محاربة الغياب وإعادة الانتشار بصيغة الإنتقال لأجل المصلحة يربك حسابات المدرسين في الجهة الشرقية كما في باقي الجهات،واشتعل لهيب الدخول المدرسي الحالي بما أسمته الوزارة البرنامج الاستعجالي 2009-2012. محاربة الغياب وإعادة الانتشار بصيغة الإنتقال لأجل المصلحة يربك حسابات المدرسين في الجهة الشرقية كما في باقي الجهات،واشتعل لهيب الدخول المدرسي الحالي بما أسمته الوزارة البرنامج الاستعجالي 2009-2012. ولم يكن هذا البرنامج الذي يرتكز على أربع أولويات ليقض مضجع الفاعلين المتدخلين في العملية التربوية وخصوصا المدرسين لولا بعض الإجارءات التي اعتبرها بعض الأساتذة رسالة مشفرة تضم اتهاما صريحا لضلوع الطاقم التربوي في الوضعية المتأزمة للمنظومة التربوية ببلادنا وكأن لسان حالهم يردد المثل المغربي "طاحت الصومعة، علقوا الحجام" مباشرة بعد صدور التقرير الذي وضع واقعنا التعليمي في أسفل الدرك، تحركت الوزارة بمعية المجلس التعليمي الأعلى لإنقاذ ماء الوجه، واتضحت معالم هذا التحرك عندما فرضت على الطاقم التربوي خلال نهاية الموسم الدراسي المنصرم الحضور وفق جدول الحصص العادية بالرغم من غياب التلاميذ والمكوث بالمؤسسة إلى آخر دقيقة خلافا لما كان متعارفا عليه في السابق، تنبؤات الأساتذة بقرارات قد تكون مجحفة في حقهم بداية الموسم الحالي ستتحقق على إيقاع إعادة الانتشار بصيغة الانتقال لأجل المصلحة، وهو ما سيعجل ربما بإدخال الموسم الحالي في حراك نقابي وحتى سياسي لن يفقد حرارته، وقد بدأت بعض النقابات منذ بداية الأسبوع الثاني من شتنبر الجاري في إجراء بعض التسخينات العملية في ملعب النيابات الإقليمية. ويراهن عدد من الأساتذة على المحطات النضالية المقبلة لرد الاعتبار إلى نفسها وإثبات براءتها من صك الاتهام الموجه إليها.وأطلقت وزارة التربية الوطنية رسميا يوم الخميس 11 شتنبر الجاري البرنامج الاستعجالي الذي تسنى في صياغة أولوياته الأربعة وأهدافه ومراميه، توصيات التقرير الأول للمجلس الأعلى للتعليم.وكان وزير التربية الوطنية والتعليم العالي قد حدد الهدف الأساسي لهذا البرنامج الاستعجالي في ما اسماه :"تسريع وتيرة الإصلاح واستدراك ما لم يتم إنجازه من أوراش، باعتماد مقاربة نسقية ومندمجة، تتبنى نهج الإشراك والتجريب القبلي والتحكم في آليات التنفيذ والتتبع والتقويم".واعتبر الوزير اخشيشن أن هذا البرنامج الاستعجالي الذي تنتظم هندسته في أربعة مجالات متكاملة ويتفرغ عنها 23 مشروعا، سيشكل خارطة طريق لإعطاء نفس جديد لإصلاح منظومة التربية والتكوين، باعتماد المرجعية التوافقية للميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي حسم الاختيارات الاستراتيجية لإصلاح المنظومة التربوية الوطنية. ويتضمن المجال الأول لهذا البرنامج إنجاز 10 مشاريع تهم إلزامية التعليم إلى سن الخامسة عشرة بما يستوجبه ذلك من مقومات مادية ومعنوية وخاصة تنمية عرض التعليم الأولى. كما يتضمن هذا المجال حسب البرنامج مشاريع تتعلق بتوسيع عرض التعليم الإلزامي وتأهيل المؤسسات والحرص على تكافؤ الفرص لولوج التعليم الالزامي ومحاربة التكرار والهدر المدرسي، ومقاربة النوع وإنصاف الأطفال ذوي الحاجات الخاصة والتركيز على المعارف والكفايات الأساسية وتحسين جودة الحياة المدرسية وإرساء مدرسة الاحترام. وتتجه كل هذه المشاريع نحو تكوين مواطن يعي حقوقه ويعرف واجباته وخلق جيل يحمل الوطن عوض أن يحمله الوطن.ويحث المجال الثاني من هذا البرنامج الاستعجالي على تشجيع وتنمية التمدرس بعد سن الخامسة عشر في الثانوي التأهيلي وعلى المستوى الجامعي، ويضم أربعة مشاريع، يهم الأول تأهيل العرض التربوي الثانوي والتأهيلي والثاني يتعلق بتشجيع التميز بينما يهم المشروعان الآخران تحسين عرض التعليم العالي وتشجيع البحث العلمي، أما المجال الثالث فيتمحور حول مشاريع تهم مواجهة الإشكالات الأفقية لمنظومة التربية والتكوين وخاصة ما يتعلق بالموارد البشرية، ويتضمن هذا المجال سبعة مشاريع تتعلق بتقوية كفايات أطر التعليم باعتبار ذلك يشكل أساسا صلبة لإعداد أطر مؤهلة بتكوين ذي معايير دولية تحمل مشروع التغيير، وتعزيز آليات تأطير وتتبع وتقويم أطر التعليم.أما المجال الرابع والأخير من البرنامج فيروم ضمان حسن أداء المنظومة وتطورها المستمر عبر أدوات تخطيط وتدبير فعالين، ويتطلب ذلك توفير جهاز ناجع بمنظومة جديدة لمعالجة المعلومات. ويتضمن هذا المجال تحسين تدبير الموارد المالية وضمان التعبئة والتواصل حول المدرسة. ويتفق العديد من الأطر التربوية أن البرنامج الاستعجالي لازال غامضا وغير واضح بما يكفي، وإن كانت هناك وفرة في المشاريع التي شحنت بتعابير ومصطلحات جديدة، فإنها لا تعكس إصلاحا حقيقيا بما تفرضه الأسئلة الراهنة لواقع المدرسة المغربية. فيما تجنح فئة أخرى إلى التجاهل التام بمقتضيات هذا البرنامج الاستعجالي معتبرة إياه سحابة عابرة لا يمكن أن تعطي النتائج المرجوة مادامت لم تضع أصبعها على مكامن الداء مثل غياب الاستثمار في البنيات التحتية واعتماد سياسة ترقيعية في هذا المجال (كتحويل مدارس ابتدائية إلى إعداديات)،الاعتماد على الخريطة المدرسية وما ينتج عنه من تفاوت معرفي رهيب. وفي نفس الإطار،أصدرت النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بوجدة، مذكرة نيابية رقم 77 كما سمتها تتعلق بتدبير الفائض من نساء ورجال التعليم( المشتغلين داخل الأقسام)... وهي المذكرة التي أثارت ردود أفعال، وقٌعت على الرفض المطلق لمنطوق المذكرة التي تتحدث عن خصاص محدد في 90 أستاذا بالمستوى الإبتدائي، يقابله تواجد 90 فائضا أفرزتهم الإدارات التربوية بالمدارس الإبتدائية.. هذا الرقم المعتمد من النيابة،تعددت نوعية قراءته،غير أن كل القراءات تلتقي حول أن المذكرة تبدو ظاهريا ديمقراطية،وهي في الواقع بمنزلة الحق الذي يراد به باطل لاعتبارات منها: أولا إن الفائضين/ المفيٌضين الذين شملتهم المذكرة، غير مسئولين عن هذا الفائض الذي وصل إلى هذا الحد، في حين أن السبب الحقيقي فيه،هو تراكم سنوات من سوء التدبير.وثانيا إن الفائض المعلن عنه من المصالح الخارجية للنيابة الإقليمية ( إدارات المدارس)،ليس هو الفائض الحقيقي،والمطلعون على الواقع التربوي التعليمي بالنيابة،يجمعون على أن العدد أكبر من هذا المصرح به،وقد يصل إلى 145 فائضا، بدل ! 90!.إذاً، كيف تم إعفاء الذين لم يشاركوا؟.. لماذا حصل إعفاؤهم؟.. هل هم أشباح مثلا؟.. هل هم نساء أعيان، وبعض موظفي النيابة؟.. لماذا لا يتم تحريك معلمين يشتغلون داخل النيابة وابن خلدون،لتغطية هذا الخصاص موضوع الإحتجاجات؟،دون الحديث مثلا عن امتيازات أعطيت لبعض زوجات موظفين سامين...!؟.. ثم، إن الأمر يتعلق بمذكرة ملغومة. لماذا؟:لأنها جمعت بين الحركة الداخلية وإعادة الإنتشار،وفي هذا خلط للأوراق غير بريء!،وهي أيضا مذكرة مراوغة لسبب أن الفائض كما كان متداولا يتم تحريكه بتكليف، وليس بانتقال من أجل مصلحة،مغلف بالإيحاء بالاحتفاظ بالتنقيط المتعلق بالأقدمية...ولأنها سلمت للمدرسين المفيٌضين يوم توقيع محضر الدخول، وهذا يعني سبق الإصرار والترصد من شأنه ألا يترك لهم مجالا للتفكير... ومن تجليات قرار النيابة ما يتعلق بطريقة تحديد البنية التربوية، إذ نجد أقساما تشتغل/ تحتوي على عدد 24 تلميذا،وأقل، وأقساما يفوق عدد التلميذ بها 40،وفي هذه الوضعية غموض مريب( يرتبط بإعداد الخريطة). هذا مشكل،ولهذا تجمع لدى الإدارة هذا الفائض،مع تسجيل وجود حالات اجتماعية/ صحية،لا يقوى أصحابها على الإشتغال،ومع ذلك أرغموا على التدريس،كما سجل وجود طريقة تدليس في قضية ضبط الحاجيات(الخصاص والفائض)..ومرجع المشكل الأساس،أن الراغبين في الإنتقال من الفائضين،يجب تلبية رغباتهم،مقابل أن غير الراغبين فيه من الفائضين دائما يطبق عليهم مسطرة التكليف المعمول بها سابقا،مع التذكير أن هذه العملية/ التكليف،كانت ناجحة في السنوات الماضية،علما أن النيابة تمت مطالبتها كما في السابق بتنظيم حركة محلية تساهم في مصلحة التلميذ والأستاذ،وبعدها يدبر الفائض،وتملأ المناصب الشاغرة بالتكليفات". ومما كتبه ذ.محمد شركي بجريدة "وجدة سيتي" الجهوية تحت عنوان" وزارة التربية الوطنية وسياسة الأمر الواقع من خلال ما يسمى إعادة الإنتشار" عن استغرابه من "أن يتوفر لنيابة داخل الجهة هذا الكم الهائل مما يسمى بالفائض عن الحاجة من الأطر،في حين تعرف نيابات نفس الجهة خصاصا كبيرا.والسر في ذلك أن الجهة المسئولة بالرغم من علمها بهذا الكم الهائل من الفائض في هذه النيابة لا توقف ما يسمى بعملية إعادة الانتشار مما يكرس ظاهرة الفائض عن الحاجة في هذه النيابة ، وظاهرة ما يسمى الخصاص في غيرها من النيابات. ويترتب عن ذلك تعميق الشعور بالإحباط لدى الأطر العاملة في هذه النيابات والتي بقيت لعقود من السنوات تنتظر الالتحاق بالنيابة السعيدة الحظ أو السيئة الحظ حسب فوائد قوم ومصائب آخرين،وهي تتنقل يوميا بين مدينة الجهة وبين أشباه المدن فيها والقرى على حساب المردودية في الغالب الأعم.فإذا كانت أطر النيابة السيئة الحظ أو السعيدة الحظ قد أرهقتها السنون،ونالت منها العلل فإن ذلك يؤثر لا محالة على المردودية،كما أن أطر النيابات المجاورة شاخوا هم أيضا بعد طول انتظار،وأرهقهم التنقل اليومي ومصاريفه الباهظة،ونالت منهم العلل أيضا فإن ذلك سيؤثر لا محالة على المردودية التي هي رهان نجاح قطاع التربية والتعليم.والوزارة مطالبة بمقاربة المشكل بسياسة تصحيحية وليس بسياسة الأمر الواقع التي لن تغير من الوضع شيئا.ومن نماذج سياسة الأمر الواقع المرتبطة بما يسمى إعادة الانتشار إهمال الحركة الانتقالية لهيئة المراقبة التربوية بحيث إذا تقاعد منهم أحد أو مات أو نقل ظل مكانه شاغرا وطلب من غيره أن يغطي الشغور كأمر واقع لأن الوزارة أغلقت مركز تكوين هذه الفئة من الأطر الساهرة على المراقبة والمنبهة لما يمكن أن يعتري المنظومة التربوية من خلل وتحديد أسبابه لتمكين الوزارة من المقاربة الصحيحة لمعالجة المشاكل عوض سياسة الأمر الواقع،وهي سياسة الفشل الذريع.فكم من منصب للمراقبة التربوية تعمدت الوزارة شغوره من خلال نقل من كان يشغله وهو الوحيد في مقاطعته دون تعويضه وذلك من أجل فرض سياسة الأمر الواقع على مراقبي مقاطعات أخرى،بينما كان الحل يكمن في إعادة فتح مركز التكوين لتعويض الأموات والمتقاعدين ، والمستفيدين من المغادرة الطوعية،والمكلفين بالمهام الإدارية.ومقابل سياسة الأمر الواقع التي تنهجها الوزارة يعمد أطر المراقبة إلى موقف مماثل فلا تغطى مقاطعات التفتيش لسنوات عدة مما ينعكس سلبا على مصالح من يهمهم الأمر من تلاميذ ومدرسين على حد سواء.إن مقاربة مشكل الموارد البشرية لا يكون عن طريق إلقاء الوزارة الحبل على الغارب كما يقال،وإلقاء الوزر على كاهل نواب،وتوريطهم في الدخول في صراع مع التمثيليات النقابية لينشغل معالي وزير التربية الوطنية في التحضير لحزب جديد لمواجهة غيره من الأحزاب في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة...".