لن نختلف اليوم و نحن نعيد قراءة مشهدنا الإعلامي الوطني على ضوء المتغيرات التي يعرفها العالم العربي و الحراك الشعبي الوطني الذي انطلق مع الثورات العربية، على أن الصحافة الالكترونية أصبحت رقما مهما في المعادلة الإعلامية ، استطاعت رغم كل النقائص و العوائق التي تعترضها أن تجد لها موطأ قدم في رقعة الإعلام الوطني بكافة تنوعاته وتصنيفاته و عناوينه الصحفية حزبية كانت أم " مستقلة" و هو ما أضفى على المشهد الإعلامي نكهة خاصة رغم أن البعض من صحافيين لم تستوعبوا دخول هذا المولود العنكبوتي على خط المنافسة الإعلامية رغم أنها منافسة شريفة تعتمد المصداقية أساسا لعملها وممارساتها، كما أنها استطاعت و في العديد من المرات أن تتناول المواضيع الشائكة و الحساسة التي كانت تعد من المحرمات الإعلامية التي يجب الابتعاد عنها و عدم التطرق إليها و من هذا المنطلق النوعي وحتى الكمي مع هذا العدد الهائل من العناوين الصحفية الالكترونية كان لزاما على الدولة ممثلة في وزارة الاتصال أن تأخذ المبادرة في فتح نقاش عمومي حول ما تعيشه الصحافة الالكترونية من مشاكل و معوقات و فراغ قانوني و تنظيمي على اعتبار المكانة التي أصبحت تحتلها ضمن المشهد الإعلامي الوطني في محاولة لإيجاد صيغة تنظيمية و قانونية تؤطر العاملين في القطاع الذي يعرف تطورا و تحسنا ملحوظين على مستوى الشكل و المضمون وتميزها بالسرعة في نقل الخبر و تحليل عناصره و التعامل معه بنوع من الاحترافية الإعلامية الذي جعل بعض المواقع الالكترونية سباقة إلى نشر خبر ما و في أحيان كثيرة صوت و صورة. الأكيد اليوم أن التجربة الإعلامية للصحافة الالكترونية نضجت بما فيه الكفاية و أصبحت واقعا نتعايش معه بشكل دائم و مستمر، لها مقوماتها و وسائلها التي تبقى محدودة إلى حد كبير في غياب الدعم العمومي و قلة التأطير و التكوين و الأكبر من هذا وذاك غياب إطار قانوني يحتوي الصحافة الالكترونية و يأطر عملها و يخرجها من دائرة الفراغ الذي تعيشه، فالنقاش الدائر حاليا و الذي انطلق منذ مدة و نتج عنه تشكيل لجنة من الخبراء في أفق صياغة مسودة قانون للصحافة الالكترونية و الذي جاء مباشرة بعد اليوم الدراسي الذي نظمته الوزارة الوصية يوم 10 مارس 2012 لن تكون له نتائج ملموسة إذا ما تم تغييب الفاعلين الأساسيين في القطاع فالاكراهات كثيرة ومتعددة و هامش المشاركة في هذا النقاش ضعيفة إذا ما قورنت بعدد العناوين الالكترونية، فلا يمكن لنا ونحن نفتتح هذا الورش الإعلامي الكبير بمنطق الإقصاء و الانتقاء لأن التحدي كبير و خطير في الوقت نفسه و علينا أن نكسبه و نبرهن على أننا قادرون على رفعه و الخروج بتصورات و توصيات تكون لبنة في التأسيس لمشروع قانون للصحافة الالكترونية يتوافق حوله الجميع دون استثناء، كما يجب علينا أن لا ننسى أو نغفل على أن الصحافة الالكترونية أصبحت اليوم جزءا مهما في المنظومة الإعلامية الوطنية. ومن هذا المنطلق يجب التفكير من الآن في إيجاد آلية عملية وفق منهجية تشاركية بين جميع المتداخلين في الميدان بما فيها النقابة الوطنية للصحافة المغربية و الرابطة المغربية للصحافة الالكترونية لتقديم المقترحات و التصورات من اجل اغناء النقاش الدائر حاليا و على وزارة الاتصال راعي هذا النقاش أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في هذا الإطار و أن لا تركب سفينة الصحافة الالكترونية في غياب ربابنتها عملا بالمثل الشعبي أهل مكة أدرى بشعابها فإذا كنا نثمن فتح هذا النقاش الذي طال انتظاره فمن حرصنا على حماية هذا المكتسب الإعلامي الجديد الذي خلق رجة قوية في مشهدنا الإعلامي الوطني و على صحفيي القطاع الالكتروني تقع مسؤولية كبيرة في اغناء النقاش و تقدم مقترحاتهم و تصوراتهم لمستقبل الصحافة الالكترونية دون خلفيات لأن الهم واحد و المصير مشترك و التحدي كبير لأنه يهم مستقبل السلطة الرابعة لكن هذه المرة بصيغة الكترونية.