أعلن رئيس الوزراء الصومالي عبدي فارح شردون حكومته الجديدة التي تتألف من عشر حقائب وزارية وتضم سيدتين، وتعد أصغر حكومة في تاريخ الصومال. وجاء إعلان الحكومة في حفل أقيم مساء أمس الاحد 4 نونبر الجاري بالمقر الرئاسي في مقديشو، وذلك بعد تأجيل لأكثر من مرة بسبب خلاف بين بعض العشائر والمسؤولين الحكوميين حول تقليص عدد الوزراء من 18 وزيرا إلى عشرة وزراء فقط، وهو ما أفقد بعض هذه العشائر مكانا في الحكومة الجديدة. وقد أشار شردون إلى أنه توصل إلى هذه الحكومة من خلال مشاورات مكثفة مع مختلف شرائح المجتمع، معتبرا أن محدوديتها تجعلها "فاعلة وقادرة على إخراج البلد من المرحلة الصعبة التي يمر بها، وإعادة الأمن والاستقرار وإنعاش الاقتصاد". ودعا الشعب إلى الوقوف بجانب حكومته لأداء المهام والواجبات المنوطة بها. وقد أسند شردون حقيبة الخارجية لأول مرة في تاريخ الصومال إلى امرأة هي فوزية يوسف حاج آدم، وهي مثقفة تحمل الجنسية البريطانية وكانت تعيش السنوات العشرين الماضية في أرض الصومال التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991 من جانب واحد، وأسست هناك حزبا سياسيا، غير أنه لم يتأهل للمنافسة في الاستحقاقات الانتخابية المختلفة وفقا للمعايير المطلوبة والمتبعة في قانون الأحزاب. انتصار للنساء وفوزية حاج آدم من مؤسسي جامعة هارغيسا في أرض الصومال ومالكة محطة راد التلفزيونية التي توقفت عن العمل منذ أربع سنوات. ويعتبر إسناد وزارة الخارجية إليها سابقة من نوعها في الصومال. كما تضم الحكومة الجديدة امرأة أخرى هي مريم قاسم أحمد التي ستشغل وزارة التنمية والخدمات الاجتماعية، وقد سبق أن شغلت منصب وزارة شؤون المرأة والأطفال في الحكومة الانتقالية السابقة برئاسة رئيس الوزراء محمد عبد الله فرماجو. وقد شكرت فوزية يوسف حاج آدم -التي ستشغل أيضا منصب نائبة رئيس الوزراء- في كلمة لها كلا من الرئيس حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء على إسناد المنصب الوزاري إليها، معتبرة ذلك انتصارا للنساء اللواتي ناضلن في السنوات الماضية للحصول على حقوقهن وتحقيق مكاسب سياسية لخدمة وطنهن، مؤكدة أنها ملتزمة بخدمة الشعب والوطن. وقالت إن "تعيين وزيرة للخارجية أمر تاريخي للصومال كبلد ولا سيما للنساء الصوماليات"، مشيرة إلى أن ذلك يمثل "صفحة جديدة". التحلي بالصبر ومن جانبه وصف الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود الطريقة التي اتبعت لاختيار أعضاء المجلس الوزاري الجديد بالصعبة، وأضاف أن "الأعضاء الذين وقع الاختيار عليهم في الحكومة ليسوا أفضل ولا أكثر علما من الصوماليين الآخرين، لكن نحن أعطيناهم الفرصة ليكون ذلك تحديا لهم وسنرى كيف يؤدون مهامهم". كما دعا الرئيس العشائر التي فقدت موطئ قدم في الحكومة الجديدة إلى التحلي بالصبر، قائلا إن "العشائر التي لم تحصل على منصب في الحكومة ليس معنى ذلك أننا تجاهلنا أمرها، والذي أسندنا إليه منصبا ليس معناه أننا نحابيه، ونطلب من جميع العشائر أن تقتنع بهذه الحكومة التي نراها مناسبة لهذا الوقت". وتعتبر الحكومة الجديدة هي الأصغر في تاريخ البلاد، ولأول مرة تضم الحكومة امرأتين في السنوات العشرين الماضية، كما أن سبعة من الوزراء وجوه جديدة، بينما ثلاثة منهم تبوؤوا مناصب وزارية في الحكومات الانتقالية السابقة، من بينهم عبد الحق حاج محمد فقي الذي عين وزيرا للدفاع، وهو منصب سبق أن تولاه في الماضي. وينتظر من رئيس الوزراء أن يقوم خلال الأيام القادمة بتعيين المناصب الوزارية الباقية، وخاصة نواب الوزراء ليكتمل المجلس الوزاري، ويتم تقديمه بعد ذلك أمام البرلمان لنيل الثقة، ومن ثم تكون مباشرة واجباته في مواجهة التحديات الكثيرة، التي في مقدمتها قضايا الأمن والاقتصاد وتوحيد البلد. والصومال الذي لا يتمتع بحكومة مركزية والغارق في الفوضى منذ سقوط نظام الرئيس سياد بري عام 1991، انتخب في الصيف برلمانا ورئيسا جديدا -انتخب للمرة الأولى بمقديشو- في إطار عملية يفترض أن تؤدي أخيرا إلى إقامة مؤسسات دائمة بالصومال. وكان الرئيس قد عين رئيس وزرائه بداية أكتوبر/تشرين الأول، ولكنه ما زال يتعين على البرلمان منح الثقة للحكومة التي أعلنت أمس، وهو أمر ليس مضمونا حتى الآن، خاصة أن مصادر تحدثت إليها الجزيرة نت تقول إن بعض العشائر غضبت من عدم تمثيلها، وهو ما دفع رئيس البلد إلى إجراء مزيد من المشاورات مع تلك العشائر حول الحكومة التي كان منتظرا إعلانها الأيام الماضية. ** المصدر: الجزيرة نت وكالات