واجهت بورصة مصر موجة من عمليات البيع على الأسهم بغرض جني الارباح خلال جلسة اليوم لثلاثاء 18 ستنبر الجاري بعدما أدى تلهف المتعاملين على شراء الأسهم تحت اغراء أسعارها الرخيصة إلى قفزة كبيرة للسوق خلال الاسابيع الماضية. ووجدت الأسهم دعما قويا في مساعي الحكومة المصرية لجذب استثمارات جديدة للبلاد المنهكة اقتصاديا منذ الانتفاضة التي أجبرت الرئيس المصري السابق على التخلي عن الحكم في مطلع 2011 . وقال إبراهيم النمر رئيس قسم التحليل الفني بشركة نعيم للوساطة في الاوراق المالية "نشهد اليوم موجة جني أرباح طبيعية بعد الارتفاعات الأخيرة. لا أتوقع أن تكون (هناك عمليات جني أرباح) بشكل موسع." وبعد ان فتحت على هبوط نحو 1.5 بالمئة قلصت البورصة خسائرها وبحلول الساعة 1132 بتوقيت جرينتش بلغ تراجع المؤشر الرئيسي 0.66بالمئة والمؤشر الثانوي 0.79 بالمئة. وارتفعت بورصة مصر بنسبة أكبر من 60 بالمئة منذ بداية العام مسجلة أكبر مكاسب منذ عام 2005 بعد ان تراجعت أكثر من 49 بالمئة خلال 2011 . وزادت القيمة السوقية للأسهم المتداولة نحو 110.69 مليار جنيه (18.21 مليار دولار) منذ بداية العام الحالي وحتى جلسة اليوم بعد أن فقدت نحو 194 مليار جنيه خلال عام 2011 . وقال هشام توفيق رئيس مجلس إدارة شركة عربية اون لاين لتداول الاوراق المالية "قد يكون السوق مبالغا في التفاؤل كما كان مبالغا في التشاؤم من قبل. أنا سعيد بالارتفاع لكن غير مرتاح له." لكن نادر إبراهيم عضو مجلس إدارة شركة آرشر للاستشارات يرى أن المتعاملين في السوق يشترون للمستقبل. وقال "هناك تفاؤل. الجميع يريد تعويض الخسائر وتحقيق مكاسب." وأردف "سعي الحكومة لجذب استثمارات ومحادثات قرض صندوق النقد واندماج هيرميس مع كيو انفست القطرية ومحاولة بنك قطر الوطني شراء أسهم بنك الاهلي سوسيتيه كلها عوامل إيجابية تدعم السوق." وأبلغ رئيس الوزراء المصري هشام قنديل مستثمرين أجانب أمس الاثنين إنه يعد لاجراءات سريعة لجعل مصر أكثر جاذبية واعادة الاقتصاد لمساره بعد أكثر من عام ونصف من الاضطرابات السياسية. وطلب مصر في بداية سبتمبر أيلول الجاري قرضا من صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8 مليار دولار. ووافق مساهمو هيرميس المصرية الأحد الماضي على الدخول في شراكة استراتيجية مع كيو انفست القطرية كما يسعى بنك قطر الوطني للاستحواذ على أكثر من 75 بالمئة من أسهم البنك الاهلي سوسيتيه جنرال مصر. وقال توفيق "وجود رئيس في الحكم واقصاء المجلس العسكري من أهم أسباب صعود السوق الفترة الماضية بجانب الحديث عن جذب استثمارات أجنبية بأرقام كبيرة." وعزز الرئيس المصري محمد مرسي سلطته على الجيش بعد ان أقال كبار القادة وشكل حكومة معظمها من التكنوقراط تبذل جهودا مضنية للحصول على مساعدات أجنبية لدعم الاقتصاد. وسعت الحكومة المصرية على مدى الأسابيع القليلة الماضية لاغراء المستثمرين والحصول على مساعدة حكومات أجنبية لدعم الاقتصاد الذي نما اثنين بالمئة فحسب منذ الانتفاضة الشعبية العام الماضي. وحصلت مصر حتى الان على وعود بمليارات الدولارات. وقال توفيق لرويترز "السوق يسبق دائما الاقتصاد الحقيقي. السوق افترض ان هناك استثمارات قادمة. إذا لم تأت سنتراجع مرة أخرى." وصعدت بورصة مصر لخمسة أسابيع متتالية بدون تراجع أسبوعي وسط ارتفاع ملحوظ في قيم التداولات. ويرى النمر ان السوق "كون قاعا أعلى من قاع وقمة أعلى من قمة بجانب أحجام تداولات مرتفعة مما يؤكد الاتجاه الصاعد للسوق على المدى المتوسط." واضاف "قد نستهدف مستويات 6500-7000 نقطة بنهاية 2012." ويؤكد عبد الرحمن لبيب رئيس مجلس إدارة شركة ستاليون انفستمنت الأجواء التفاؤلية في السوق قائلا "هناك سيولة جديدة بالسوق وأحجام تداول مرتفعة وتخطي المؤشر الرئيسي لمستويات 5400-5600 نقطة. سنواصل الصعود. قد نصل إلى 7000-7200 نقطة بنهاية العام." وكان لأسهم القطاع العقاري الحظ الأوفر من الصعود منذ بداية العام بعد سعى الحكومة المصرية إلى تسوية نزاعات على أسعار أراضي وقضايا أخرى مع نحو 20 مستثمرا أجنبيا ومحليا في محاولة لتجنب عملية تحكيم مكلفة ولبناء الثقة في مصر. وقفزت أسهم سوديك 227 بالمئة منذ بداية 2012 وحتى جلسة اليوم كما ارتفعت اسهم بالم هيلز 191 بالمئة وطلعت مصطفى 80 بالمئة. لكن إبراهيم من آرشر للاستشارات قال محذرا "لابد أن يتخوف المستثمر من ارتفاع السوق الكبير. قد يكون غير حقيقي وننزل من جديد. لابد ألا ننسى أيضا ان الوضع الاقتصادي مازال سيء." وخلال 12 شهرا حتى نهاية يونيو حزيران اقترضت مصر نحو 12 مليار دولار أو حوالي 4.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مباشرة من البنك المركزي في إجراء غير معتاد يشير إلى نفاد خياراتها لتمويل عجز الميزانية. وتحتاج مصر الاموال بشدة لسد عجز مزدوج في الميزانية وميزان المدفوعات. وقال أحمد أبو السعد العضو المنتدب لشركة رسملة لإدارة صناديق الاستثمار "لا ننكر ان انخفاض المخاطر السياسية في ظل وجود رئيس وحكومة وكذلك انخفاض عوائد أذون وسندات الخزانة من أهم أسباب صعود السوق." وهبطت عائدات سندات الخزانة المصرية بشكل حاد من مستويات تاريخية مرتفعة منذ يونيو. وأضاف أبو السعد ان السوق يعبر دائما عن المستقبل وانه في حالة عدم تحقق تصريحات رئيس الوزراء حول الاستثمارات القادمة لمصر سيكون ذلك سيئا جدا للسوق. وقال قنديل للمستثمرين أجانب أمس إن الحكومة الجديدة تلقت وعودا بقيمة 150 مليار دولار مضيفا "لو استطعنا الحصول على خمسة أو سبعة بالمئة من ذلك هذا العام فاعتقد انه سيمكننا أن نصنع فارقا كبيرا في هذه الدولة." (الدولار= 6.08 جنيه مصري)