لا شك بأن آلاف العائدين الفلسطينيين الذين عادوا الى الاراضي الفلسطينية بموجب اتفاق اوسلو عام 1993 جاءت عودتهم المحشوة بالحنين الى وطنهم، ولا شك بأن الملايين المشتتين في الدول العربية ودول العالم الغربي ينتظرون وضع نهاية لاغتصاب وطنهم والعودة اليه كحق شرعي ومقدس، ولا شك بأن فلسطين لن تحكمها اتفاقيات او اعلانات او تفاهمات في ظل تعدد المواقف والوان الطيف الفلسطيني الذي تتفاوت مواقفه، ولا شك ان المثل العربي"لا يضيع حق وراءه مطالب" سيبقى لسان حال الشعب الفلسطيني والحق العربي في ارض الرباط.. الدولة التي تتشبث بها قيادة المفاوضات الفلسطينية ليست هي الوطن الفلسطيني بأي حال، وليست المعبر الذي يحقق عودة ملايين اللاجئيين تحت مظلة الكرامة، وليست الحلم القادم من بعد التضحيات التي شملت العراقي قبل ان تضم الاردني والسوري والمصري وغيرهم من ابناء الدول العربية، الذين ما زالت شواهد قبورهم تشهد على عروبة فلسطين الارض والشعب.. الدولة التي يتعلق بها المفاوضون هي جزء من منظومة الخلل التي عبر عنها خالد اسلام او محمد رشيد او الهارب بمليار وثلاثمائة وخمسين مليون دور. الدولة عنوانها مستشار للقيادة الفلسطينية ما زال في ذمته للشعب الفلسطيني 800 مليون دولار. الدولة نطق بها مستشار للقيادة الفلسطينية سرعان ما اصبح مستشارا لسيف القذافي. الدولة ما زالت اموالا مهربة في صفقات محمد رشيد الذي تبرأ من ولائه للقيادة الفلسطينية، واعلن انتمائه لبئر النفط الليبي... الدولة التي يتجه الفلسطينيون لانتزاعها هي الانهيارات والتصدعات المعنوية التي اطاحت بوحدة فلسطين جغرافيا وديموغرافيا، بفعل الانقسام الاول الذي سلخ غزة عن الضفة الغربية، لتبقى الدولة علما امميا يلوح في فوق بنايات رام الله المسكونة بكل الجنسيات الفاعلة .... الدولة التي يعلن المفاوضون عزمهم على اقامتها هي دولة الدساتير والبروتوكولات والسجاد الاحمر في قرية فلسطين، وهي دولة الملايين والمستشارين والمفاوضين ... لم يكن محمد رشيد الاول الذي خرج بوقاحة ليلطم الخد الفلسطيني وهو الهارب بملايين الشعب، دون ان تحاول دبلوماسية دولة الصامدين مطاردته، لاسترجاع الاموال المتدفقة في الصفقات التي اخرها صفقة الاسلحة الاسرائيلية لليبيا ...! محمد رشيد لم تطارده دولة الانتربول التي ستطارد محمد دحلان، لاسترجاع الاموال التي اتهم بالاستيلاء عليها خلال تزعمه لجهاز الامن الوقائي الفلسطيني ووزارة الداخلية الفلسطينية، وغيرها من المناصب التي تردد عليها، واخرها عضويته في مركزية فتح ومفوضية الثقافة والاعلام... فما هو سبب خروج د.جمال محيسن عضو مركزية فتح للاعلام بعصا الانتربول التي ستلاحق محمد دحلا،ن ولم يتم رفع هذه العصا لاسترجاع 800 مليون دولار من اموال الشعب الفلسطيني، وكلاهما وردت اسماؤهما في صفقة الاسلحة الاسرائيلية الى ليبيا، مثلما كلاهما يرتبطان بسيف القذافي بعلاقات وطيدة وحميمة؟ العنوان واضح ولا غبار عليه، وطن قومي لليهود مقابل كيان هش للفلسطينيين! صورة معكوسة تلغي الحقائق وتفرض وقائع مقيتة ، فاين الوطن الفلسطيني في معادلة الدولة؟ واين العاصمة الابدية؟ وما شكل قوات الفصل التي ستفصل بين كيانيين، احدهما مسلح باعتى اشاكل الغطرسة العسكرية، واخر مشلح من كافة وسائل الدفاع عن النفس؟ هل ستكون قوات فصل امريكية ام اطلنطية؟ العنوان واضح، دولة تلغي حق العودة وتضع حرية الانسان الفلسطيني على السجاد الاحمر. دولة تمنح اسرائيل الوطن الابدي وتنتزع من فلسطين عروبتها. فهل الذهاب الى الاممالمتحدة ومجلس الامن مصلحة فلسطينية؟ وأين هي الدولة على الارض؟ لا شك بان كافة المستفيدين من الحالة الراهنة يدافعون عن التوجه الفلسطيني الحالي، فهو يمنحهم الضمانة للتواصل مع مصالحهم وتضخيمها، ولا شك ان التخمة في القيادات التي تركب المواطن الفلسطيني تهلل وتطبل لاعلان الدولة، كونه الخيار الذي يمنحها الامل لاعتلاء مراتب متقدمة في المستقبل. لكن.. هل من فلسطيني بغض النظر عن مكانته وموقعه، قادر على اخفاء "الولولة" التي تجتاح الشارع الفلسطيني؟ هل هناك من هو قادر على اخفاء الغضب والعجز الفلسطينيين؟ لقد صبر الفلسطينيون عشرات السنيين ليكتشفوا مستشارهم للشؤون الاقتصادية "خالد اسلام"، فكم سيصبرون ليتاكدوا ان ذهابهم الى نيويورك سيكون اكبر غلطة في تاريخ نضالهم؟ ببساطة.. من يريد وطن من بوابة النضال سيعجز عن الاندماج في الحفلات الراقصة ومهرجانات الرقص الشرقي والغربي. ومن يتطلع الى وطن لا يغرس انفه في الشؤون العربية الداخلية، ومن يريد وطن عليه اولا ان يعرف حدود الوطن، وان لايتفهم الضرورات التي تبيح المحظورات، فالحرية نظام انساني متكامل، ومن ينظر للحرية من ثقب العدالة الامريكية، الاجدر به ان يعلن ولاءه لوطن "اليو اس ايد" وليس للوطن الفلسطيني! ومن يهدد بحل السلطة في حال اقدمت امريكا على محاربة الفلسطينيين، وبوقف التمويل والمساعدات، عليه ان يخجل وان يفك عقد القران الذي عقده على الوطن تحت اسم المفاوضات.... لا شك بأن الرئيس أبو مازن يبحث عن مخرج في ظل الانهيار العربي للابقاء على روح القضية، لكن هل القضية مرتبطة فقط بالاجندة السياسية ، ونحن العالمون بان المجتمع الدولي والعربي والعالم ككل يهب هبة رجل واحد لنصرة اسرائيل عند وقوع الطارئ او الخطر، او عند تعرض احد مستوطنيها لاي خطر على حياته، فلماذا لا نسأل انفسنا عن الثمن الذي ندفعه سياسيا مقابل رضا المجتمع الدولي!؟ أليست حريتنا هي الثمن؟ أليس الوطن الفلسطيني هو المقابل المعنوي للمقابل المادي الذي يدفعه المجتمع الدولي لنا؟