كثر الحديث في أوساط مدينة عين بني مطهر عن تردي أوضاع العديد من القطاعات الحيوية المرتبطة مباشرة بالمواطن، والتي ما هي في واقع الأمر سوى تحصيل حاصل لواقع عام تعيشه المدينة من أقصاها إلى أقصاها، واقع يضع الجميع أمام مسؤولية كبرى في كيفية التعاطي معها؛ من منطلق الغيرة على مدينة لا نريدها بالضرورة فاضلة، وإنما نستحق كمواطنين أن نعيشها، ونتعايش معها بكل المقومات الحضارية التي لا تلغي حق المواطن في الاحتجاج السلمي الذي لا يتقاطع مع الدستور المغربي. لا نريد الدخول في صدامات مع أحد، كما لا نريد إعطاء الدروس لأحد في طريقة التعبير عن رفضه لواقع يراه من زاويته الخاصة، لكن في مقابل هذا وذاك، نريد أن نعيد عين بني مطهر إلى أبنائها، وأن يحضنوها بكل الحب والوفاء، والانتماء إلى مدينة تستحق منا أكثر من وقفة؛ لأن ما يقع اليوم وبهذا الشكل يسيء إلى تاريخ مدينة خرجت من رحم المقاومة بكل تجلياتها ومساراتها الحافلة والمتنوعة. مدينة قدمت العبر في المواطنة الحقة التي تتجرد من كل انتماء؛ إلا الانتماء للوطن الذي يبقى خارج أي مزايدات، مهما كان مصدرها أو حتى طبيعتها. مقاومون ماتوا، وعاشوا من أجل وطنهم، ولمدينتهم، دون أن يتنكروا لها، واليوم وفي ظل هذه الأحداث المتواترة التي تعيشها المدينة، واستمرار مسلسل الاحتجاجات، وفي ظل هذه الأوضاع تسائلنا عين بن مطهر أين نحن من كل هذا، وماذا قدمنا لها ولأبنائها؟. سؤال قد يعتبره البعض منا عبثيا، أو غير ذي قيمة، ولكنه في العمق صرخة إدانة لكل من عمل، ويعمل على الاستخفاف بأبنائها الذين يستحقون الكثير مما قدم لهم حتى الآن. لن نعيد عقارب الساعة إلى الوراء، أو نبكي على ماض فات. نريد أن نتجه إلى المستقبل بكل ما يحمله من آفاق واسعة؛ في ظل مغرب متجدد منفتح على كل طاقاته المادية والبشرية. لن نبقى مكتوفي الأيدي، والمدينة تتجه إلى المجهول في ظل حراك متعدد الأبعاد، يعمل البعض على تدويله، وإخراجه عن سياقه الطبيعي؛ وفق أجندة ملتبسة لا تخدم بالمطلق انتظارات ساكنة المدينة، والمسؤولية اليوم مشتركة في ما تعيشه عين بني مطهر التي تنتظر صحوة ضمير أبنائها، وكل الخيّرين الذين يعيشون في كنفها وبين أحضانها. لا يمكننا ترك المواطن بهذه المدينة المناضلة لمصيره المجهول، تتقاذفه أمواج العبث في بحر اللامبالاة التي أسقطته من المعادلة التنموية التشاركية؛ التي تعطيه الحق في المشاركة الفعالة والوازنة في تدبير شؤونه؛ وفق رؤيا شمولية، تقارب كل المشاكل التي تتخبط فيها الساكنة، مقاربة موضوعية، تعمل على تصحيح الاختلالات، وفي الإجابة عن انتظارات الساكنة، والتي أصبحت معروفة للداني والقاصي، فلا يمكننا ربح الرهان، واسترجاع ثقة المواطن في العمل المؤسساتي، دون طرح مسؤولية الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية؛ في التعاطي الإيجابي مع حركية الشارع البركمي الذي يرى في غياب الأحزاب الوطنية والتنظيمات النقابية عن الساحة المحلية، وعدم مواكبتها لحركيته تنصلا من كل الوعود التي قطعتها على نفسها، ومن التزاماتها بالدفاع عن حقوق ومطالب الساكنة التي وجدت نفسها أمام حالة من اللافهم حول هذا الغياب الغير مبرر بالمطلق؛ والذي طال مع طول معاناة أبنائها.. فمن غير المنطقي اليوم وفي ظل هذه التحولات التي نعيشها مع دستور جديد، وانتخابات أفرزت لنا حكومة منبثقة من صناديق الاقتراع، ومعارضة توسعت مساحة أشتغالها أن تبقى الأحزاب الوطنية في عين بني مطهر، في حالة شرود دائمة، وأنه أن الأوان لتتحمل مسؤوليتها كاملة في الدفاع عن المكتسبات السياسية و الدستورية، والوقوف إلى جانب الساكنة في خياراتها التي لن تتخطى حدود الدستور والقانون معا. هي دعوة مفتوحة إلى كل أبناء عين بني مطهر بأحزابها، ومنظماتها النقابية، والجمعوية لتحمل مسؤوليتها، والخروج بتصور واقعي لعين بني مطهر جديدة متجددة، لا مكان فيها للانتهازيين الذين يعملون على إطفاء شعلة الأمل في سماء مدينة ظلت وعلى مدى عقود طويلة باريس الصغيرة.