بلحلومي عبد الغاني – بروكسيل ... رغم الكفاءات بالمغرب نفس الاشخاص يتزعمون الأحزاب والجمعيات ويفرضون آراءهم في المنابر الممولة من طرف الشعب من المواضيع التي يتطرق لها بعض الاوربيين و أبناء الجالية في كتاباتهم عند عودتهم من المغرب هناك أشياء إيجابية و جميلة، و أشياء أخرى تثير الاندهاش كالدعارة و تشغيل الاطفال و العنف وإقبال شريحة من الناس على الشعوذة و السحر... و انتشار سوء التفكير السياسي في بعض الاوساط و تسلط بعض' دعاة العلمانية' على المجتمع و في الندوات و المنابر الاعلامية وتقديم العلمانية (1)كحرز يحفظ من كل الأضرار و كرافعة لحقوق الانسان. و الغريب في الأمر هو التشويش الذي تمارسه هذه الفئة و كأن لها وصاية على المجتمع و على المجتمع المدني خاصة وعلى كل من يدافع عن حقوق الإنسان و الديمقراطية و إعلاء شأن سيادة القانون. حقيقة هذا التسلط يطرح إشكالية التخلف و تجلياته و إشكالية الاستبداد الفكري بالمغرب. و للأسف، رغم توفر الكفاءات بالمغرب نجد نفس الاشخاص يتزعمون الأحزاب و الجمعيات و و يفرضون آراءهم في المنابر الممولة من طرف الشعب ، ظانين أن هذه هي التعددية و الحداثة و المواطنة و الدمقراطية و التوافق و أنهم نزلوا للمغاربة من السماء الخ...و الخطير في الأمر هو ظاهرة التكفير 'بالحداثة' الذي يصدر عن فئة من المتشددين الظلاميين العلمانيين و التكفير الصادر عن فئة من الظلاميين المتسلطين على الدين. فالعلمانية كتصور و كمصدر لأدلجة الديمقراطية، لا علاقة لها بالحداثة و ليست مطلبا شعبيا .بالمغرب . فالديمقراطية هي التعبير عن إرادة الشعب و ليس عن فئة , فالديمقراطية لا تسمح أن تؤخذ الدولة أو المجتمع المدني غصبا من خلال فرد أو نخبة أو نزعة إيديولوجية، أو ما يسمى بدكتاتورية الأقلية. فالدستور يعرّف المغرب بوصفه دولة مسلمة في ديباجته، وينصّ على أن الإسلام هو دين الدولة في المادة (3)المادة ، فلم لايقم هؤلاء المتنورين بجمع مليون امضاء لمراجعة كل الدستور تحت مراقبة الاممالمتحدة., وهاهي بعض النماذج لدول مصنفة كديمقراطية لأنها اختارت تصورها لتدبير شؤونها بتوازن و عدل حسب اعتقادها و بموافقة شعوبها: بلجيكا دولة ديمقراطية محايدة، اعترفت بالدين الاسلامي في دستورها في بداية السبعينات و بالعلمانية كخيار فلسفي بجانب الديانات في التسعينات. سويسرا دولة محايدة معروفة بنظام الديمقراطية المباشرة، أصبحت عضوا كامل العضوية في الاممالمتحدة سنة 2002 و كل كانتوناتها تمول و تعترف بالكنائس ,أما دستور أستراليا يبدأ بعبارة " بتواضع، نعتمد على نعمة اللهو في الولاياتالمتحدة الإمريكية حتى على نقودها تكتب : نؤمن بالله In God we trust. و في دستورموناكو لسنة 1962 أصبحت الكنيسة الكاثوليكية هي الدين الرسمي وفي اليونان الكنيسىة الاردوكسية و في مالطا الكنيسة الكاثوليكية . للدولة. الدستور الدانماركي ينص في الماده الأولي علي أن يكون الملك من أتباع الكنيسه الإنجيليه اللوثريه التنصيرية الكنيسة الرسمية و بها يتم تسجيل الازيادات... . ينص الدستور الاسبانى في المادة السادسة على أن الكاثوليكية هي الديانة الرسيمة. و الدستور السويدي ينص في المادة الرابعة على أن يكون الملك من أتباع الكنيسة الانجيلية. لا ننسى أن الاحزاب المسيحية تحكم في عدة دول كألمانيا و تمثل الاغلبية بالبرلمان الاوربي الحالي الذي سيتم تجديده في انتخابات 25 مايو 2014 المقبل. و قبل التحدث عن التصور الفرنسي للعلمانية، لا ننسى أن منطقة ألزاس موزيل منطقة غيرعلمانية لأنها كانت تابعة للحكم الألماني سنة 1905، و لهذا نرى الصليب بالمدارس العمومية و التمويل الخ. ففرنسا اعتمدت سنة 1905 تصورا للعلمانية خاصا بها يقضي بفصل الدين عن الدولة كجواب لمعاناة أوربا من رجال الدين. اشتد الجدل في فرنسا منذ 2005 حول مراجعة قانون عام 1905 منذ مرور أكثر من قرن عليه. قانون يفصل بين الكنسية والدولة مقابل امتيازات لدين على حساب آخر مع جعل الدولة راعية للدين وحامية له, قانون لم تشارك فيه النساء الفرنسيات لعدم توفرهن على حق التصويت سنة 1905 لما قرر رئيس الحكومة آنذاك موريس روفيير ادراجه في جدول عمل الجمعية العامة وأقر امتيازات للديانات بفرنسا و اقصى المسلمين الفرنسيين آنذاك بعدة أقليم فرنسية ما وراء البحار. و بما أن المنظرين للعلمانية آنذاك فهموا أن تصورهم خاسر أمام الاسلام في المعمرات، قررت الحكومة الفرنسية آنذاك السماح للبعثات التنصيرية بالعمل بكل حرية معتبرة ذاك امتيازا آخر لرجال الدين. لكن جان بوبيرو (أستاذ تاريخ وعلم اجتماع العلمانية في معهد الدراسات العليا في باريس) يرى أن هذا الجدل يفيد في "رح مشكلة المساواة بين الديانات(...) وطرح أفكار لا تندرج بالضرورة في إطار اللائق سياسيا". وأضاف بوبيرو أن "الكاثوليك والبروتستانت واليهود يتمتعون بمبان مجانية لممارسة الشعائر لكن هذا لا ينطبق على الإسلام الذي كان (حاضرا)غائبا عن فرنسا في 1905". وقد قال الباحث الفرنسي إيميل بولا في مجلد تحت عنوان "علمانيتنا العمومية" أن المأساة الحالية للعلمانية تكمن في أنها لم تعد بالنسبة لكثير من العلمانيين سوى جائزة عظيمة وميراث لا يعرف أحد على وجه التمام مكوناته. وكالة الحقوق الأساسية بالاتحاد ألأوربي رأت في تقاريرها ان فرنسا لا تعترف بالتعددية الثقافية. تعد فرنسا مقصرة في حق الجاليات المسلمة اذا لم توفق بين مبدأ المساواة بين المواطنين والاعتراف بخصوصية هوية الجاليات وحق المرأة المحجبة في المدرسة و العمل و حرية الفكر والدين، و عدم التمييز فى المعاملة على أساس الدين. ففي فرنسا جدول العطل الرسمية مقتبس بأغلبيته من الأعياد الكاثوليكية، وكذلك تقدم الدولة من أموال دافعي الضرائب تمويلاً للمدارس الدينية و عدد الكنائس التي شيدت بافريقيا الفرانكفونية منذ علمانية 1905 يفوق بكثير ما تركته انجلترا بمعمراتها في نفس.و الكل يترقب هذا الشهر الحكم على فرنسا نظرا لترحيلها سنة 1963 لأكثر من 1650 طفلا من جزيرة ريونيون للعمل بالحقول الفرنسية. أما عن التصور التركي للعلمانية فهو مجرد علمانية عسكرية و نظام شمولي فرضه أتاتورك على شعب كان يعاني آنذاك من عدة حروب و مآسي، و هذا ما ألم بشعوب أخرى مع مشايخ العلمانية كنيقولاي تشاوشيسكو، و ستالين و صدام و بورقيبة و الشاه و بن علي و الأسد و مبارك و السيسسي الخ... فالخطأ الشائع هو الظن بأن هناك رؤبة واحدة في تسيير شؤون الدولة الحديثة و جعلها إما دولة علمانية أو دينية، يسعى فيها أفراد الى احتكار اسم لله أو اسم الديمفراطية و الحداثة و المواطنة من أجل تحصين امتيازاتهم. الخيار الثاني هو دولة الحق و القانون و المواطنة والتماسك الاجتماعي و السلام و المؤسسات والفصل بين السلطات ولا أحد فوق المساءلة، و الاستماع لشعب يرغب في العيش في كرامة و حرية و مساواة مع ضمان حرية التعبير و جودة الحياة للمواطنين ككل وجعل الدين الاسلامي في صلب العملية السياسية. ============ (1) بالاضافة الى العلمانية، هناك من ينادي باعتماد (الدارجة) أو الفرنسية في التعليم مع العلم أن الانجليزية و الفرنسية هما اللغتان الرسميتان عند إخواننا الأفارقة و مع ذلك يعيشون على هامش العالم.