جانب من التجمع لإحياء ذكرى المذبحة في باريس (الجزيرة نت) رحب ناشطون حقوقيون فرنسيون باعتراف الرئيس فرانسوا هولاند بارتكاب بلاده "قمعا داميا" أودى بحياة مئات العمال الجزائريين الذين كانوا يتظاهرون بباريس في17 أكتوبر/تشرين الأول 1961 للمطالبة بإنهاء الاستعمار الفرنسي للجزائر الذي امتد ما بين عامي 1830 و1962. واعتبر الناشطون أن هذا الإقرار الرسمي غير المسبوق -الذي ورد في بيان مقتضب وزعه قصر الإليزيه- يمثل "خطوة مهمة، لكنها غير كافية". وشددوا على أنه ما زال يتعين على سلطات باريس أن تبادر إلى "اعتراف كامل و جلي" بما أسموها "جريمة الدولة" التي راح ضحيتها أكثر من 300 متظاهر سلمي، حسب قولهم، وطالبوها بالإقرار بكل "جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية" التي اقترفتها أثناء الحقبة الاستعمارية. وقال رئيس جمعية "باسم الذاكرة" مهدي العلوي إن الاعتراف الفرنسي جاء ثمرة عقود من النضال الدؤوب لبعض الجمعيات الحقوقية الفرنسية والمغاربية التي ظلت تشجب ما أسماه "الصمت الرسمي" حول تلك الأحداث. وأوضح الناشط الحقوقي أنها "المرة الأولى التي يعترف فيها رئيس فرنسي، باسم الجمهورية، بما حدث في 17 أكتوبر ويصفه بالمأساة"، مضيفا أن بيان الرئاسة الفرنسية "خطوة مهمة إلا أنها غير كافية لطي صفحة السجل الإجرامي للاستعمار الفرنسي بالجزائر". وأكد العلوي للجزيرة نت -أثناء تجمع نظم أمس الأربعاء بباريس لإحياء الذكرى الحادية والخمسين للمذبحة- أن المطلوب الآن هو إدراج هذا الاعتراف في المناهج الدراسية الفرنسية وتمكين المؤرخين من الاطلاع على الأرشيف الوطني المتعلق بتلك الأحداث، حتى تتسنى معرفة تفاصيل الجريمة وتحديد هوية من دبروها وساهموا في تنفيذها. ملابسات الجريمة أما القيادي في حركة مناهضة العنصرية والصداقة بين الشعوب، بيار ميرات، فقد انتقد صياغة البيان الرئاسي، مشيرا إلى أنه استخدم كلمة "وقائع" ولم يستعمل عبارة "جرائم" في الحديث عن عمليات القمع التي تعرض لها المتظاهرون الجزائريون. إلا أن الناشط الحقوقي رأى أن "الإقرار الرسمي بما حدث يبقى تطورا مهما ينبغي أن تتبعه قرارات أخرى مثل إطلاق تسمية مذبحة السابع عشر من أكتوبر على شارع أو محطة مترو في باريس". وشدد ميرات على أنه يتعين أيضا كشف كل ملابسات الجريمة لمعرفة المتورطين فيها، مشيرا الى أنه لا يمكن حصر المسؤولية في قائد شرطة باريس آنذاك موريس بابون. ويعتقد الناشط الفرنسي أن بابون ما كان ليرتكب مثل تلك الجريمة لو لم يحصل على ضوء أخضر من أعلى هرم السلطة السياسية في البلاد الذي كان يتربع عليه آنذاك رئيس الوزراء ميشال دوبريه ورئيس الجمهورية الجنرال شارل ديغول. اعتراف واعتذار وتبنى نفس الطرح المناضل الحقوقي أوليفيه لوكور غرانميزون الذي اعتبر أن هولاند لم يرد في بيانه، أن يسمي الأشياء بأسمائها، منوها بأنه كان عليه أن يعترف صراحة بالجريمة وينسبها لمن اقترفوها. واعتبر غرانميزون -الذي ألف كتابا عن تاريخ الاستعمار الفرنسي بالجزائر- أن "حكومة ميشال دوبريه تتحمل مسؤولية المذبحة لأنها لم تتنصل، آنذاك، من موريس بابون وأخفت عدد الضحايا". وخلص الأستاذ الجامعي الفرنسي إلى أن على هولاند أن يعترف ويعتذر للجزائريين عن كل الجرائم التي اقترفتها فرنسا ضدهم خلال الحقبة الاستعمارية، معتبرا أن ذلك يعد "المدخل الضروري للمصالحة التاريخية المنشودة بين باريس والجزائر".