من المعلوم أن السباحة في البحر أو حوض السباحة تشكل بالنسبة إلى معظم الأطفال استرخاء ومتعة، ولكن في الوقت نفسه تسبب لبعض الأطفال البكاء والصراخ مما يفسد متعة العطلة الصيفية. ويرى اختصاصيو علم نفس الطفل أن الخوف من الماء له أسباب وأشكال عدة، فبعض الأطفال يخاف من الماء بصورة عامة، فالاستحمام بالنسبة إليه كابوس، ويلاحظ تسمره بالقرب من حوض السباحة ولا يجرؤ على السباحة، أما على الشاطئ فيكتفي باللعب بالرمال. قد يكون سبب الخوف من الماء حادثة ما أثرّت في الطفل سلباً أحيانًا يتذكرّها وأخرى تكون موجودة في لا وعيه، فمثلاً قد يكون رأى حادثة غرق، أو أنه في إحدى المرّات أثناء اللعب مع أترابه دفعه أحدهم إلى الماء بغتة، وقد يكون الخوف ناتجا عن المحيط العائلي كأن ينقل الأب أو الأم شعوره بالخوف من الماء إلى الطفل. لذا للأهل دور أساسي في طمأنة الطفل، ومنحه الثقة بنفسه من أجل تخطي خوفه، أما إذا لم يستطع تخطيه رغم كل المحاولات التي بذلها الوالدان من الأفضل استشارة اختصاصي في الفوبيا لأنه سيعرف الأسباب الكامنة وراء خوف الطفل من الماء. هناك احتمال كبير ألا يسبح الطفل الصغير في أول اتصال له بالبحر. فهو يخاف قليلاً من كل ما هو جديد، فضلاً عن أن البحر كبير ويتحرّك، وهو مالح ويصدر أصواتًا قوية، كل هذه الأسباب تجعل الطفل الصغير يخاف، فالبحر يختلف عن حوض الاستحمام أو السباحة. كما أنه من الممكن أن ينتقل شعور الأهل بالخوف إلى الطفل الذي يشعر بتوتر والدته أثناء نزولها الماء بصحبته، كأن تحضنه بشدة كلما اقتربت من الماء. أما فيما يتعلق بالطفل ما فوق الثلاث سنوات فخوفه قد يكون سببه التعليمات الكثيرة التي يلزمه بها الأهل أثناء نزوله في الماء مما يفقده ثقته بنفسه فيفضل عدم النزول إلى الماء. لذلك على الوالدين ألا يعقّدوا المشكلة، فبعض الأهل وعن غير قصد يهزأون من خوف طفلهم ظنًا منهم أنهم يساعدونه في تخطي المشكلة فيما يزيدونها تعقيدًا. المطلوب من الأهل الصبر واللطف، فالطفل ليس جبانًا، لأنه يخاف من الماء في هذه السن، بل على الوالدين التفكير في اللحظات التي يظهر فيها خوفه، مما يسمح لهما بفهم أسباب هذا التصرف، وإتباع سلوك إيجابي لمساعدته في التخلص من خوفه. لذا من المهم جدًا ألا يرغم الأهل طفلهم على السباحة في الماء، بل عليهم أن يتركوه يلعب على الشاطئ، ويبني قصرًا من الرمل ويضحك عندما تأتي موجة صغيرة وتهدمه، ورويداً رويداً سوف يألف البحر ويشعر بفضول تجاهه ويبدأ بتبليل قدميه في مياهه. ومن ثم تتعزز لديه الجرأة على السباحة فيه. نصائح عملية - لا تذكّري طفلك أنه في حوض السباحة، بل دعيه ينسجم مع هذا النشاط ولا تحاولي أن تضيفي نشاطًا آخر. فمثلاً إذا كان يقفز في حوض السباحة لا تطلبي منه أن يلعب بمزلاقة الماء. - لا تحضّري له حقيبة البحر إلا إذا طلب منك ذلك. - تجنبي النصائح السلبية: «لا تخف من الحوض»، «لا تركض»، «لا تقفز»... - اتركيه يلعب بالقرب من الحوض إذا لم يكن يرغب في السباحة فور وصوله إلى المسبح. - لا تحوّلي اللعب إلى تمارين إذا نزل طفلك إلى حوض السباحة أو البحر. - لا تبالغي في حمايته، فمن غير المجدي أن تحضنيه بشكل قوي عند النزول إلى الماء، بل دعيه يتدبر أمره وحده وبحسب إيقاعه. - لا تنتقدي سلوكه في الماء كأن تقولي له مثلاً: «أصبحت في سن يجب أن تكون قد عرفت أصول السباحة»، فكل طفل له إيقاعه والتخلص من خوفه يحتاج إلى وقت. - لا تثيريه بالقوة. فمثلا عندما ينزل إلى الماء لا تحاولي أن تغسلي رأسه بالماء بالقوة أو ترشيه بالماء. فهو سيقوم بذلك من تلقاء نفسه عندما يشعر بأنه مستعد لهذا النوع من الحركات في الماء. - ساعديه إذا ابتلع القليل من الماء ولكن لا تعلّقي كثيرًا على ذلك وتجعلي الأمر يبدو وكأنه كارثة حلّت بطفلك. بل اطلبي منه أن ينتبه للأمر بهدوء. - لا تجبريه على النزول إلى الحوض واللعب مع الأطفال الآخرين الذين لا يفهمون خوفه وقد يهزأون منه.