بين الأدب والسياسة تكمن كذبة الحياة في مطابخ صنع القرار، وبين الأدب والسياسة يتشلح السياسيون من الحياء والخجل، حتى أولئك الذين اعتادوا الكذب على الجمهور هم أدمنوا ركوب الشعب والتطبيل على مؤخراته، في فواضانا التحررية ثمة عناوين فاسدة وغير قابلة للإقناع، شأنها شأن علب السردين الفاسدة الغير صالحة للاستهلاك الآدمي...! يقولون في غزة أن صناعة الصابون والشامبو تحتوي على مواد مسرطنة، وان صبية صعقت وعلا صراخها عندما رأت شعرها يتساقط أمام ناظريها بشكل لم يسبق له مثيل بعد أن وضعت سائل الشامبو على شعرها، ويقولون في التقارير الصادرة عن كشف المستور في الحارات الفلسطينية أن المصنعين لا يعرفون الأسماء العلمية المستخدمة في صناعة الصابون وصبغات الشعر وسائل الشامبو، مثلما يفخرون لمناكفات حزبية بإعلان تصريح التاجر الذي ضبطته رقابة المواد الغذائية والاستهلاكية انه لم يعاقب لأنه ابلغ حركة حماس في غزة انه يدعم بناء المساجد بأرباح معمله الذي يتنافى وشروط ومعايير الصناعة والسلامة العامة.... في الضفة الغربيةالمحتلة ذاع صيت الطحين الفاسد ومخابز الأرغفة التي تحتوي على مواد مسرطنة، خمسة مخابز أغلقتها السلطة وعفا الله عم ما مضى وعما بلعه خلق الله من أرغفة صمود سرطانية...وراحت القضية بين التأكيد والنفي، والظلم والعدل، ليرتبط الظلم بالتاجر، ويرتبط العدل بالسلطة ويرتبط السرطان بعباد الله...! على شاشة التلفزيون الفلسطيني يطل مسؤول كبير أكل الشهر من تصريحاته وشرب من هول تصريحاته بقوله أن الشعب الفلسطيني موحد وذاهب الى نيويورك بكامل وحدته على عكس مجتمع الاحتلال الإسرائيلي الحزبي المتصدع والمنقسم على ذاته، يستمع المتابع للشاشة لأقوال المسؤول ويقلب الى محطة أخرى قد يجد فيها ما يطفيء ظمأه ويروي عطشه لتصريحات تتلاءم والحقائق على الأرض، ولمعالجات منطقيه للمعطيات التي تتنافى مع البضائع الفاسدة التي يروج لها المسؤول الكبير... في تل أبيب يحذر الكاتب الإسرائيلي روعي نحيماس من ثورة جياع مصرية ويقول أن مصر لم تعد أم الدنيا. في طرابلس يهدد العقيد معمر القذافي باحتلال غرف نوم برلسكوني وساركوزي ويخاطب ابنه باراك اوباما بلسان ديموكراسي ليبيا الحديثة. في عمان رئيس وزراء الكازينو يغير 11 وزيرا من حكومته التي لم يمض على تشكيلها أربعة أشهر. في الرباط تصويت ساحق على استفتاء الملك لإجراء تعديلات دستورية والصمود في وجه “الربيع العربي”. في العراق ما زالت التفجيرات الإرهابية تمزق أرواح الشعب العراقي بأجندة إيرانية. في لبنان حزب الله يتحضر لإنهاء معركة سوريا. وفي حمص سوريا المعروفة بالنكتة والفكاهة يقابلون اتهام الرئيس بشار الأسد المعارضين بحيازة أسلحة متطورة ببوابير الكاز وملازم تبديل إطارات السيارات المطورة... إذن هو الخجل الذي يحن المواطن العربي لرؤيته في المسؤولين العرب الذين يضخون تصريحاتهم النارية من ذات اليمين وذات الشمال في قناة واحدة فقط تتمثل باستغلال ضعف المواطن وعدم قدرته على الصراخ بأعلى صوته (ب”لا”) في وجه هذا المسؤول أو ذاك من أباطرة الفساد...! هل الفساد فقط يتمثل في السرقة وتسميم الأطفال والاستيلاء على ثروات البلاد؟ أم هو المسيطر على عقول البشر وقدراتهم بقوة الأمن؟ لماذا برز مصطلح الشبيحة في سوريا مع اندلاع الأحداث فيها على الرغم من أن الشبيحة يشبحون على الجمهور في كل الدول العربية، ويقاسمون المواطنيين أرزاقهم وفي بعض الأحيان نسائهم؟ أليست الأرغفة المسمومة وسراطانات الشامبو لها أب يشرعها ويمنحها الحماية والعفو العام عند انكشاف أمرها؟ ببساطة أصبح من السهل على أي مسؤول عربي إخفاء الحقيقة وتزييفها بما يتناسب ومصلحته ومصلحة ولاة أمره، مثلما اعتدنا أن نرى هؤلاء الذي هم لا جدل ولا نقاش بأنهم قدر الشعب الفلسطيني والعراقي والليبي وكل الشعوب العربية...فشعوبنا لم تنجب أبدا غيرهم، وأرحام نسائنا أصيبت بالعقم والعفن ولا يمكن لها أن تنجب طاغية يتولى أمر هؤلاء المسؤولين....! نحيماس الإسرائيلي عزا قوله أن أم الدنيا في خبر كان لانقسام الشعب المصري بين الانتخابات والدستور....من أولا؟؟؟ بمعنى أن الشرذمات والانقسامات ستتضاعف مستقبلا وسيجد المجلس العسكري نفسه أمام استحقاق الخجل: توفيرالخبز ولا شيء قبل الخبز الأمر الذي قد يفجر ثورة اشد ضراوة تسقط الانتخابات وقوانين الدستور كما أسقطت مبارك أول مرة لتنتصر لرغيف الخبز ....؟ صائب عريقات عاد وبكل قوة لينطق بملف المفاوضات الفلسطيني رغم انه أعلن انسحابه منه بعد فضائح كشف المستور ليترك تساؤلا: لمن قدم استقالته من ترؤسه لملف المفاوضات ومن أعاد تعيينه وحمله الملف من جديد؟؟؟ صائب عريقات قضية ملف وذاك المسؤول الذي قال لبلغاريا لا نريد نحن الفلسطينيون أن نحملك أكثر مما تحتمله طاقتك قضية أخرى؟ العفو...ألا يحق لنا أن نفخر نحن الفلسطينيون بأرغفة سياساتنا المسمومة؟ إذن هو أدب الشعوب في أخلاق الساسة؟ وهي كذبة الحياة في أقدار لم يكن للشعوب يد في تساقطها على مساحاتنا....!!