ست حالات بوجدة سنويا من النصب عن طريقة “السماوي الله يداوي” قضايا الفقر والعنوسة والمرض هي الهواجس الحقيقية التي تدفع بالضحايا للوقوع في شباك عصابات السماوي إنجاز : أسماء بلقاسمي ورجاء زروال ظاهرة السماوي الله يداوي تعرضت مؤخرا سيدة تبلغ من العمر 60 سنة ،قاطنة بتجزئة الوئام حي الفتح بوجدة لعملية النصب عن طريق الاحتيال حيث دفعت الضحية ثمن سذاجتها مليون سنتيم نقدًا وما يقدر بست ملايين سنتيم من الذهب. لمعرفة تفاصيل الحادثة، جريدة الحدث الشرقي زارت الضحية في منزلها وأجرت حوارً مع رئيس الشرطة القضائية بوجدة لمعرفة الأساليب المستخدمة في النصب على طريقة “السماوي” والإجراءات التي تتخذها المصالح الأمنية في مثل هذه الجرائم . لم يشفع لها كبر سنها و لا كونها أرملة عند من فقدوا ضمائرهم ماما شعايب القاطنة بتجزئة الوئام بحي الفتح لم تضع بعد ثوبها الأبيض بعد أن توفي زوجها أولاليت عمر . أثناء ذهابها للقيام بترتيب وثائق الإراثة ووضع كل ما تملك من نقود في البنك ودفع فاتورة الكهرباء أيضاً، تعرض سبيلها رجل في هيئة أنيقة وهندام مرتب , سألها هل تعلم أين يقع منزل سيدة تدعى “الحاجة يامنة”تعالج العقم لدى النساء ,أجابت بالنفي ، وكان ذلك فقط من أجل فتح مجال للحديث مع الضحية،و قبل أن تتحرك طلب منها الانتظار وسرعان ما ظهر أمامها شخص آخر رفقة سيدة قال أنها زوجته ، ستكتشف الضحية فيما بعد أنهما شركاء في عملية النصب التي جردتها من كل ما تملك ، بدأ المشهد التمثيلي عندما طرح النصاب نفس السؤال السابق على الزوج الذي سيجيبه بأنه سمع الكثير عن تلك المرأة (الحاجّة يامنة) وبركتها و ادعى بأنه شرطي . في الحال أخرج النصاب بطاقة من جيبه وقال بأنه لا يهتم إذا كان الواقف أمامه شرطيّا أو غيره لأنه من أولاد علي الشريف و يدخل إلى القصر الملكي بحكم بطاقة الشرفاء التي يحمل . ومن أجل إقناع الضحية، باشر النصاب في استعراض قدراته أمام شريكه قال له: “أنت ذاهب إلى المحامي وفي حوزتك مبلغ قدره 400درهم” .فعلا أخرج الشخص هذا المبلغ أمام دهشة الضحية ثم بعد ذلك قال له :” زوجتك عقيم، والسبب في ذلك هو السحر الذي نفذته إحدى القريبات ” ثم أمره بإحضار بعض الحصى وضعه في يده فتحول إلى كتاب عليه قطع من الرصاص وبعدها تحول إلى صورة امراة أخبرهم بأنها صاحبة العمل وبصق عليها أصبحت الضحية في حالة ذهول لما رأت ،انتقل إليها وقال :” لديك ابن اسمه محمد، مريض ويهدد أخواته بالسلاح الأبيض،” كان كلامه صائبا ،وضع بعض الحصى في يدها هي الأخرى فرأته يتحول إلى كتاب صغير فوقه رشات من الرصاص، أخبرها بأن سبب المرض هو ماء الميت الذي رشت به هي وبناتها في احد الأعراس وطلب منها إحضار الحلي الذي في البيت كاملا من أجل تطهيره ، و من دون تردد أخرجت الضحية كل ما تملك من نقود مليون سنتيم ونصف ، ثم رجعت إلى المنزل ، لتعود بحقيبة تحمل كل ما تملكه الأسرة من حلي الذهب ، ما تقدر قيمته بست ملايين سنيتم، قدم لها قطعة من الصوف لتضعها في باب مسجد الوئام الذي لم يكن بعيدا عنهم ، وأمرها بإغلاق عينيها و الدعاء أمام باب المسجد لكي يتماثل ابنها للشفاء .. نفذت الضحية ما طلب منها تماماً، كأن عقلها توقف عن التفكير فأصبحت راضخة لأوامر المحتال. بعد مرور بضعة دقائق تيقظت الضحية وأحست أخيرًا بأنها خدعت، أسرعت إلى المكان الذي التقت به النصابين لكنها لم تجد لهم أثرًا، سقطت أرضًا وهي تصرخ كمن فقد عقله. أخبرها صاحب أحد الدكاكين المجاورة بأنه شاهد رجلين وامرأة يلوذون بالفرار.. لم يكن في وسعها فعل شيء سوى إخبار المصالح الأمنية بما حدث. الإجراءات المتخذة من لدن المصالح الأمنية في حوار أجرته الجريدة مع رئيس الشرطة القضائية بولاية الأ من بوجدة، أشار هذا الأخير إلى أن حالات النصب على طريقة السماوي خطيرة رغم أن عدد الحالات المشهودة لا يتجاوز ست حالات في السنة ، وتكمن خطورة هذا النوع من العمليات في الخسائر المادية و المبالغ المالية الضخمة وفي كون هؤلاء النصابين محترفين ويشتركون في إيهام الضحية بمسائل غيبية غير ملموسة من قبيل السحر الجن والشياطين و التمثيل على الضحايا الذين لا يدركون أنهم أمام عصابة منظمة . و بواسطة التنويم المغناطيسي واستخدام القدرات السحرية يتم الإيقاع بالضحايا اللذين ينتمون غالبا إلى فئة النساء وكبار السن . هذا وقد أكد رئيس الشرطة القضائية على صعوبة القبض على النصابين بحكم عدم استقرارهم في منطقة واحدة و أنهم دائموا التنقل من منطقة إلى أخرى. و أشار إلى أن معظم حالات النصب وقعت في مدن سطات، بني ملال ،و خريبكة … و في سؤال عن الإجراءات التي تتخدها المصالح الأمنية في هذا الصدد أجاب رئيس الشرطة القضائية بأنه يتم الإعتماد على الأوصاف التي يدلي بها الضحايا ،حيث يقوم تقنيون مختصون بتركيب صور المجرمين ثم تعرض على الضحايا لمعرفة مدى تطابقها مع الأوصاف المذكورة ، كما أنه يتم التنسيق بين المصالح الأمنية على الصعيد الوطني للقبض على النصابين . القانون لا يحمي المغفلين أما في ما يخص الأحكام الصادرة في حق جريمة النصب عن طريق الاحتيال، ينص الفصل 540 من القانون الجنائي على أنه “يعد مرتكبا لجريمة النصب ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة آلاف درهم من استعمل الاحتيال ليوقع شخصا في الغلط بتأكيدات خادعة أو إخفاء وقائع صحيحة أو إستغلال ماكر لخطأ وقع فيه غيره ويدفعه بذالك إلى أعمال تمس مصالحه أو مصالح الغير المالية بقصد الحصول على منفعة مالية له أو لشخص آخر”. تبقى الأحكام غير مقنعة بالنسبة للضحايا ،الذين لا يفقدون أموالا طائلة فقط وإنما يفقدون الثقة بالنفس والمجتمع أيضا.و الكثيرون يتعرضون لإعاقات إثر الصدمة ، البعض تدفعه الحاجة وتساعد سذاجته في استغلاله والبعض يدفعه الجشع إلى التصديق بأن أشخاصاً مباركين يمكن أن يضاعفوا أمواله بتعاويذ لا يفقه منها شيئاً ،وقد يرى البعض أن السرقة أرحم من أن يسلم الشخص أمواله بيده للمحتالين، حيث يصبح في موقف حرج ويوصف بالبلادة .. ومثل هذه الوقائع إن دلت على شيء فإنما تدل على أن المجتمع المغربي ما زال يعيش عدم الوعي وانتشار الأمية والجهل فتصبح الحاجة والمطالب الملحة سلاحا يستخدم ضد أصحابها . الفقر ،المرض ، البطالة و العنوسة كلها مواضيع تشكل لدى البعض هاجساً ولكن البعض الآخر من أشباه البشر يستغلها للنصب والاحتيال على أناس لفرط حاجتهم تبلدت عقولهم فأصبح من السهل خداعهم بأساليب قد تبدو خرافية ..