تباينت آراء الصحفيين المصريين بشأن حركة التغييرات في رؤساء الصحف الحكومية (الجزيرة نت-أرشيف) رحب محللون وصحفيون بحركة التغييرات في رؤساء تحرير الصحف والمجلات الحكومية المصرية، واعتبروها بداية لتطوير شامل لهذه المؤسسات التي طالما كانت ذراعا لنظام الرئيس السابق حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة 25 يناير/كانون ثاني 2011. وجاءت التغييرات -التي أعلنها مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) الأربعاء- برؤساء تحرير جدد للصحف الكبرى الثلاث -وهي الأهرام، والأخبار، والجمهورية- وكذلك المجلات الشهيرة مثل روز اليوسف، وأكتوبر، والمصور، وآخر ساعة، إضافة إلى وكالة أنباء الشرق الأوسط. وأوضح رئيس لجنة الإعلام والثقافة في مجلس الشورى فتحي شهاب الدين أن التغييرات طالت نحو 80% من رؤساء التحرير، وأن المعايير التي طبقتها اللجنة أثمرت اختيار مواهب وكفاءات شابة تعطي الأمل في النهضة بالصحافة القومية المصرية، لتكون صحافة معبرة عن الشعب لا عن السلطة الحاكمة. وعلى عكس ما كان يحدث خلال عهد مبارك من مفاجأة الأوساط الصحفية بأسماء رؤساء التحرير الجدد، فإن مجلس الشورى قرر هذه المرة أن يكون الاختيار عبر لجنة تضم أعضاء من المجلس وعددا من خبراء وأساتذة الإعلام والاقتصاد وممثلين لنقابة الصحفيين، وتم إعلان سلسلة من المعايير تلتزم بها اللجنة في مفاضلتها بين المتقدمين لشغل هذه المناصب. تغيير ضروري ومع ذلك فقد عبر بعض مشاهير الصحفيين المصريين عن رفضهم للجنة بتشكيلها ومعاييرها، وهو ما يستغربه الصحفي أحمد السيوفي الذي يشير إلى أن الجميع كان يقبل طريقة الاختيار أيام مبارك التي كانت تفاجئ الجميع دون أي لجان أو معايير، وتأتي غالبا بالمقربين من الرئيس السابق أو نجله جمال. وأضاف السيوفي أن طريقة الاختيار الجديدة تمثل تطورا إلى الأمام حتى لو لم يعجب البعض أو أضرت بالبعض الآخر، لأن مصر تحتاج لصحافة تتناسب مع ما مرت وتمر به البلاد من تغيير ويقظة، وتخلٍّ عن الخوف والخضوع، واتجاه للدفاع عن الكرامة والمطالبة بالحقوق. ومن جانبه فإن الصحفي الشاب ياسر جمال يؤكد للجزيرة نت أن حركة التغيير في قيادات المؤسسات الصحفية كانت ضرورية وماسة، لأن من عيّن القيادات الحالية للمؤسسات التي تلعب دورا مهما في تكوين وتوجيه الرأي العام، هو المجلس العسكري الذي كان يهيمن على كل السلطات خلال الفترة الانتقالية الماضية التي أعقبت تنحي الرئيس السابق مبارك. واستغرب جمال مواقف من اعترضوا على التغييرات الجديدة وأسلوبها، مؤكدا أنها تمت بالطريقة الشرعية التي يحددها الدستور، وهي مجلس الشورى الذي يعد في الوقت نفسه الهيئة الوحيدة المنتخبة في مصر حاليا بعدما تم حل مجلس الشعب، كما أنها تمت عبر معايير واضحة وبأسلوب تنافسي شفاف. وفي الوقت نفسه، عبر جمال عن تفهمه لمن يطالبون بتغيير هيكلي في بنية الصحافة الحكومية يشمل الجهة التي تعين قياداتها، لكنه اعتبر أن التغييرات التي تمت قبل ساعات مثلت خطوة مهمة بانتظار أن يحدد الدستور المقبل لمصر -الذي تجري كتابته حاليا- مستقبل هذه الصحف القومية والجهة التي ستكون تابعة لها. دماء جديدة ولفت جمال النظر إلى أن إيجابيات التغييرات الأخيرة امتدت إلى نقطة مهمة تتعلق بسن رؤساء التحرير، إذ تم اختيار قيادات شابة من شأنها أن تساعد في ضخ دماء جديدة، وتساعد في تجديد شباب الصحافة الحكومية المصرية التي ترهلت وتراجعت كثيرا في الفترة الأخيرة، وباتت أغلبية مؤسساتها تمثل عبئا ماليا كبيرا على الدولة دون أن تقدم أي مردود يذكر. وفي هذه النقطة فإن رئيس لجنة الثقافة والإعلام في مجلس الشورى يؤكد أن التغييرات التي تمت تمثل "خطوة أولى في رحلة التغيير"، مشيرا إلى أن خطوات أخرى ستتخذ في الفترة المقبلة، منها خطط لتطوير المؤسسات الصحفية الحكومية، قد تشمل إلغاء بعض الإصدارات وتحويلها إلى مواقع إلكترونية. ووسط ترحيب عدد كبير من الصحفيين بالتغييرات الجديدة، أصر آخرون على معارضتهم لها، ومن بينهم مصطفى بكري الذي اعتبر أن هذه التغييرات تمثل نوعا من "أخونة" الصحافة، بمعنى جعلها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي. لكن الصحفي الشاب ياسر جمال يستغرب هذا الطرح، ويرى أن التعيينات الجديدة تشير إلى أنه غير صحيح، كما يعتقد أنه حتى لو وصل بعض الصحفيين المنتمين إلى جماعة الإخوان إلى مثل هذا المناصب فهذا أمر طبيعي، بالنظر إلى أنهم يمثلون نسبة مهمة من الجماعة الصحفية، والدليل هو نجاح أحدهم وهو ممدوح الولي في تولي منصب نقيب الصحفيين خلال أول انتخابات تشهدها النقابة بعد الثورة. ** المصدر: الجزيرة نت