كما كان متوقعا، بعد تصريح عبد القادر مساهل الوزير الجزائري المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية استبق حلول سعد الدين العثماني للعاصمة الجزائرية، لم تتجاوز المباحثات، التي جرت على مدى يومين بين المسؤولين الجزائريين ونظرائهم المغاربة، حدود التركيز على توضيح الرؤى في ما يتعلق بالملفات العالقة بين البلدين وكذا توطيد العلاقات الثنائية، فيما ظل ملفا فتح الحدود البرية والصحراء المغربية حبيسي الاتفاق بضرورة التأجيل. ففي ندوة صحفية مشتركة مع نظيره الجزائري مراد مدلسي، في أعقاب مباحثات بين الجانبين، قال سعد الدين العثماني وزير الشؤون الخارجية والتعاون، حسب ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، إن المباحثات الثنائية أفضت إلى الاتفاق على وضع برنامج عمل مدقق يلتزم به الطرفان بإعطاء دفعة جديدة لعلاقاتهما الثنائية، ومواصلة التشاور والتعاون لتجاوز حالة الجمود التي يعرفها اتحاد المغرب العربي وتفعيل مؤسساته، وعقد اجتماع كل ستة أشهر لوزيري خارجية البلدين لتقييم ما تم إنجازه في إطار ما اتفق عليه، فضلا عن وضع برامج جديدة. أما بخصوص القطاعات التي لم تكن بعد موضع لقاءات كالتعليم العالي والبحث العلمي والتربية الوطنية والإعلام، فأكد سعد الدين العثماني ، في الندوة الصحفية ذاتها، على ضرورة الانكباب عليها، وتشجيع لقاءات بين رجال الأعمال والمقاولات والبرلمانيين وجمعيات المجتمع المدني وذلك بهدف ربط جسور ثابتة للتعاون وتبادل التجارب والخبرات. وفي توضيحه حول ما قيل بخصوص وجود اتفاق مسبق لتأجيل ملف فتح الحدود المغلقة منذ سنة 1994 بين الجزائر والمغرب، وكذا قضية الصحراء، قال العثماني لوسائل الإعلام، بعد انتهاء مباحثاته الرسمية مع مراد مدلسي، إن «تجاوز المعوقات التي تحول دون تطوير العلاقات السياسية بين المغرب والجزائر يمثل أولوية الأولويات بالنسبة لنا»، معتبرا أنه «من الواجب التاريخي بالنسبة للبلدين العمل على تطوير علاقاتهما وتجسيد تطلعات الشعبين لبناء مستقبل أفضل». وأضاف وزير الخارجية والتعاون، الذي استقبل قبل عودته إلى المغرب، من قبل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بإقامة جنان المفتي بالجزائر العاصمة، أن المغرب والجزائر «يمكنهما، من خلال تطوير علاقاتهما، الاضطلاع بدور أساسي، كفاعلين رئيسيين، على المستوى المغاربي والعربي والإسلامي والإفريقي والدولي»، منوها، بالمناسبة، ب «الاهتمام الكبير» الذي أولته السلطات الجزائرية لهذه الزيارة الرسمية إلى الجزائر. وهو اهتمام يراه المتتبعون «عنوانا لنجاح زيارة وزير الخارجية المغربي،على اعتبار أن أول تنقل له بعد التعيين يعتبر في العرف الديبلوماسي إشارة على رغبة مشتركة وهامة في تذويب جليد الخلافات بين البلدين».وعدم خروج مباحثات الطرفين بتوصيات حول ملفي الحدود والصحراء «أمرا طبيعيا، بالنظر إلى طول مدة جمود العلاقات بين البلدين، وبالنظر أيضا إلى كونهما ملفين ثقيلين يتطلبان وقتا أطول»، والجانبين «تطرقا بالتأكيد للموضوعين. ولا يمكنهما تسريب مضامين حوار جرى في الكواليس بعيدا عن وسائل الإعلام، لكون حيثياته وتداعياته تفتح الباب للقاءات وإجراءات وتدابير قادمة يرتبط بها حل قضايا أخرى أعمق وأشد صعوبة كإعادة إحياء الاتحاد المغاربي والعلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي ومحاربة الإرهاب».