"تقوم البلدية بوضع الأرصفة بأزقة حي المحرشي قبل تنفيذ مشروع تعبيد الطرقات إن كان ذلك سيتم بالفعل بها، لكنها لا تفكر فيما هو خطير بحيث لم تقم بإنجاز مجاري لتصريف مياه الأمطار مع العلم أن الحي هو من أكثر الأحياء تضررا من الفيضانات السابقة التي خلفت قتلى..." يصرخ أحد سكان الحي الذي أصر أن تتنقل جريدة الأحداث المغربية إلى عين المكان لمعاينة الأشغال، قبل أن تضيف إحدى السيدات التي أطلت من باب بيتها وأصرت أن تبوح بشكواها "حتى لقوادس نتاع الواد الحار ما صلحوهمش وما بدلوهمش، والله أسيدي إلى الخنز نتاع بوخرارب يطلع علينا ويفيض في وسط الدار...راه حنا عايشين في الَكْوَارَا (إسطبلات)...وحتى واحد ما يفكر فينا...". كان المتحدثان يصفان معاناة سكان الحي مع الأمطار والغبار وضيق الأزقة وانعدام البينة التحتية، متذكرين المآسي التي عرفها الحي إبان فيضانات ماي 2006، وأكتوبر 2008 والتي خلفت قتلى ومنكوبين ومشردين حين اجتاحت مياه وادي المحرشي بيوت وأكواخ الحي الآهلة بالسكان من الشريحة الفقيرة المتواجدة على إحدى ضفتيه وأغرقتها في الأوحال والأهوال وبلغ مستواها أكثر من متر وحولتها إلى "أكواريومات" تسبح فيها الأغطية والأفرشة والأواني ودفاتر الأطفال وألبستهم... يقع حي المحرشي 1، جنوب غرب مدينة وجدة على بعد ثمانية كيلومترات، على الطريق الرابطة بين الطريق الرئيسية بين وجدة وتازة والطريق الرابطة بين وجدة والسعيدية على طول "وادي المحرشي" عند القنطرة الجديدة ممر السكة الجديدة. حي المحرشي البالغ عدد سكانه أكثر من 5000 آلاف نسمة بأكثر من 400 منزل أغلبها متواضعا خاصة تلك الواقعة على مشارف الوادي تكتسحها مياه الفيضانات كلما عرفت المنطقة أمطارا غزيرة فبالأحرى الطوفانية... لقد بعث بعض سكان حي المحرشي برسائل عديدة إلى مدير الوكالة المستقلة للماء والكهرباء كانت آخرها تلك المؤرخة في يوم الاثنين 29 يونيو الماضي يطالبون فيها بتغيير قنوات الواد الحار المهترئة والضيقة والمرتفعة إلى مستوى المنازل مما يجعلها ضارة أكثر منها نافعة،"ذلك إن القنوات الحالية قد تضررت من خلال المدة الطويلة لاستعمالها وبهذا أصبحت المياه الملوثة ترجع إلى منازلنا وبهذا تتسبب في أضرار لعائلتنا وأبنائنا الصغار ذلك من روائح كارهة وغير ذلك" تقول الرسالة/الشكاية ثم تضيف "تمت محاولة إصلاح هذه القنوات من طرف مصالحكم لكن استمر هذا العطب إلى يومنا هذا وتبين أن هذه القنوات تتطلب تجديدها بقنوات صالحة والتي تكفي لحاجيات السكان"... يضاف إلى ما يعاني منه السكان من اختناق قنوات الواد الحار وعجزها عن تصريف المياه العادمة اليومية، عبر هؤلاء السكان عن تخوفاتهم من تكرار مآسي الأمطار الطوفانية بعد أن لاحظوا أن أشغال ترصيف الأزقة ومشروع تعبيدها يتم دون التفكير في وضع مجاري جانبية لتصريف مياه الأمطار الأمر الذي سيحول الأزقة إلى وديان وأنهار قد تؤدي إلى كوارث لا تعرف نتائجها، دون ذكر بالوعات الوادي الحار الفاغرة أفواهها وغير المحمية والتي تشكل خطرا على الصغير والكبير والشيخ ليلا ونهارا،"حنا غير مساكين اللّي طاح الله يهنيه، واللّي تهرس الله يهنيه، واللّي مات الله يرحمو..." يتحسر أحد السكان الطاعنين في السن الجالسين على مقربة البالوعة. ومن جهة أخرى، لا يفهم سكان الحي سبب إغفال وضع الأعمدة الكهربائية المتواجدة وسط الأزقة وطرقاتها وما تسببه من حوادث،"ألا يوجد حلّ آخر غير ترك هذه الأعمدة وسط الطريق؟ ألا يمكن أن تعوض بأسلاك كهرائية كما وقع بالمدينة القديمة وأحياء عديدة منها، طرقاتها وأزقتها أوسع وأكبر؟" يتساءل هؤلاء السكان الذين قنطوا ويئسوا مما يصفوه بالتهميش والإقصاء والنسيان من مجلس الجماعة الحضرية لمدينة وجدة السابق رغم ما قامت به السلطات المحلية خلال هذه السنة بعد فيضانات أكتوبر بترحيل المتضررين من الفيضانات وإسكانهم وهذه الأكواخ والمنازل الموجودة على جانب سرير الوادي اتقاء لأخطار أخرى... ومن جهة ثانية، لا بد من التذكير أن الأحياء المجاورة لحي المحرشي ليست بأحسن حالا من الأول ولا سكانه في أوضاع مريحة من جيرانهم. ورغم أن حي المنار وحي السلامة حيث تفتقد إلى البنية التحتية وتصعب من تحركات المواطنين ومن السير والجولان لأصحاب السيارات والشاحنات، خاصة أن أغلب الطرقات لم تستفد من التعبيد أو التبليط كما كان يحلو للمجلس البلدي لجماعة وجدة السابق أن يتبجح بذلك بإخبار المواطنين عبر اللافتات،"نتمنى من المجلس الجديد أن يلتفت لمشاكل هذه الأحياء ويصلح ما أفسده سابقه من تهميش ونسيان خلف ضحايا من أفقر سكان هذه المدينة..." تعبر بأمل إحدى السيدات من نساء التربية والتعليم القاطنة بالحي. لقد هددت شركتا حافلات النقل الحضري بوجدة، غير ما مرة، بإلغاء الخط رقم 15 لشركة الشرق والخط رقم 5 لشركة النور بسبب انهيار البنية التحتية للطرقات أو انعدامها الأمر الذي سيحرم أكثر من 15 ألف نسمة بالأحياء الواقعة تحت نفوذ المقاطعة 12 بمنطقة وادي الناشف سيدي معافة شمال غرب مدينة وجدة...