جلسات التفاوض بين المغرب والجبهة خلال 2011 أعادت الصراع إلى نقطة البداية لم تستثن رياح التغيير التي تجتاح العالم العربي جنوب غرب الجزائر، حيث تنتشر مخيمات تندوف. ورغم قساوة المكان وسطوة القوات العسكرية التابعة لجبهة بوليساريو، فإن بعض الأصوات تعالت داخل المخيمات تطالب بالديمقراطية وتبشر بوصول الربيع العربي إلى هذه النقطة من الصحراء، التي يتعايش فيها أقدم مخيم للمحتجزين مع أقدم نظام للجان الشعبية، بعد انهيار شبيهه في ليبيا، مع أقدم زعيم سياسي في إفريقيا والعالم، بعد وفاة رئيس كوريا الشمالية أخيرا. الربيع العربي لم يزهر بعد في تندوف، لأن المؤسسة العسكرية الجزائرية وميليشيات بوليساريو، أوقفت زحف الربيع، بتدشين سلسلة من الاعتقالات ومنع المحتجزين من مغادرة المخيمات، ومنع بعضهم من الحصول على جوازات سفر، علاوة على التضييق على مختلف الآراء التي من شأنها أن تضايق الجبهة في تمثيلية الشعب الصحراوي، التي بدأت تتضاءل فعلا، مع تأسيس حزب سياسي في الخارج معارض لتوجهات بوليساريو استفرادها بالسلطة والتمثيلية، وقبلها مع تأسيس المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية الذي يفاوض بوليساريو نفسها في مفاوضات الصحراء برعاية أممية. طريق الثورة بدأ عبر الفايسبوك يعبر نحو مخيمات بوليساريو، فأشغال المؤتمر الثالث عشر للجبهة، أبان أن الأخيرة لم تستخلص دروس الثورات العربية، وبقيت تمارس النهج نفسه والطريقة نفسها في تدبير المخيمات، عبر عسكرة المخيمات وإقصاء الأصوات المعارضة وتهميش الشباب الصحراوي المقيم في الخارج. على شبكة التواصل الاجتماعي أحدثت صفحة أطلق عليها «الثورة الصحراوية ضدّ جبهة البوليساريو، وهي ترفع اليوم «دعما لثورة الشباب الصحراوي» In Support of Sahrawi Youths Revolution، وتخاطب العالم بأسره بعيدا عن قيود المخيمات من خلال شبكة مفتوحة أمام الجميع من أجل التفاعل والنقاش، هي البداية نفسها التي سبقت مختلف البلدان التي شهدت ثورات ضد أنظمتها، وإن كان الأمر مختلف شيئا في تندوف حيث يستقوي نظام الجبهة بالنظام العسكري الحاكم في الجزائر، لردع المخالفين منذ ظهرت البوادر الأولى لحركة مناهضة لجبهة بوليساريو في مارس من سنة 2011، بعد أن أعلن تأسيسها مجموعة من الشباب الصحراويين ردا على استمرار منعهم من ممارسة الديمقراطية في صنع القرار السياسي داخل المخيمات منذ 36 عاما. بالمقابل، تسير السنة الحالية إلى نهايتها، دون جديد في ما يتعلق بالمفاوضات بين المغرب وبوليساريو، بشأن الوضع النهائي في الصحراء، فقد سعت الجبهة إلى تعطيل مبادرة الحكم الذاتي، التي اقترحتها الرباط، تارة عبر رفضها وتارة عبر الموافقة عليها ضمن مقترحات أخرى، منها الاستفتاء في الصحراء، وفي النهاية نجحت الآلة الدبلوماسية الجزائرية في توقيف التقدم نحو توافق أكبر بسبب سعيها الدائم إلى عرقلة أي تسوية لا تأخذ بعين الاعتبار مصالحها في المنطقة. جلسات التفاوض التي جرت خلال السنة المنتهية، وإن على قلتها، لم تفض إلى نتيجة تذكر، بعد أعادت النقاش إلى نقطة البداية، وهي الفكرة التي كانت تسعى الجبهة إلى تنزيلها منذ البداية، بعد أن أدركت أن المزيد من التعاطف الدولي مع المبادرة المغربي القاضية باقتراح نظام للحكم الذاتي في الصحراء، يعني مزيدا من الضغط على الجبهة والجزائر للقبول بالحل السياسي، ما دام المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها.