برلمان بمنزلة «مجلس تأسيسي» إمكانية ارتداء عباءة المجلس التأسيسي. الأصوات محصنة و المراقبة مكثفة تأكيد التصويت على الدستور البرلمان يمارس السيادة المشاركة المكثفة تقطع مع الفساد وجوه جديدة تستحق الدعم تصويت لصالح الاستثناء المغربي تطبيق ربط المسؤولية بالمحاسبة الجمع بين الحقوق والواجبات اقتراع غد الجمعة يختلف عن سابقيه في حوافز التشجيع على التنقل إلى صناديق الاقتراع وممارسة حق وواجب التصويت، فانتخابات الغد ليست فقط آلية لتنزيل الدستور الجديد، إنما هي أيضا عملية سياسية بمضمون ديمقراطي أعمق، جزء منه يرسمه جديد الدستور، وجزء آخر يؤطره السياق الإقليمي المحيط بانتخابات الخامس والعشرين من نونبر. هنا نرصد على الأقل عشرة أسباب تدعو إلى المشاركة بكثافة في انتخاب مجلس النواب. اختيار رئيس الحكومة في مقدمة الأسباب التي تعطي للتصويت في انتخابات غد الجمعة حجما غير مسبوق، سواء من الناحية السياسية أو على الصعيد الدستوري، هي أنها ستعطي الفرصة للناخبين من أجل المشاركة الفعلية في اختيار رئيس الحكومة المقبل، وذلك بالنظر إلى أن الدستور الجديد نص على جلالة الملك يعين رئيسا للحكومة من الحزب الذي أحرز الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية . لأول مرة في تاريخ المغرب السياسي، إذن، سيتم التعرف على انتماء من سيقود الحكومة مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية، المشاركة في اسحقاقات الغد سيزيد من أهميتها أن الدستور الجديد منح صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة كانت من قبل من صلاحيات جلالة الملك. برلمان بمنزلة «مجلس تأسيسي» الأهمية التي يكتسيها البرلمان المقبل ستجعله يلعب دور المجلس التأسيسي، فرغم أن الدستور المغربي الجديد، الذي تمت المصادقة علية باستفتاء دستوري في الفاتح من يوليوز الماضي، لم يأت عن طريق اعتماد آلية المجلس التأسيسي، الذي توكل إليه في العادة عملية وضع الدساتير، إلا أن عدد القوانين التنظيمية التي نص دستور 2011 على ضرورة إقرارها خلال الولاية التشريعية الأولى يعطى للبرلمان، الذي سينبثق عن الانتخابات التشريعية الحالية، إمكانية ارتداء عباءة المجلس التأسيسي. على أن استكمال ورش تزيل مقتضيات الدستور الجديد لم تقف عند حدود القوانين التنظيمية المؤطرة للانتخابات التشريعية، التي تم وضعها خلال دورة البرلمان الاستثنائية الماضية، بل يتجاوزها في اتجاه ضرورة وضع زهاء ال 17 قانون تنظيميا آخر. الأصوات محصنة و المراقبة مكثفة عملية التصويت بدورها لن تكون، كما كانت في السابق، بدون حماية قانونية حقيقية، الدستور الجديد أقر، هذه المرة، حصانة كاملة لأصوات الناخبين عندما نص في فصله الثاني بأن «السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها»، مشددا في الفصل السادس منه على أن « السلطات العمومية تعمل على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية». مقتضيات تم تكريسها باعتماد قانون خاص بالمراقبة و الملاحضة الانتخابية يفتح الباب أمام المنظمات المختصة، الوطنية منها والدولية، للمشاركة في مراقبة سير العمليات الانتخابية. تأكيد التصويت على الدستور نسبة المصوتين ب «نعم» في الاستفتاء على دستور 2011 التي ناهزت 98 في المائة، ونسبة المشاركة فيه التي وصلت إلى 73 في المائة، لن يكون لهذه الأرقام أي مفعول على المستوى السياسي إذا لم تتبعها مشاركة مماثلة في الانتخابات التشريعية الحالية. المشاركة القوية في استحقاقات الغد ستكون أحسن تتويج للمراحل المتتالية التي مهدت للدستور، ابتداء من الخطاب الملكي التاريخي ليوم 9 مارس 2011، ومرورا بإسهامات كل الفاعلين السياسيين والفرقاء الاجتماعيين وفعاليات المجتمع المدني والمواكبة القوية والمهنية لكل وسائل الإعلام العمومية والخاصة، وانتهاء بالانخراط الشعبي الواسع في الاستفتاء الدستوري. البرلمان يمارس السيادة في أولى فصوله، أبى الدستور الجديد إلا أن يؤكد على أن « السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها» بما يعني أن البرلمان المقبل سيمارس السيادة كاملة، خاصة في ظل الاعتراف الدستوري له بصلاحيات سلطة، تمارس اختصاصات تشريعية ورقابية واسعة، عندما كرس الدستور سمو مكانة مجلس النواب، بتخويله الكلمة الفصل في المصادقة على النصوص التشريعية وتعزيز اختصاصاته في مراقبة الحكومة لا سيما بتكريس مسؤولية الحكومة الحصرية أمام المجلس، كما سيحتكر البرلمان سلطة التشريع وسن القوانين وتوسيع مجال القانون ليرتفع إلى أكثر من 60 مجالا. المشاركة المكثفة تقطع مع الفساد المشاركة المكثفة في الاستحقاقات الحالية من شأنها أن تقطع الطريق على لوبيات وسماسرة العملية الانتخابية، على اعتبار أن العزوف عن المشاركة في الانتخابات التشريعية سيساعد على استمرار الممارسات اللاديمقراطية السابقة، وسينسف كل الجهود التي بذلت إلى الآن من أجل الانخراط في الموجة الديموقراطية. عندما تكون نسبة المشاركة كبيرة، فإن غنائم قوى الفساد لا تكون ذات تأثير على النتائج العامة للاستحقاقات، وستذوب الأصوات المؤدى عنها وسط أعداد الوافقين على أبواب مكاتب التصويت، مسؤولية الدعوة إلى المشاركة تتحملها كل الأحزاب التي اتحد خطابها حول عدم قبول استمرارية العبث في المشهد السياسي في المغرب، وأن الانخراط في التصويت في الانتخابات التشريعية المقبلة يعد بمثابة دعوة إلى الانخراط في المسلسل الديمقراطي الذي تم إجهاضه من طرف لوبيات الفساد وسماسرة الانتخابات ومافيات المخدرات. وجوه جديدة تستحق الدعم الإحجام عن المشاركة في التصويت بذريعة أن نفس الوجوه هي التي تنجح دائما في الوصول إلى المقاعد البرلمانية، سيفقد الكثير من مصداقيته في محطة التشريعيات الحالية، على اعتبار أن اللوائح المقدمة للتنافس عرفت تطورا مهما في نوعية المتنافسين، ذلك أن نسبة الوجوه الجديدة بلغت أكثر من 87 في المائة، في حين أن نسبة حملة الشهادات العليا من المترشحين ناهزت الستين في المائة. أغلب الأحزاب المشاركة في انتخابات الجمعة دفعت بالشباب و النساء على رأس لوائحها المحلية، حيث أكدت وزارة الداخلية في إحصائياتها أن نسبة وكلاء اللوائح المحلية الذين تقل أعمارهم عن 45 سنة وصلت إلى 36،03 في المائة، و أن 57 لائحة تقودها نساء أي بنسبة 3،75 بالمائة، هذا بالإضافة إلى ما ستحمله اللائحة الوطنية من تجديد لدماء النخب السياسية المغربية من خلال تخصيصها ل 60 مقعدا للنساء و 30 للشباب . تصويت لصالح الاستثناء المغربي وهم يشاهدون ما آلت إليه الثورات العربية على شاشات الفضائيات العربية والدولية، ودوامة سيادة الفوضى و ضبابية المستقبل، كثيرون هم المغاربة الذين يتمنون أن لا تدخل بلادهم تجربة من هذا القبيل، ولعل أهم الرسائل التي يمكن أن يحملها الذاهبون إلى التصويت في الانتخابات التشريعية الحالية هى الإرادة في ترجمة هذا الرجاء على أرض الواقع . دستور جديد، حكومة ديمقراطية، انتخابات نزيهة، يمكن للمغاربة، إذن، أن يدركوا مطالب ثوار تونس ومصر وليبيا دون المرور بنفس المسار الصعب، الذي يبدو أنه سيكون طويلا ولن تكون نتائجه مضمونة، وحدها المشاركة المكثفة في أول انتخابات تشريعية زمن الدستور الجديد يمكنها أن تعبد الطريق لتفادي المزالق التي توزعت فيها سبل الثوار العرب. تطبيق ربط المسؤولية بالمحاسبة حتى قبل تصاعد حدة الاحتجاجات غداة اندلاع الربيع العربي، شكل ربط المسؤولية بالمحاسبة أحد المطالب الإصلاحية الأساسية بالمغرب، مبدأ تبناه الدستور الجديد وشدد عليه جلالة الملك، حينما ذكَّر المقبلين على ترشيح أنفسهم لهذه الانتخابات في خطاب العرش الماضي ب«ضرورة تكريس الدستور، وعلى أن يضعوا في اعتبارهم بأن ممارسة السلطة أصبحت مرتبطة بشكل وثيق بالمحاسبة». تغيرت المعادلة و«آن الأوان للقطيعة النهائية مع الممارسات الانتخابوية المشينة، التي أضرت بمصداقية المجالس المنتخبة، وأساءت لنبل العمل السياسي. فعلى كل من ينوي الترشح للانتخابات المقبلة أن يستحضر تكريس الدستور لربط ممارسة السلطة بالمحاسبة» على حد تعبير جلالة الملك. الجمع بين الحقوق والواجبات إذا كان الدستور الجديد قد بوأ الحقوق والحريات مرتبة رفيعة بشكل جعل منها واسطة عقده وخيطه الناظم، وإذا كان الحضور الوازن لهذه الحقوق، في القانون الأسمى الجديد للمغرب من التصدير حتى آخر فصل من فصوله، قد شكل الصفة الأبرز التي تنم عن وجود إرادة قوية لإعلاء شأن الحقوق في مختلف تجلياتها والسعي إلى طي صفحة الماضي الأليم لحقوق الإنسان، التي مايزال البلد يجر تبعاتها إلى اليوم، فإن المنطق الديموقراطي يفرض أنه بالموازات مع ممارسة الحقوق أن يتحمل المواطن واجباته وليس أقلها ضرورة الإدلاء بأصواتهم في كل الاستحقاقات الانتخابية .