ظاهرة السماوي تعود من جديد لمراكش .. مراكش بريس / عدسة : محمد أيت يحي . لاتعتبر ظاهرة “السماوي” التي تفشت في الوسط المراكشي خصوصا والمغربي على وجه العموم ظاهرة حديثة العهد، وإنما هي ظاهرة تطورت عن مجموعة من الممارسات الشعوذية وسلوكيات النصب والإحتيال السابقة والمعروفة، فقد أفرزتها مجموعة عوامل اجتماعية خطيرة، لازالت تداعياتها توقع بضحايا السلب والنهب والاحتيال، واستغل محترفو “السماوي”، عبر محطات زمنية مختلفة، الجهل والأمية والاعتقاد السائد لدى شريحة عريضة من المجتمع المغربي، الداعي إلى وجود “البركة” ووجوب الإيمان بها، وضرورة طلب “التسليم” لحاملها، فهناك العديد من الوقائع التي تبرز على أن بعض المغاربة رجالا كانوا أو نساء، تعرضوا للنصب والاحتيال عن طريق الاستغلال الديني، إلا أن “السماوي” أخذت شكلا ولغة أخرى لتسري في المجتمع مثلما يسري السم في أوردة الجسم، ومن باب التوضيح، وجب أولا تبيان المراحل التي أفضت إلى وجود هذا النوع (الجديد/ القديم) من أنواع النصب والاحتيال. فظاهرة “السماوي” نتجت عن ظاهرة أخرى أخذت تتلاشى في الآونة الأخيرة، وهي ظاهرة “ضربو شي فال” لتتطور مع مرور الوقت إلى عملية “النصب بإطماع الضحايا بالكنوز” ثم “السماوي”. ” مراكش بريس” تكشف حقيقة نصابة “السماوي” الذين يقدمون أنفسهم لضحاياهم كشرفاء أو مجاذيب أو أولياء ، في حين أنهم في حقيقة الأمر، مجرد شياطين في جلابيب الصالحين. “ أنت يا لالة مهمومة، ومضيومة “ وتعتبر كلمة السماوي مشتقة من طلسم سحري يجعل المرء الذي يتعرض له، تحت تأثير التنويم المغناطيسي، حيث يعمد اللصوص الذين ينصبون بواسطة هذا السماوي، إلى إعتراض طريق ضحاياهم في صورة فقهاء ،وأولياء أتقياء، كأنهم مرسلين لهم لفك ضيقتهم، وقضاء حاجاتهم، إذ يعتمدون على تَرَصُّدْ الضحية لمدة أيام حتى يتمكنون من معرفة أحوالهم وعاداتهم ، وأسرارهم وخصوصيات طبيعتهم، بعد ذلك إيقاف الضحية، وتخديرها ببعض الكلمات المحبوكة،والمسبوكة كالزجل، ثم سلب ما بحوزتها في ظرف وجيز قد لا يتجاوز بضعة دقائق،كما حدث لسيدة بعرصة الملاك في باطن مراكش العتيقة ، إذ فقدت بهذه الطريقة مايناهز مليونان سنتيم من الحلي والذهب كانت ترتديها، وفتاة موظفة بإحدى الوكالات البنكية في حي المسيرة الثالثة بمراكش. فعادة ما يتقدم نصاب السماوي نحو شاب أنيق أو فتاة تبدو عليها علامة الغنى والأناقة، بوسائل يصعب على العقل إدراكها في حينها، كأن يوقف “لص السماوي” امرأة في الشارع، أو السوق، بل حتى داخل حافلة للركاب إلى غير ذلك من الأمكنة العمومية التي يكثر فيها الرواج، ليقول لها على سبيل المثال: ” أنت يا لالة مهمومة، مضيومة، جريتي وجاريتي، سببتي وداويتي، ومجابش الله التاويل، عندك ألالة العكس والديار في زوج حوايج، الأولى في الصحة، ما تاتشوفي نوم، تباتي تخممي، بالك محتار تاتفكري في مول الدار، والثانية عندك في المال، أنت ألالة متبوعة في ذهبك . ثم يخاطبها قائلا: “إن كانت تحمل دمالج أو “طوانڭ” أقراط أو خواتم ذهبية ، حيدي ذهبك نبخ ليك فيه، أنا مرسول من سيدي البهلول، ولد الزاوية العالية، اللي جمد الماء ف “الدار الكبيرة” سليل الشرفاء والأنبياء” فما إن تنزع المرأة حليها، حتى يخرج “لص السماوي” كيسا بلاستيكيا أو وعاء سهل الاستعمال فيضع الذهب أو النقود داخله ثم “يبخ” (ينفث فيها) وفي سرعة خيالية وبحركات شبه سحرية، يستبدل الوعاء أو الكيس بمثيله الذي سبق أن أعده خصيصا لمثل هذه العملية، فيشرع في ترديد بعض الكلمات المبهمة التي هي في الأصل عبارة عن لغو لتمويه وإضفاء طابع الجدية على تمثيليته المتقونة في دقة بالغة، ثم يعيد الكيس ليخاطب المرأة” هانا ألالة بخيت بالبركة ديال جدودي، سيري أو حسبي سبعة الخطوات ومتلفتيش، وإلا تلفتي خوفي عليك”. المرأة في هذه الحالة تكون شبه منومة ومخدرة وهي تحسب الخطوات السبعة، كما قد تجدها فرحة ببركة الشريف “السماوي”، فما إن تلتفت وراءها حتى تجد “لص السماوي” قد اختفى، عندها تتفحص ذهبها، فتصاب بالذهول وقد تصدم من هول الفاجعة، لتدرك أخيرا، أنها تعرضت لشكل جديد من النصب والاحتيال، وليس بحوزتها في آخر المطاف سوى بعض الأسلاك الدائرية الشكل، أو حلي “السبيكة” القصديرية الزهيدة الثمن. إلتقت ” مراكش بريس” ب “سعيدة” سيدة موظفة، ذات تعليم جامعي، تقطن بالحي المحمدي ، الداوديات بمراكش، وكانت قد ترددت في ذكر اسمها، لا لشيء سوى أنها كذبت على زوجها “عبد الغني”، ولا تود منذ عشر سنوات خلت أن تخبره بالحقيقة، مخافة أن تنحو الأمور إلى مالا يحمد عقباه. لكنها رأت أن قصتها مع “لص السماوي” من شأنها أن تزيح الغطاء وتكشف لقراء “أصداء مراكش” أسلوب وكيفية استدراج “لصوص السماوي” لضحاياهم، وسلب لأموالهم، خصوصا أنها هي الأخرى كانت ضحية نصب واحتيال من هؤلاء، ففي شارع علال الفاسي، كانت زوجة مصطفى في طريقها إلى سوق “ممتاز” قريب من حي السعادة، رفقة ابنها الذي لايتجاوزعمره ثلاث سنوات، فإذا برجل يرتدي جلبابا تقليديا وعمامة صفراء، اقترب منها ليناديها باسمها الحقيقي، يا للا سعيدة ... يا للا سعيدة. وتضيف زوجة عبد الغني ل ” مراكش بريس” : لقد تفاجأت كثيرا، لكنني تظاهرت بالتجاهل، ثم ناداني مرة ثانية باسمي قائلا: يا للا سعيدة يا “مرات سي عبد الغني”، توقفت، لأسأله من أين يعرف اسمي واسم زوجي، لكنه رد بلهجة قوية، “ماتسولينيش هاذ السؤال، ولكن سوليني على ذهبك اللي ف الصندوق لحمر،” ازداد حجم المفاجأة داخلي،تقول سعيدة، ثم تساءلت، كيف عرف اسمينا، ثم كيف عرف أني أمتلك الذهب، والذي أعمى بصيرتي، هو ذكره لون الصندوق الذي أضع فيه مجوهراتي، اقترب مني أكثر وقال: “ماتخافيش ابنتي، أنا شريف ولد شريف، من الزاوية الحامية، قاطع وديان وجبال، معيا عبيد وأحرار .........، راني جاي مخصوص ماباغي فتوح ما باغي فلوس، بغيت حاجة وحدة، لا تغني ولا تسمن من جوع “، سألته سعيدة عن حاجته، ليرد “حاجتي ابنتي هي تديري النية وتباتي مع الحية”، وبينما هو يحدثني، اقتربت منه شابة أنيقة وعصرية في الخامسة والعشرين من عمرها، علمت فيما بعد أنها تشتغل معه، اقتربت منا وقبلت يد ورأس “لص السماوي” قائلة “الله يرحم الوالدين، راه البركة ديالك نفعاتني، وذهبي كثر، بعدما بخيتي ليا فيه”، أخرجت من صدرها أوراقا نقدية من فئة 100 درهم ، حوالي 1500 درهم أو2000 درهم وسلمتها له، أخذها وقرأ عليها بعض الكلمات المشفرة، ونفث فيها، ثم أعادها إليها، لتختفي المرأة عن أنظاري. وتستطرد سعيدة، أنها بعدما شاهدت هذا المشهد، وكيف كانت تتعامل معه الشابة، هنا أدركت أن الرجل يحمل بركة، وما أوقعني في شباكه، هو أنه قال لي “راني مزروب، خاصني نشد طريقي ، ونرفع وعدتي....إلى عندك شي بركة عطيني ندير فيها لباروك، ولا عندك في الدار راني نتسناك”، ثم شدد في آخر كلمة له بقوله تعالى “إن بعد الظن إثم”، ذهبت توا إلى منزلي، وأحضرت حقيبتي الحمراء، أخذها وتمتم عليها كلمات غير مفهومة ثم طلب مني أن أغمض عيني، وأردد وراءه كلمات مبهمة، فما إن أتممتها حتى قال لي “راك مرضية ملي سلطني الله عليك”، منحته 50 درهما لكنه رفضها بدعوى أن عمله هذا في سبيل الله، ثم أعطاني حقيبتي، وطلب مني أن أهرول إلى منزلي، ناصحا إياي “تبخير” الحقيبة، فبمجرد وصولي إلى منزلي أصبت بالدهشة وكدت أفقد عقلي لما وجدت الحقيبة مملوءة بالحصى وبعض الأسلاك والمسامير، لقد نهب الملعون، سبع دمالج ذهبية عريضة، وبعض الأقراط وحزاما ذهبيا خالصا “مضمة” إضافة إلى بعض “النصاص” والخواتم، لقد كدت أن أجن، خصوصا أن قيمة ما نهبه “السمايري” يناهز ستة أو سبعة ملايين سنتيم، لكن ما أربكني هو ماذا سأقول لزوجي، آنذاك، حتى خلت أنه قد يطلقني إن علم بالحقيقة، إلا أن “ربي كبير”، لقد عرفت حينها كيف أعالج الأمر لأن زوجي يثق في كثيرا”. “لص سماوي” تاب لله.. كثيرة هي الشكاوي، التي وجهت إلى المصالح الأمنية بخصوص النصب والاحتيال من طرف “لصوص السماوي” صغارا كانوا أو كبارا، غير أن العديد من المواطنين الذين تعرضوا لمثل هذه العمليات الاحتيالية،خصوصا في مراكش، لا زالوا يجدون حرجا في وضع الشكاوى لدى المصالح المختصة، ولعل الدافع الأساسي في مثل هذه الحالات هو مخافة اكتشاف أمرهم،ومدى إيمانهم بالشعودة، وانتشار قصصهم التي قد تدرجهم في لائحة “الجاهلين” و “الأميين” مما قد يسبب لهم عقدا نفسية مستديمة، إلا أن الإحجام عن إعلام رجال الأمن بخصوص هذه الحالات، هو في حد ذاته تواطؤ فعلي مع هؤلاء، لكن الملفت للانتباه هو كون ”لصوص السماوي” أصبحوا يشكلون شبكة متشعبة بدءا ب”المحتال” الذي يوقع بالضحية إلى الصائغ الذي يشتري ما غنمت أيديهم من الذهب والمجوهرات، وفي هذا الإطار نجد عبد النبي الذي اعتبر رمزا من رموز “لصوص السماوي” في نهاية التسعينيات، وكان يصف نفسه بالحاج محمد السوسي ،قد امتنع عن ممارسة “السماوي” خصوصا لما نصحه أحد السجناء في سجن “بولمهارز” بمراكش، حينما وجد نفسه بين قضبان إحدى زنازنه بعدم العودة إلى النصب والاحتيال، إلا أن عبد النبي الذي “التزم” وأصبح حريصا على تطبيق سنة المصطفى عليه السلام، تمكن من “السفر” في الأسبوع الأول من شهر يناير 2012 إلى الديار القطرية. يؤكد عبد النبي بعد خروجه من سجن بولمهارز،من خلال شريط مسجل، تتوفر ” مراكش بريس” على نسخة منه، بأن بدايته الفعلية في حرفة “السماوي” بدأت في مطلع سنة 1990، كان في بداية الأمر يروج المخدرات “الحشيش” بقلعة السراغنة، غير أن أصدقاءه من “لصوص السماوي” اقترحوا عليه أن يخرج معهم في جولة إلى مدينة فاس، هنا وجد “عبد النبي” فرصته لاقتناء بضاعة “الحشيش” من شخص ينحدر من كتامة ، يقول عبد النبي” توجهت رفقة ثلاثة من “لصوص السماوي” إلى مدينة فاس، وفي نيتي أننا سنكمل المشوار إلى “كتامة” خصوصا أني اقترضت مبلغ 15 ألف درهم للتسوق هناك، مباشرة بعد وصولنا إلى فاس، أوقف “فرينكو” الذي يتزعم المجموعة سيارته، وأعطى أوامره لآخرين بترصد الضحايا والايقاع بهم بينما أنا و “فرينكو” نراقبهم عن بعد من داخل السيارة، بعد أقل من دقيقتين، توجه نحوي “ولد حادة” (أحد لصوص السماوي) وطلب مني أن أمنحه المبلغ الذي بحوزتي، ارتبت في الأمر، وخلت أن الأمر خدعة، تم التخطيط لها بذكاء غير أن “فرينكو” طمأنني بأن المبلغ سيعود مضاعفا، منحته النقود والوساوس تأكلني وتحيطني أينما وليت وجهي، وما هي إلا ثلاث دقائق، حتى أتيا معا “السمايرية” ورميا لي نقودي كاملة، وبينما نحن في الطريق إلى كتامة، أخرج “ولد حادة” كيسا بلاستيكيا أسود اللون، وبه ما يناهز كيلو غرام من الذهب، أصبت بالدهشة، بينما “فرينكو” لم يحرك ساكنا، هنا قال لي زعيم المجموعة “فرينكو” هل نكمل المشوار إلى “كتامة” أم نعود إلى قلعة السراغنة، كان الخوف يملؤني والحيرة تخنقني بعدما رأيت ذاك الكم الهائل من المجوهرات، لأختار العودة إلى القلعة مخافة أن يتم اعتقالنا، بعد وصولنا منحني “السحت” بعض الدمالج والخواتم والأقراط كنصيب لي عن المهمة، وما هي إلا يومان حتى أمدني بمبلغ 20 ألف درهم، لأجد نفسي منخرطا في هذه الشبكة الصغيرة التي امتدت وتناسلت لتصبح أغلب نشاطاتها مركزة في بعض الدول العربية، كليبيا وتونس والسعودية وغيرها. وتجدر الإشارة، أن ظاهرة “لصوص السماوي” التي تطفو بين الفينة والأخرى في الوسط المراكشي المغربي ليست حديثة العهد، فقد أفرزتها مجموعة عوامل اجتماعية خطيرة، لازالت تداعياتها توقع بضحايا السلب والنهب والاحتيال، واستغل محترفو ” السماوي “، عبر محطات زمنية مختلفة، الجهل والأمية والاعتقاد السائد لدى شريحة عريضة من المجتمع المغربي،خصوصا من النساء الداعي إلى وجود “البركة” ووجوب الإيمان بها، وضرورة طلب “التسليم” لحاملها، فهناك العديد من الوقائع التي تبرز على أن بعض المغاربة رجالا كانوا أو نساء، تعرضوا للنصب والاحتيال عن طريق الاستغلال الديني، إلا أن عمليات “لصوص السماوي” أخذت شكلا ولغة أخرى لتسري في المجتمع مثلما يسري السم في عروق الجسم. ومن باب التوضيح، وجب أولا تبيان المراحل التي أفضت إلى وجود هذا النوع الجديد القديم من أنواع النصب والاحتيال. فظاهرة “السمايرية” نتجت عن ظاهرة أخرى أخذت تتلاشى في الآونة الأخيرة، وهي ظاهرة “ضربو شي الفال” حيث كانت تتجول إمرأة بدينة ومتثاقلة في مشيتها، بأحياء مراكش العتيقة، وتردد في صيحات حادة وقوية : “ضربو شي الفال”....”ضربو شي الفال”. ظاهرة السماوي تعود من جديد لمراكش .. مراكش بريس / عدسة : محمد أيت يحي . لتتطور مع مرور الوقت من “ضربو شي الفال” إلى “لصوص السماوي”. من “ضرب الفال” إلى “السمايرية” يطوفون البلدان العربية. شيفرة الشريف ... إلى نهاية التسعينيات، وجد الشريف “اسم مستعار” نفسه بمدينة مراكش، فهو ابن منطقة سيدي عبد الله غياث، غير أنه كان كثير التجوال، وفي إحدى رحلاته ، التقى برجل في مدينة “إنزكان” يلقبونه بالفلكي، فهو حسب “الشريف” رجل خارق للعادة، عاشره مدة ليست بالهينة، وأخذ عنه علمه وتجاربه، وطريقته في “ضرب الفال”، ليعود إلى دواره بمنطقة سيدي عبد الله غياث بإقليم الحوز ، محملا ببعض الطرق الغريبة في إبهار الناس، مما دفعه إلى إستثمار الظرف لتعليم بعض الأصدقاء من أبناء المنطقة، وبالفعل فقد تعلم على يديه ثلاثة لا داعي لذكر اسمائهم، ظلوا يرافقونه في حلقته بساحة جامع الفنا.. بعد أن كون “الشريف” مجموعته أصبحت أعمالهم في الحلقة ، فبعد أن يضع “الشريف” عصابة على عينيه، يشرع الآخرون في تهييج المتفرجين بجرد بعض الخوارق التي فعلها “الشريف” ويطلبون من الحضور “طلب التسليم له”، كما يقولون إنه يستطيع أن يعلم المكنون في صدورهم، ويكشف عن الغائب ويسهل في “أوراق الخدمة”، ويفك السحر، إلى غير ذلك من الأمور المستعصية، وثمن ذلك 5 دراهم فقط عن كل قراءة للفال. ويعترف “الشريف” ل ” مراكش بريس” قائلا:” عندما أكون معصوب العينين، يتجه أحد زملائي إلى الرجل أو المرأة التي ترغب في معرفة فألها ، فيقول له على سبيل المثال”أشنو عندك”، فيجيبه “كنقلب على خويا اللي غاب شحال هاذي”، هنا يسألني صديقي قائلا ” هاذ الولد فاش مرادو” لأجبيه بكل بساطة” بأنه يبحث عن متغيب خرج منذ مدة ولم يعد والآن إنه موجود في الناحية الفلانية..” كنا آنذاك نغنم عن كل “حلقة” ما يزيد عن 5000 درهم لقد حاولنا مع الشريف الذي امتنع عن مثل هذه الممارسات ما يزيد الآن عن عشرسنوات أن يكشف لنا عن أسرار قراءة الفال، لكنه أحجم عن الجواب، خشية ما قد يفتح عقلية بعض “الجاهلين” و”الأميين” الذين لا زالوا يؤمنون بمثل هذه “الخزعبلات”. لكنه في آخر المطاف قرر البوح، يقول “الشريف” لكل كلمة موضوع، فسواء كنت معصوب العينين أو في وضع يسمح لي بالرؤية فالكلمات والحركات بمثابة المفتاح، فبعدما يقول لي صديقي “هاذ أش عندو ” أجيبه عندو عكس، وكيقلب على خدمة، أما عندما يقول لي ”وهذا أش باغي”، أجيبه” هذاك واقف على وراق ديال الخدمة، وعندو كتاب مدفون في الدار، “إلى غير ذلك، فقد علمت هؤلاء بناء على أشياء دقيقة، وحفظوا الكلمة وموضوعها، وحركة الأيدي والأرجل ومدلولاتها، فأنا لا أعلم الغيب ولا أداوي السحر، ولا أكشف عن الغائب، وإنما استنبط الموضوع من خلال كلمات وحركات صديقي الذي هو الآخر عرف الموضوع الذي يريد السيد أو المرأة أن تقرأ فيه الفال”، إلا أن “الشريف” أصابه اليأس والإحباط عندما علم أن أصدقاءه أصبحوا يشتغلون آنذاك خارج حدود “الحلقة” لتتحول قراءة الفال إلى عملية نصب من نوع آخر، وهي “السماوي” التي يحرك خيوطها ويبتكر كلماتها ومواويلها “لصوص محترفون”؛ وحسب بعض العارفين بخبايا هذا النوع من النصب والاحتيال، فإن العديد من “لصوص السماوي” تجاوز عملهم دائرة حدودهم الجغرافية، وأصبحوا يشتغلون في المدن والنواحي المجاورة لمقر سكناهم يظهرون في صفات متعددة، فتارة يتنكرون في صفة فقيه ورع، وتارات أخرى يلبسون أسمال المجاذيب،و”هداوة” ليحتالوا على المواطنين بدعوى أنهم يحملون البركات ، غير أن بينهم من أصبحوا في الآونة الأخيرة يركزون نشاطاتهم على بعض الدول العربية، خصوصا الإمارات العربية المتحدة، السعودية، الأردن وتونس، كما أصبحوا يجالسون علية القوم، ويركبون أفخم السيارات، إلا أن النقطة التي لازالت مبهمة لدى البعض هو كيف تمكنوا من الحصول على بطاقات “الشرفاء”، بعدما كانوا بالأمس القريب يحتالون على المواطنين في “الحلقة” قصد الحصول على “5 دراهم”؟ مراكش بريس.