أسرة من المزارعين تراقب عمال مكافحة الجراد يرشون المبيدات في أراضيهم بمنطقة برتوكا في بمدغشقر توشك النجاحات المحرزة في المعركة الجارية ضد الانتشار الوبائي للجراد في مدغشقر على أن تُهدر هباء بسبب نقص التمويل لعمليات المكافحة المتواصلة على النطاق الواسع تصدياً للآفة النهمة إلى المحاصيل، مما سيطرح تحدياً خطيراً على الأمن الغذائي لنحو 13 مليون شخص. ومن شأن العجز عن تنفيذ العمليات الجارية في إطار البرنامج المشترك لمكافحة الجراد بين منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "فاو" والحكومة في مدغشقر أن يمحو تأثير أكثر من 28.8 مليون دولار حشدت حتى الآن في غضون العمليات الجارية، وفي ما يمكن أن يفضي إلى أزمة للأمن الغذائي على امتداد جزء كبير من البلاد حيث لا تملك الأغلبية السكانية فعلياً مصادر لاستهلاك ما يكفيها من السعرات الحرارية. وتثير إمكانية النزوح الجماعي إلى المدن وهجر المَزارع المخاوف من أن تتدهور الأوضاع الإنسانية بسرعة نتيجة لذلك. وتمس الحاجة من أجل استكمال حملة مكافحة الجراد الجارية - بما في ذلك مراحل الرصد وعمليات الرش حتى نهاية الموسم المطير في مايو|أيار 2015 - إلى تعبئة 10.6 مليون دولار إضافية. وأمكن التصدي لانتشار الجراد الذي بدأ يستشري في أنحاء مدغشقر عام 2012، بنجاح في العام الماضي لكن مخاطر الانتكاس تظهر بالغة خلال موسم الأمطار حيث تتوافر فرص مثالية لتكاثر الآفة مجدداً. وقال دومينيك برجون، مدير شعبة "فاو" للطوارئ وإعادة التأهيل، أن "اتخاذ إجراءات الآن أمر بالغ الأهمية لضمان ألا تهدر هباء الجهود الهامة المبذولة التي بذلت، مالياً وتقنياً". وأضاف أن "الحملة الحالية ضرورية لمواصلة تراجع وباء الجراد الحالي، وتجنب أي انتكاسة للمكافحة، ومن ثم الاستمرار لإخماد الغزو الجرادي كلياً". وذكر الخبير باتريس تاكوكام تالا، ممثل المنظمة في مدغشقر، أن "التكاليف التي ستترتب على التوقف عن أنشطة مكافحة الجراد ستكون أكبر بكثير من المبلغ الذي أنفق حتى الآن، ولذا فمن الأهمية بمكان بالنسبة للمجتمع الدولي مواصلة مساره واستكمال برنامج الاستجابة الراهن لحالات الطوارئ". الوقت يتناقص لمكافحة النطاط غير المجنّح ويعد الربع الأول من العام بالغ الأهمية على نحو خاص، لتوافقه مع الطور الثاني للتكاثر ولتشكُّل مجموعات النطاط العديمة الأجنحة والأسهل مكافحة لحساسيتها العالية إزاء المبيدات، فضلاً عن تحركها ببطء يفوق الحشرات المكتملة والمجنحة. ونظراً إلى تنفيذ عمليات المكافحة بنجاح لمدة عام الآن، فالمرجح أن تتشكل مجموعات صغيرة لكن ذلك يجعل مكافحتها أشد صعوبة ويتطلب مزيداً من المسح الأرضي والجوي لرصد مواقعها. وبالمقاييس البيولوجية فإن انقطاعاً حتى لمدة شهرين في عمليات الرصد والرش، يمكن أن يمحو إلى حد بعيد الكثير من التقدم المحرز إلى الوقت الراهن. إنتاج الغذاء ينخفض بحدة في المناطق الجنوبية ووفقاً لمنظمة "فاو"، فإن ما يصل الى 40 في المائة من المحاصيل في جنوب مدغشقر معرضة لخطر الأزمات الجرادية فضلاً عن موجات الجفاف، والأعاصير التي تتكرر في هذا البلد الجزري على نحو ملحوظ. ويواجه أكثر من ثلاثة أرباع السكان في إقليمي "Atsimo Andrefana" "Androy"، حيث انخفض إنتاج الذرة والكسافا بشكل حاد ولا يزال إنتاج الأرز أقل بكثير من المتوسط العام، انعداماً متفاقماً في أمنهم الغذائي مقارنة بالعام الماضي. برنامج ناجح وسبق أن صممت منظمة "فاو" بالتعاون مع الحكومة في مدغشقر حملة تدوم ثلاث سنوات بتمويل 39.4، إنطلقت أولاً في عام 2013 وأنجزت بالفعل مسحها لرقعة تفوق 30 مليون هكتار - وهي منطقة برقعة اليابان تقريباً - بحيث أمكن مكافحة تفشي الجراد على امتداد أكثر من 1.3 مليون هكتار، باستخدام المبيدات الحشرية والوسائل البيولوجية، وبلا كبير تأثير على صحة الإنسان أو البيئة. وقامت منظمة "الفاو" أيضاً بالاستثمار في موارد تدريب كوادر العاملين بحيث يسع مدغشقر امتلاك القدرات الذاتية للرصد والمكافحة. وورد مبلغ 29 مليون دولار لدعم هذا الجهد من جانب حكومات النمسا، وبلجيكا، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، والنرويج، والولايات المتحدةالأمريكية، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وصندوق الأممالمتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، ومدغشقر ذاتها من خلال قرض قدمه البنك الدولي. وتبرع كل من الجزائر وموريتانيا والمغرب بالمبيدات إلى هذه الحملة.