المغرب يسير بخطى ثابتة في استراتيجيته الرامية إلى المزاوجة بين الاستغلال الأمثل لثروته من الفوسفاط والحفاظ على البيئة شهدت السنة الجارية مواصلة مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط تنفيذ برنامجها التنموي الصناعي الذي بدأته عام 2010 ٬والذي يروم تكريس ريادة المجموعة في سوق الفوسفاط ودعم الأمن الغذائي على الصعيد العالمي من خلال مضاعفة القدرة الإنتاجية للمناجم ورفع قدرات الوحدات الكيميائية إلى ثلاث مرات بحلول سنة 2020 ،مع وضع مسألة المحافظة على البيئة في صلب أولوياتها. وكان صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ قد أشرف في هذا السياق ٬ شهر مارس الماضي٬ على تدشين مغسلة الفوسفاط "مراح الحرش" بالجماعة القروية المفاسيس (إقليمخريبكة)بتكلفة إنجاز إجمالية بلغت 2,5 مليار درهم٬ كما وضع٬ جلالته٬ الحجر الأساس لبناء مغسلة "الحلاسة" بالجماعة القروية بني وكيل الحلاسة (إقليمالفقيه بنصالح) بكلفة إجمالية تفوق 3,4 مليار درهم. وستمكن مغسلة مراح لحرش من معالجة 2ر7 مليون طن من الفوسفاط الخام سنويا٬ والمساهمة في الرفع من القدرة الإنتاجية لموقع خريبكة٬ فضلا عن المحافظة على الموارد الفوسفاطية. وحرصا من مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط على حسن استغلال الموارد الطبيعية المتوفرة وتحقيق أقصى استفادة منها٬ فسيتم تدوير المغسلة ب87 بالمائة من المياه المستعملة٬ في حين ستتم تغطية 70 بالمائة من الحاجيات السنوية انطلاقا من محطة معالجة المياه العادمة لمدينة خريبكة. أما مغسلة "الحلاسة"٬ كبرى مغاسل الفوسفاط في العالم بقدرة إنتاج تصل إلى 12 مليون طن في السنة٬ فتعد منجما مندمجا يتوفر على أحدث تقنيات الاستخراج المعروفة في عالم المناجم٬ وآخر الابتكارات التي توصل إليها المجمع الشريف للفوسفاط في مجال البحث والتطوير. الشيء الذي سينتج عنه الرفع من مردودية الفوسفاط ب40 بالمائة في المساحة المستغلة٬ وذلك من خلال استخلاص طبقات المعدن الخام الأكثر فقرا من الفوسفاط. وستمكن هذه المشاريع٬ إضافة إلى الجدوى الإقتصادية المهمة من إنجازها٬ إلى تعزيز موقع المحافظة على البيئة في السياسة التي تنهجها المجموعة٬ التي حازت على شهادة إيزو14001 تقديرا لجهود إدارتها في معالجة فوسفاط منجم خريبكة٬ وفي مجال محاربة التلوث واحترام المعايير البيئية. ومن المرتقب أن يساهم هذين المشروعين في خفض انبعاث الكربون ب900 ألف طن (أي ما يعادل ثلث انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون)٬ وإلغاء تكاليف النقل التي ستمكن من تخفيض ملحوظ في استهلاك الماء. وينضاف إنشاء كل من مغسلة الفوسفاط "مراح الحرش" و"الحلاسة"٬ إلى النظام الجديد لنقل الفوسفاط عبر الأنابيب (سلوري بيبلاين)٬ الذي من المتوقع أن يشرع في تشغيله في أبريل 2013٬ والذي يشكل طفرة تكنولوجية على الصعيد العالمي٬ إذ سيصل طول هذا النظام الجديد لشحن الفوسفاط إلى 235 كلم ٬ منها 187 كلم للمحور الرئيسي و48كلم للربط مع مختلف المغاسل. وسيمكن نقل الفوسفاط المستخلص من مناجم خريبكة نحو الوحدات الكيماوية بالجرف الأصفر٬ على شكل لباب من المغاسل٬ من تقليص نوعي في كلفة النقل تناهز 90 في المائة٬ كما سيمكن النظام الجديد من تحقيق اقتصاد كبير في المياه (حذف مرحلة التجفيف في حالة النقل عبر القطار)٬ والطاقة (نقل الفوسفاط عبر الجاذبية الطبيعية عوض القطار)٬ على أن يرتفع حجم هذا الاقتصاد في المياه والطاقة مع وصول الفوسفاط المشحون إلى المركب الصناعي للجرف الأصفر٬ بحكم أن المعدن الخام لن يتم تبليله قبل تحويله إلى حامض فوسفوري أو أسمدة فوسفاطية. وستخلق المشاريع التي تنجزها مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط مئات فرص الشغل٬ مما سيعزز مكانة المجموعة كأكبر مقاولة بالبلاد من خلال تشغيلها ل20 ألف شخص بشكل مباشر و40ألف بشكل غير مباشر٬ هذا دون إغفال مساهمة هذه البرامج والمشاريع الصناعية في تنمية المناطق التي تقام فيها٬ بشكل خاص٬ ومختلف جهات المملكة بشكل عام. وتندرج هذه المشاريع في إطار استراتيجية تعزيز مكانة المغرب الرائدة في السوق العالمية للفوسفاط٬ حيث تهدف مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط إلى رفع القدرات الإنتاجية لمناجم المجموعة من 30 مليون طن في السنة في أواخر 2010 إلى 55مليون طن في السنة بحلول 2020٬ وتعزيز وحداتها إنتاج الأسمدة برفع قدراتها الإنتاجية من 3,6 مليون طن في السنة إلى 10 طن/سنة في نفس الفترة. ويتوزع الغلاف المالي الإجمالي لاستثمارات البرنامج والبالغ 115 مليار درهم على الشكل التالي: 30 في المائة لإنشاء مناجم ومغاسل جديدة٬ و46 في المائة للمصانع الكيماوية المنتجة للحامض الفوسفوري والأسمدة٬ و 16 في المائة لتطوير محور الجرف الأصفر للفوسفاط٬ و6 في المائة للبنيات التحتية التي تهم على الخصوص أنابيب النقل٬ والتجهيزات المينائية. أما ال 2 في المائة المتبقية فتتوزع على مشاريع أخرى مختلفة. وتعتبر مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط أول مصدر للفوسفاط الخام والحامض الفوسفوري على الصعيد العالمي إذ حققت خلال سنة 2011 رقم معاملات بلغ 56,3 مليار درهم٬ مساهمة بذلك بنحو 5ر3 في المائة في من الناتج الداخلي الخام للمملكة٬ وربع مداخيل صادراتها. وتتحكم مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في كل مراحل سلسلة إنتاج الفوسفاط والتي تتلخص في استخراج ومعالجة المعدن٬ وتحويله من مادة أولية إلى منتوج سائل وسيط وهو الحامض الفسفوري٬ وكذلك إنتاج منتوجات جاهزة من خلال تركيز أو تحبيب هذا الحامض للحصول على الأسمدة. ونظرا لكون الفوسفاط مادة أساسية بالنسبة للحياة البشرية والنباتية والحيوانية٬ فمنتوجات مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط تقدم مساهمة كبيرة في تحقيق الأمن الغذائي العالمي لكونها تزود الزراعات الغذائية بمواد حيوية وتساهم في إعادة بناء تربة صحية. وعلى المستوى الوطني٬ يعتبر المجمع الشريف للفوسفاط أيضا مساهما حيويا في نجاح القطاع الفلاحي٬ الذي يمثل حوالي 15 في المائة من الناتج الداخلي الخام في بلد تعتبر 40بالمائة من ساكنته قروية. كما تنخرط المجموعة بشكل فاعل في مخطط المغرب الأخضر٬ خاصة عبر مساهمتها في إنجاز بطاقات مفصلة لخصوبة الأراضي لفائدة الفلاحين المغاربة٬ وإحداثها ل"صندوق الابتكار للفلاحة" الذي يمول المقاولات المبتكرة في المجال الفلاحي. والتزاما بمسؤوليته الاقتصادية والاجتماعية٬ يشرف المجمع على إنجاز عدد من الاستثمارات الجوهرية في البنيات التحتية الاجتماعية والخدمات لفائدة الجماعات والجهات التي توجد بها مواقعها المرتبطة بالاستخراج والإنتاج. وقد أطلقت مؤخرا برنامج " مهارات م ش ف" الذي يروم تقديم التكوين والدعم من أجل إحداث مقاولات لعشرات الآلاف من الشباب المغاربة. وواصلت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط٬ التي تتوفر على أزيد من 140 زبون بالقارات الخمس٬ عقد عدد من الاتفاقيات التجارية والصناعية مع عدد من الجهات الدولية في كل من الهند وباكستان والبرازيل وبلجيكا وألمانيا وتركيا والنرويج والولايات المتحدة تهم مجالات الإنتاج والتوزيع والهندسة.