قال المؤرخ الفرنسي جيل مانسرون، أن الدولة الفرنسية وجدت "صعوبات وحرجا" للاعتراف بالجرائم التي اقترفتها في حق الشعب الجزائري إبان الحقبة الاستعمارية و ذلك لكون أن بعض المسؤولين الفرنسيين الذي كانوا ضالعين في جرائم خلال حرب التحرير أصبحوا قادة مسؤولين في هرم الدولة الفرنسية بعد استقلال الجزائر. و أضاف المؤرخ الفرنسي في محاضرة ألقاها خلال الملتقى الدولي حول موضوع "الجزائر بعد 50 سنة: تحرير التاريخ" أن فرنسا تشعر ب"الإحراج" في الاعتراف بالجرائم التي اقترفتها خلال احتلالها للجزائر لان "بعض المتورطين في تلك الجرائم تولوا مناصب قيادية في فرنسا بعد استقلال الجزائر". ولذلك -أضاف المؤرخ- فقد وجد العديد من هؤلاء القادة من مقترفي الجرائم او مساندي نظرية "الطابع الحضاري للاستعمار" صعوبة في التعاطي مع "نظرة نقدية وموضوعية" لتلك الحقبة وعلى سبيل المثال ذكر المؤرخ مانسرون، اسم فرانسوا ميتران (الحزب الاشتراكي) الذي أصبح رئيسا فرنسا بين 1981 و 1995 وهو الذي شغل منصب وزير الداخلية إبان حرب التحرير الجزائرية،اذ أمضى خلال تلك الفترة على العديد من الأوامر لإعدام الثوار الجزائريين ومناضلي جبهة التحرير الوطني. و يرى المؤرخ الفرنسي أن الرئيس الفرنسي الاشتراكي المنتخب أخيرا ، فرانسوا هولاند ،بدأ بوضع أسس لهذا المسعى خصوصا بعد اعترافه بعد تنصيبه رئيسا للجمهورية الخامسة (15 مايو 2012) بضحايا 17 أكتوبر 1961 واعتراضه لسياسية أب المدرسة الفرنسية ،جول فيري، الذي كان من "مؤيدي الفكر الاستعماري". و قال المحاضر ان موقف الرئيس هولاند، هو دليل آخر على "التغير في النظرة الفرنسية الرسمية تجاه ماضيها الاستعماري". و في نفس الإطار شدد المؤرخ الفرنسي على ضرورة اعتراف فرنسا بماضيها الاستعماري الذي يتنافى تماما مع مبادئ الثورة الفرنسية التي قامت على أساسها الجمهورية الفرنسية وهي "الحرية الإخوة والعدالة" ،حيث قال في هذا الصدد ان الاعتراف بجرائمها سيغير من نظرة المجتمع الفرنسي ومن علاقة فرنسا مع بلدان الضفة الغربية للبحر الأبيض المتوسط خصوصا مع الجزائر. ويعتقد جيل مانسيرون انه بغض النظر عن الاثار التي خلفتها التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية والتي لاتزال تسقط العديد من الضحايا من السكان إلى وقتنا الحالي و الذين يجب تعويضهم "ماديا" فان اعتذار فرنسا للشعب الجزائري هو "دين معنوي" أكثر من إي شيء آخر.