مختلف أقسامها.. «رغم المجهودات المبذولة لتدبير ومعالجة النفايات الطبية في المغرب، فإن هذا الملف مازال يتطلب مزيدا من الجهد، على اعتبار أن المؤسسات الاستشفائية تنتج حوالي ثلاثة كيلوغرامات من النفايات لكل سرير يوميا» يعلن باستمرار الحسين الوردي وزير الصحة. وفي محاولة للتدارك يؤكد مسؤولو مصلحة برمجة الأعمال الاستشفائية بمديرية المستشفيات في وزارة الصحة، أن القرار يأتي في سياق تطبيق القانون رقم 28/00 المتعلق بتدبير النفايات العمومية وإتلافها، للحد من مخاطر انتقال العدوى داخل المستشفيات والمحافظة على البيئة، لتقوية المحافظة على الصحة في المؤسسات الصحية. ويهم هذا القرار أيضا 30 في المائة من المستشفيات، التي لا تتوفر على آليات حرق ومعالجة نفاياتها، بينما تتوفر 70 في المائة من المستشفيات على تلك الآليات، التي سبق لوزارة الصحة أن جلبتها بكلفة 240 مليون سنتيم لكل واحدة منها. ويعتبر المسؤولون أن مشكلة تدبير ومعالجة النفايات الطبية تطرح بشكل كبير في المدن البعيدة، سيما في مناطق الجنوب، حيث ترتفع كلفة معالجة النفايات الطبية لدى الشركات التي تتولى أمر ذلك، مشيرا إلى أن وزارة الصحة خصصت غلافا ماليا لكل مستشفى، حسب ما تنتجه من النفايات الطبية سنويا، مبينا أن التقديرات تشير إلى إنتاج كل سرير في المستشفى ما بين كيلوغرامين إلى 4 كيلوغرامات ونصف من النفايات الطبية في كل يوم. وحسب أرقام وزارة الصحة فإن 45 مستشفى عموميا فوت معالجة نفاياته الطبية إلى مؤسسات متخصصة، بينما تتولى 26 مؤسسة صحية علاج نفاياتها بواسطة مطاحن معقمة تتوفر عليها بوسائلها الخاصة، وتعالج مؤسسات نفاياتها بواسطة الحرق. الثلاثة كيلوغرامات من النفايات التي ينتجها سرير واحد للمريض، تفتح طريق الموت للآلاف من المواطنين والعاملين بهذه المستشفيات وكذلك المرضى. فبعض هؤلاء المرضى قد يتعرضون لأمراض لم يسبق أن عانوا منها قبل ولوجهم إلى المستشفى، وبداية سنة 2013 قد توقف هذا الخطر.