إن الأمن في العهد الماضي كان في خدمة الدولة و ليس في خدمة الشعب بحكم الصراع الذي كان سائدا منذ الاستقلال بين القصر و المعارضة، و هو الصراع الذي أضاع سنين و فرص على المغرب و المغاربة، عكس الحال اليوم، حيث تمت المصالحة و بالتالي بروز الحاجة إلى و جوب توفر المغرب على بوليس احتراقي منشغل بتامين أرواح و ممتلكات المواطنين أكثر من الانشغال المبالغ فيه بتامين مصالح فئة قليلة كما هو الحال سائدا في سنوات الرصاص. إن الإستراتيجية الأمنية الجديدة تقوم على مبدأ الانسجام، وهو يفرض على مصالح الشرطة العمل انسجاما مع المبادئ التي تفرضها السياسة العامة للدولة، مثل المبدأ القاضي باحترام حقوق الإنسان، المفهوم الجديد لسلطة و المبدأ القاضي باحترام المناخ الملائم للاستثمار، حيث انسجاما مع هذا المبدأ الأخير تعمل مصالح الأمن على توفير هذا المناخ بالتعجيل في الملفات ذات الطابع الاقتصادي. إن المغرب تسلط عليه الأضواء عالميا لرصد و قياس أي تطور يشي بوجود فسحة من الاستقرار و الأمان لتعبيد الطريق للاستثمارات الخارجية، إذ لا استثمار ولا انجذاب للشركات العالمية إن لم تكن البلاد مؤمنة و هادئة في العتبة المقبولة (فالمجتمع الخالي من الإجرام مجرد طوباوية). و بالتالي فوالي الأمن هو الوسيط لترجمة توجهات عقل الدولة و بلورة انتظارات المواطنين. من هنا ارتأينا أن نسلط الضوء على محمد الدخيسي والي امن الجهة الشرقية. لا شك في إن المحافظة على الأمن في المناطق الحدودية مسألة تاخد الأولوية المطلقة في كل الدول لما في ذلك من إمكانية المساس بالنظام العام داخل الدول، بل إمكانية تطور الأوضاع إلى مالا تحمد عقباه، و مما يزيد في تعقيد الوضعية هو طول هذه الحدود التي تحسب بعشرات و حتى بمئات الكيلومترات، فتصبح الإمكانيات البشرية و المادية هي العامل الحاسم في المحافظة على الأمن بهذه المناطق. إن الجهة الشرقية هي جهة حدودية بامتياز تتنوع فيها الحدود بين ماهر طبيعي(مع الجزائر)و ما هو اصطناعي (مع اسبانيا). وهو ما يفرض تعاملا مزدوجا من قبل المغرب. و مما يدفع في اتجاه ضرورة الاعتماد على سياسة أمنية متكاملة بالجهة الشاسعة الممتدة من السعيدية شمالا و فكيك جنوبا. أنها مسافة تصل إلى ما يفوق 300 كلم من جهة، و تتنوع مجالاتها، فهناك مدن حدودية وقرى حدودية ومناطق خالية، و مناطق خاصة بالرحل من جهة أخرى ..... إن هذا التنوع يفرض بدوره طرح سؤال عن الجهة التي يؤول إليها حراسة الحدود، و متابعة الأوضاع بهذه المناطق، فلا شك في إن الجيش هو عماد هذه الأجهزة فيما يتعلق بعملية الحراسة لكن الذي يهمنا هو متابعة الأوضاع الأمنية. أن تسير اوراش المدينة و الجهة بشكل جيد، و أن تؤثر على حياة الناس، فان ذلك يستلزم ألا يكون ذلك على حساب أمنهم، في هذا الإطار نفهم تعيين محمد الدخيسي واليا على أمن الجهة، فذلك تم بناءا على قدرات و كفاءات لازمة في ضبط الملف الأمني في هذه المنطقة التي تحتاج إلى رجل قوي قادر على مواكبة التطورات الجديدة بما في ذلك تنزيل مضامين الحكامة الأمنية كما جاءت في الدستور الجديد. إن المستقبل الذي يريده جلالة الملك لهذه الجهة، و الوطن بصفة عامة، يستلزم أن يحس المواطن و السائح و المستثمر بالأمان في شخصه و أمواله. كما أن المفهوم الجديد للسلطة يقتضي ألا يعود الناس يسمعون عن التجاوزات و الشطط في استعمال السلطة، بل يسمعون عن التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و البشرية و حتى الأمنية، يقول محمد الدخيسي " اوكد أنني هنا للوفاء بالقسم الذي أديته للقيام بمهامي الأمنية و لهذا يجب على رجل الأمن أن يتحلى بالأيمان بالله الأن الذي لا يخشى الله لا يرجى منه خير، وعلى حب هذا الوطن الذي لازلنا لم نوفيه ما أعطانا من نعم، و على الوفاء لملكي الذي هو رمز بلادي و الساهر على أمنها و استقرارها ..... أنا هنا من اجل الحفاظ على امن المواطنين، و الدفاع عن ثوابت الشعب المغربي، أما الآليات التي يشتغل عليها هذا العبد الفقير إلى ربه تكمن في الوضوح و الشفافية، بالإضافة إلى رد الاعتبار للمواطن و حق المواطنة، ثم المصداقية لأنه لا يمكن أن تحارب هاته المظاهر المشينة و أنت رجل امن غير نزيه، كما أريد أن أؤكد على الإنصات الجيد لهموم المواطنين. و التواصل الدائم مع المواطن سبيل نجاح مهمتنا، لهذا فباب مكتبي مفتوح للجميع .. إن المغاربة شعب عظيم و طيب، لكنهم رجال و لا يحبون الحكرة... تطبيق القانون مع الحفاظ على كرامة المواطن و إنسانيته". لقد أثبتت التجارب إن نجاح العمليات التنموية، يستلزم فتح اوراش كبرى، و كان من حظ الجهة الشرقية، أن صاحب الجلالة صحح لها المسار الذي كان مكتوبا عليها. لقد و ضع لها برنامجا ضخما للبنيات الأساسية، وهو برنامج يسمح بانطلاقة شاملة يلعب فيها تأهيل المدينة الدور المركزي. إن تأهيل المدينة ليس عملية مادية فقط، بل أيضا معنوية، يلعب فيها الامن دور المحرك. لذلك فان النظر السديد لصاحب الجلالة، اقتضى استفادة الجهة من اطر ذات كفاءة عالية قادرة على رفع هذا التحدي، ومن هنا كان تزامن تعيين واليين: محمد امهيدية و محمد الدخيسي. و يمكن هنا أن نلاحظ السياق الذي جاءت فيه هذه التعيينات هو الذي يسمح بالحكم عليهما: سياق أحداث قفزة نوعية بشخصيات قادرة على تحمل هذه المسؤولية. و إذا كان والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة إنجاد السيد محمد امهيدية جاء ليخلف الوالي السابق عبد الفتاح الهومام الذي اعتبر وجوده كعدمه، إن الجهة الشرقية عموما و وجدة خصوصا في عهده دخلت مرحلة الاحتضار و عرفت فراغا حقيقيا قاتلا، تعطلت المشاريع الكبرى و هيمن الجمود. من هنا فان انتظارات المواطنات و المواطنين من الوالي الجديد انتظارات كبري، ولاشك أنهم واثقون من انه سيسلك الطريق الناجع لهذا استقبلوا بكل فرح و أمل. و إذا كان الأمر كذلك بالنسبة لوالي الجهة فإن يختلف بالنسبة لوالي الأمن ، فمحمد ادخيسي يخلف عبد الله بلحفيظ الذي يشهد له الجميع بالكفاءة و الجدية، بالسرامة المهنية و المرونة الإنسانية . و في هذا الإطار يسجل ادخيسي « اعتقد ان الوضع الأمني بالمدينة ليس بالمخيف و المشاكل المرتبطة بالأمن هي شيء عادي في كل مدينة، لكن مدنية وجدة لها خصوصيتها كما ان سلفي اليسد الوالي عبد الله بلحفيظ الذي كان له كامل الاحترام قام بعمل جبار، وبطبيعة الحال نحن رجال الأمن دائما مجندون في كل المحطات التي تتطلب من اليقظة سواء في الظروف العادية أو الطارئة في حالة وجود أي مستجد .» تجربة محمد الدخيسي ليست قريبة ، واختيار للجهة الشرقية كان مبنيا ولاشك على هذه التجربة ، فوالي الأمن جاء في الوقت المناسب، رجل صارم، يعي جيدا مسؤولياته ، يعالجها بالهدوء اللازم، دون تشنج ولا نرفزة . رجل ساعدته تجربته الطويلة و الغنية في التحكم في الملفات المعروضة أمامه . يقول محمد ادخيسي:" سياستنا الأمنية سترون انعكاساتها على أرض الواقع، و ليس بمجرد الاجراءات التي ستبقى حبرا على ورق ، لكن يبقى البعد التشاركي في تدبير الشأن الأمني بالمدينة و الجهة هو المدخل الحقيقي و العلمي في إطار الخدامة الأمنية ، وذلك بإشراك المجتمع المدني الذي يجب أن يقوم بدورة كاملا و كذا المنتخبين ورجال الاعلام... لأن الشأن الأمني يستدعي تكاثف الجهود بإشراك جميع الفعاليات ، كما أنني لن اركز على مدينة وجدة وحدها بل ان كل مدن الجهة ستكون ضمن اهتماماتي، حيث يجب توزيع الجهد على جميع المدن و عدم تهميش لأي مدنية .» تأسيسا على التجربة التي أكملها محمد الدخيسي ، و تأسيسا على تصريحاته ، ليكن معرفة أسس المنهجية التي يعتمدها والي الأمن في تدبير الشأن الأمني : - التواصل مع كل شرائح المجتمع ، لتحسين وتوطيد العلاقة بين رجل الأمن و المواطن وزرع الثقة بتقريب المؤسسة الأمنية من الموطنين. - اعتماد النهج التشاركي في تدبير الشأن الأمني ، لأن هذا الشأن يهم جميع مكونات المجتمع . - التواجد الدائم في الميدان، وهو الدعامة الاساسية التي تقوم عليها هذه المنهجية ، لأن مهمة والي الأمن لاتنحصر في الانزواء داخل المكاتب، في تدبير الملفات أو في عقد و تسيير الاجتماعات ،وإنما رجل الأمن تستوجب و تملي ضرورة حضورة باستمرار في الميدان . - تجسيد الحكامة الأمنية على ارض الواقع . - اعتماد الليونة في تدبير الشأن الأمني ، و في حدود ما تسمح به القوانين . ان الملف الأمني بالجهة الشرقية ليس بملف خام أمام الوالي محمد الدخيسي، فهو ابن الجهة بالميلاد و الثقافة، إذا ، يعرف أهاليها و يعرف مشاكلها ، جغرافيتها و تاريخها ، خصوصياتها و تميزاتها .. كما انه اشتغل كمسؤول أمني في وجدة ، تاوريرت و الناطور .. و هذا ما سيساعدك على النجاح في مهمته الجديدة ، خصوصا و انه يعود إلى الجهة الشرقية وقد راكم تجربة غنية و متنوعة . ان العمل بإقليم الناطور ، وهو إقليم حدودي ، مكن محمد الدخيسي التقرب الى عالم الحدود (حتى و لو كانت وهمية ) . وهي تجربة غنية جدا و مازال الناظوريون يتحسرون على زمن محمد الدخيسي لما كان يشغل رئيس الأمن الإقليمي في عاصة الريف الشرقي، فني عهده انخفض معدل الجريمة ، المنظمة او الفردية، بشكل ملحوظ. ويسحل له الناظوريون الانجاز الهام التمثل في" تنظيف " بحيرة مارتشيكا التي كان محطة لوصول و مغادرة اصحاب المخدرات. ان الاشتغال بإقليمالناظور يجعل التجربة اكثر شساعة، ولقد نجح محمد الدخيسي بامتياز في تدبير الشأن الأمني بهذا الأقليم المعروف بتعقداته الامنية. ان المواطنات و المواطنين الناظور مازالوا يذكرون بنوع من الحسرة و الحنين هذا الرجل كلما استفحلت الجريمة بالإقليم و كلما تعروا بالخطر يتهددهم في حياتهم و ممتلكاتهم. و إذا كان هذا هو شأن هؤلاء فإن الامر يخلف بالنسبة المنحرفين بمختلف اشكالهم و درجاتهم، فهؤلاء عبروا عن ارتياحهم من تخلصهم من هذا المسؤول الأمني النزيه و المزعج، و لكن "يا فرحة ماتمت" انه عائد، وهذا المرة كوالي أمن الجهة الشرقية. إن ألق محمد الدخيسي في إقليمالناظور جعل الادارة العامة تعمل على الاستفادة من خبرته الواسعة من خلال تعينيه وواليا للأمن في الاقاليم الصحراوية. ويسجل المشتغلون في جهاز الأمن بالصحراء أن ما يحسب الدخيسي هو الغاؤة لتوقيت العمل المعروف ( اثنين على ثمانية ) و الذي كان يرهق العنصر البشري، كما يحسب الدخيسي كما مشاكل الأمينين في مجال السكن بعد مشاكل سجلت في وقت سابق مع شركة العمران بمدينة العيون . ورغم انتقال الدخيسي للعمل ضمن رقعة جغرافية تعامل نصف المغرب فإنه من حيث عدد السكان لايبدو الفرق كبيرا بين مدينة الناظور( 728 ألف نسمة ) و الاقاليم الصحراوية بجهاتها الثلاث ،كلميم ، العيون و الداخلة ( 818 ألف نسمة ) حيث تظل عددا من الجرائم مشتركة بين المنطقتين الريفية و الصحراوية ، أبرزها الاتجار في المخذرات و الهجرة السرية . غيران معطى و جود انفصاليي الداخل كان هو الامتحان الحقيقي للدخيسي و طاقمه الأمني، و هو المشجب الذي تترصده أعين المراقبين سواء و طنيا أو دوليا، لقد نظر إلى تعيين الدخيسي و اليا على الصحراء العزيزة على قلوب المغاربة قاطبة كاختيار حاسم لما راكمه من تجربة ، لأن النجاح في الاقاليم الصحراوية هو العنوان العريض للتألق المهني . تجربة ناجحة، جعلت محمد الدخيسي يكسب آليات التعامل مع الملفات الكبرى . و في إطار لا مركزية الأطر المقتدرة حل بمدينة وجدة ، مادام أن هذه الجهة تتوفر على مجالين متدالين : الحدود و السياحة. لم يأت محمد الدخيسي إلى و جدة بحثا عن الراحة في المنطقة الأم ، بل جاء ليكمل مسار زميله الذي سبقة (عبد الله بلحفيط) و ليجعل ، المدنية تبتلع خوفها ، و يخعلها تقطع كل الحواجز الاجرامية بسلام . و لذلك اقتنع ان الجسم الأمني ينبغي ان يلمع بزيت عرقه، و أن الجريمة ينبغي ان تنكمش و تنكمش حتى تتحول الى بقايا ظل . فوزع فور مجيئه، الادوار بين رجاله. ولاشك أن رجال الأمن بوجدة مشهود لهم بالكفاءة و الجدية ، بالمهنية و المصداقية. ان محمد الدخيسي سيشتغل مع طاقم راكم تجربة ناجعة ستجنبه الكثير التعب.