حاولت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الخميس في بكين تهدئة "قلق" رئيس الوزراء الصيني وين جياباو بشأن منطقة اليورو وانتزعت وعدا منه بالاستمرار في الاستثمار في هذه المنطقة. وتجسد الالتزام الصيني على الفور بتوقيع عقد لشراء خمسين طائرة ايرباص بقيمة 3,5 مليار دولار بين المجموعة الاوروبية والمصرف الصناعي والتجاري الصيني. كما اكدت مجموعتا فولكسفاغن وصناعات الدفاع الجوي الاوروبية (اي ايه دي اس) رغبتهما في وجود دائم في الصين عبر توقيعهما عقودا. ووقع اتفاق اطار بقيمة 1,6 مليار دولار من اجل تمديد مصانع ايرباص للتجميع في تيانجين لكن لم يعرف كيف سيوزع المبلغ على الشركاء في المشروع. وتنتهي هذه الشركة المختلطة في 2016 وتم التفاوض حول تمديد عملها في الاشهر الاخيرة. وهي مخصصة لتجميع طائرات "ايه 320" وتعد الفرع الوحيد للمجموعة خارج اوروبا، بانتظار فتح فرعها في ولاية الاباما الاميركية. ووقع اتفاق اطار آخر بقيمة 12,5 مليون دولار يتعلق بوروكوبتر، كما افاد بيان صحافي لم يوضح شكل هذا الاستثمار في الصين لاول شركة لتصنيع لمروحيات المدنية في العالم هي فرع من الصناعات الدفاعية الاوروبية. اما فولكسفاغن، فقد ابرمت عقدا بقيمة 290 مليون دولار لبناء مركز للانتاج والتأهيل في مدينة تيانجين الساحلية الصناعية الحديثة في شمال الصين. وكانت فولكسفاغن باعت 2,26 مليون سيارة في 2011 في الصين التي اصبحت اول سوق لتصدير منتجاتها. واخيرا وقعت شركة معدات الاتصال الصينية "زد تي اي" مع المجموعة الالمانية "آي اي تي هولدينغ" عقدا بقيمة 1,3 مليار دولار في قطاع الالياف البصرية. وتحدثت المستشارة الالمانية التي تزور الصين على رأس وفد يضم وزراء ورجال اعمال، امام رئيس الوزراء الصيني عن السياسات التي تتبعها اوروبا حاليا لانهاء ازمة الديون السيادية التي تعاني منها. وقد شددت على وجود "ارادة مطلقة" لتعزيز العملة الواحدة. وقالت ميركل "اوضحت لرئيس الوزراء وين ان اصلاحات عديدة جارية (في اوروبا حاليا) وان هناك ارادة سياسية مطلقة باعادة اليورو الى مصافي العملات القوية". وتعاني الصين التي يشهد نموها تباطؤا واضحا ووصلت بورصتها الى ادنى مستوى منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، من انعكاسات الصعوبات التي يواجهها الاتحاد الاوروبي اول سوق للصادرات الاوروبية. وصرح وين جياباو ان "الاصغاء اليها عزز ثقتي. لكن يجب علي ان اقول بصدق ان تطبيق هذه الاجراءات لن يجري بدون صعوبات". واضاف في مؤتمر صحافي نظم في قصر الشعب الكبير في ساحة تيان انمين في قلب العاصمة الصينية ان "ازمة الدين الاوروبية واصلت تفاقمها مثيرة قلقا عميقا لدى الاسرة الدولية. بصراحة اشعر بالقلق ايضا". وتابع رئيس الحكومة الصيني ان "هناك مصدري قلق رئيسيين هما معرفة ما اذا كانت اليونان ستغادر منطقة اليورو ثم ما اذا كانت ايطاليا واسبانيا ستتخذان اجراءات اصلاحية شاملة". وتمثل المانيا حوالى نصف الصادرات الاوروبية الى الصين. وحوالى ربع الصادرات الصينية الى الاتحاد الاوروبي تتجه الى المانيا. وستتوجه ميركل الجمعة الى مدينة تيانجين شمال البلاد لزيارة مصنع ايرباص للتجميع بينما تسعى الصين والمانيا اكبر بلدين مصدرين في العالم، لتعميق العلاقات التجارية بينهما. وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 169 مليار دولار في 2011 بارتفاع بنسبة 18,9 بالمئة مقارنة مع السنة الماضية. وهي الزيارة الثانية لميركل الى الصين في 2012. ويرى محللون ان بكين تعتبر ان لالمانيا دورا يزداد اهمية في ازمة الديون السيادية الاوروبية، وبرلين تفرض نفسها محاورا لا يمكن تجاوزه في سبيل البحث عن حل. وخلال زيارتها الاخيرة الى بكين في شباط/فبراير، سعت ميركل الى اقناع الصينيين بمتانة اليورو وقدرة اوروبا على تخطي صعوباتها الحالية. كما ستسمح الزيارة السادسة لميركل الى الصين بالتحدث مع المسؤولين في بكين عن ملفي سوريا وايران اللذين يشكلان موضع خلاف بين الصين والغرب. وقال مسؤول الماني ان مسألة حقوق الانسان الحساسة مدرجة على جدول محادثات ميركل في بكين وخصوصا الوضع في المناطق التيبتية التي تشهد موجة لا سابق لها من عمليات انتحار لتيبتيين باحراق انفسهم احتجاجا على الوصاية الصينية. وفي النهاية، دعا الصحافيون الالمان العاملون في الصين الى البحث مع المسؤولين الصينيين في العقبات المتكررة التي تواجه عملهم في هذا البلد.