متابعة: حفيظة بوضرة على شاكلة الطفل المتوحش الذي عاش مع القطط والكلاب فوق السطوح... .......................................................................... رغم أن المغرب وقع على اتفاقية حقوق الطفل،واعترف ببنودها،وعلى الرغم من تجند المجتمع المدني في شكل جمعيات ومؤسسات تسعى لحماية الطفل من الخروقات التي يتعرض لها أو من الاستغلال الجنسي،أو من تسخيره في أعمال يمنعها القانون،على الرغم من كل هذا،فإن الطفل في بلادنا لا زال يعيش وضعية قلقة تستدعي تكثيف الجهود لوضع حد لكل من تسول له نفسه استغلال الأطفال أو الحد من حقوقهم المشروعة.فمجرد كون الأطفال يتعرضون للتعذيب،يجب أن يكون أمراً مروعاً يحدث في النفس صدمة رهيبة.فاعتمادهم على الكبار وضعفهم ينبغي أن يكونا سبباً لمنحهم الحصانة من الفظائع التي يقترفها الكبار ضد بعضهم بعضاً.ومع ذلك،فإن العنف ضد الأطفال لازال متفشيا. بين قضية طفل مراكش وقضية طفل وجدة شعرة واحدة تطالعنا الأخبار من هنا وهناك،وفي كل جهة من جهات المملكة بتجاوزات صارخة يكون فيها الطفل ضحية لا يملك قدرة الدفاع عن نفسه،ولعلنا ندرك عمق الأزمة من خلال القضية التي دوت في كل أرجاء المغرب السنة الفارطة،وخلفت ردود أفعال متباينة وعنيفة ضد سلوك لا إنساني ذهب ضحيته طفل لا يتجاوز الست سنوات،حينما عاش طيلة ثلاث سنوات معزولا عن العالم الخارجي مع القطط والكلاب،يتقاسم معها أكلها وصراعها من أجل الحياة،بعدما عمدت مربيته التي كانت تعمل موظفة سابقة بابتدائية مراكش،من مواليد سنة 1951 إلى ضربه ضربا مبرحا،وأحيانا أخرى كانت تمنعه من الخروج من المنزل لملاقاة أصدقائه في الحي،لتهتدي في نهاية المطاف إلى فكرة حبسه في سطح المنزل رفقة القطط والكلاب،خاصة وأنها كانت تهوى تربية الحيوانات الأليفة.. السيناريو الكامل لحلقات تعذيب الطفل عبد القادر نفس فصول هذه القضية تقريبا عاشها الطفل عبد القادر المالكي ذو الست سنوات،هذا الطفل الذي لم يعرف معنى الاستقرار بين أحضان أسرة،ذلك أن والده الذي كان يجمع بين امرأتين انفصل عن أمه بسبب تخلفها العقلي مباشرة بعد ولادته.وبذلك تربى عبد القادرعند جده القاطن بدوار الشحالفة مدة تزيد عن أربع سنوات،لينتقل بعدها إلى منزل والده (المالكي.ح) القاطن بحي الملعب الشرفي بوجدة،والذي يعيش رفقة زوجته المسماة (فاطنة.ن) المزدادة سنة 1968 وابنه ذي الخمس سنوات.وكأي طفل في عمر عبد القادر،ونظرا لحركيته ومرحه وإقباله على الحياة يكتشفها،كان يتعرض للعنف بشتى أنواعه من طرف زوجة والده،التي كانت تعمد أحيانا إلى ضربه ضربا مبرحا،وأحيانا أخرى إلى احتجازه بالمرحاض وصب الماء البارد على جسده،وأحايين أخرى العمد إلى جعله يبيت مع الأرانب التي كانت تربيها و كأنه من عالم آخر،أو كأنه كائن جني يخاف منه بالإضافة إلى خلع أظافره بواسطة ملقاط واستعمال ماء جافيل على مستوى العينين،قبض الشفتين بواسطة المقبض ووضع التوابل الحارة على مستوى المخرج ،إلى غير ذلك من التعذيبات التي كانت تطال هذا الطفل البريء،الذي ذاق مرارة الحياة وهو لايزال لم يكتشف حتى أعضاء جسده التي تكسرت معظم أجزائه من ذراع وحوض وصدر وأحد أصابع اليد وبالضبط إصابته بأحد عشر كسرا ،ناهيك عن آثار الجروح والخدوش والحروق،لدرجة التسبب في عاهة مستديمة له...إنه حقا تعذيب للنفس البشرية التي لها كامل الحق في الحياة..إنه تعذيب لطفل بريء لم يلاقي من هذه الحياة إلا أبشع صور المعاملة،وأقسى معاني الألم،في ظل التجرد من الإنسانية،من طرف امرأة يفترض أن مشاعر الأمومة فيها فطرية.سبعة أشهر كانت سيناريو لمسلسل التعذيب الذي تعرض له الطفل عبد القادر ذو الست سنوات،ليعاود والده أخذه إلى دوار الشحالفة أين يقطن جده..الجد الذي قدم صحبة حفيده إلى مستشفى الفارابي بعدما وجده في وضعية صحية صعبة،ومن تم عرضه على مسؤولة وحدة التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف بقسم المستعجلات بالمستشفى المذكور،ليتم إخبار الوكيل العام للملك لاتخاذ الإجراءات اللازمة. فرقة الأحداث التابعة لولاية الأمن بوجدة،تحركت في هذا الاتجاه وأجرت تحقيقاتها الحثيثة في هذا الملف، -الذي أمدتنا مشكورة بجل تفاصيله وحيثياته- عبر محاضر استماع للعائلة،سيما الأب وزوجته،وطبعا الطفل الذي أصر على توجيه الاتهام لزوجة الأب السبب الرئيسي فيما آل إليه..اتهام أنكرته الزوجة كما أنكره الوالد أيضا...وطبعا، واستكمالا للإجراءات القانونية قدم الأب وزوجته إلى محكمة الاستئناف بتهمة الاحتجاز والتنكيل والضرب والجرح الخطيرين بالسلاح الأبيض المؤدي إلى كسور،وعدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر..فيما أودع الطفل بقسم الأطفال المهملين بمستشفى الفارابي.. عائلة مشتتة حتى إشعار آخر إلى ذلك يعيش إخوة عبد القادر متفرقين،لدى عائلات من أهل الخير تكفلن بهم،إذ تعيش أخته التي تبلغ من العمر 12 سنة بمنزل إحدى السيدات،بعدما عانت الأمرين مع زوجة أبيها،فيما يعيش آخر (حوالي 11 سنوات) لدى عائلة أخرى،بينما يتردد الأخ الأكبر (15-16 سنة) على منزلي جده ووالده. وختاما إن واقع حياة بعض الأطفال المأساوي يفرض إيجاد حل سريع وفعال لإنقاذهم.. سيما وأن العنف والإيذاء الأسرى،وخاصة ضد الأطفال أضحى من المشكلات الاجتماعية التي تعاني منها جميع المجتمعات خلال السنوات الأخيرة..