تصاعدت أزمة المئات من صحفيِّي مؤسسة الأهرام بعد إصرار مرسي عطا الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة على مَنْح الذين يعملون منهم في مؤسسات صحفية بجانب عملهم في الأهرام مهلةً لإنهاء تعاقداتهم مع تلك الجهات فورًا وإلا تم فصلهم من المؤسسة. وقد ساهم في اشتعال الموقف قرار عطا الله ملاحقة الصحفيين والكتاب الذين يعملون أو يظهرون في الفضائيات الخاصة وعلى رأسها قناة الجزيرة . وفي تطورٍ لافتٍ أعلن رئيس الأهرام وسط حشدٍ من أنصاره -وغالبيتهم من العمال والموظفين الإداريين- أنه لن يسمح بأن تتحوَّل الأهرام إلى فرعٍ من فروع مكاتب الجزيرة المنتشرة حول العالم، مشددًا على أن العاملين في الصحيفة الذين تربطهم بالقناة صلة أو يظهرون عبر برامجها عليهم أن يختاروا بين ظهورهم على شاشتها أو البقاء في الأهرام . وقد فوجئ الصحفيون الغاضبون أمس بالمئات من العاملين بالمطابع والإداريين والسعاة ينتظرون عطا الله عند دخوله الأهرام؛ حيث استقبلوه بالهتافات المؤيدة له، والتي من بينها عهد الفوضى ولَّى وراح.. إحنا معاك في الإصلاح . وقد تدخَّلت عناصر أمنية للحيلولة دون حدوث مصادمات بين الصحفيين الغاضبين وعمال المطابع. وفي تصريحاتٍ لـ القدس العربي نُشرت يوم الأربعاء (11-3) قال صحفيون غاضبون: إن صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى يقف خلف مرسي عطا الله بدون وجه حق؛ من أجل عدم السماح للصحفيين والكتاب بالظهور على قناة الجزيرة التي أصبحت مصدرَ الإزعاج والكراهية بالنسبة لجميع كبار المسؤولين في النظام المصري . وأضافوا أنه من المؤسف أن يحتميَ رئيس مجلس إدارة الأهرام بعمَّال المطابع والسعاة الذين كادوا يفتكون بالصحفيين. وقد قام المئات من المحرِّرين والكُتَّاب بكتابة بيان غاضب وجَّهوه إلى رئاسة الجمهورية، مطالبين الرئيس مبارك بكفِّ أذى صفوت الشريف وعطا الله وكل مسؤول يريد أن يجعل من الأهرام -وهي رمز الصحافة المصرية والعربية على حد رأيهم- (مجلة حائط)؛ وذلك من خلال ملاحقة الكُتَّاب والصحفيين والحيلولة دون استمرارهم. وطالب هؤلاء في بيانهم بضرورة إقالة رئيس المؤسسة من منصبه؛ وذلك لأنه استنفد الحق في التجديد، وأصبح وجوده غير قانوني منذ منتصف العام الماضي. وقد هدد الصحفيون بإطلاق مسيرة حاشدة يوم الثلاثاء المقبل أمام قصر العروبة إذا ما لم يتدخَّل الرئيس مبارك ويُنهي الأزمة التي تسبَّبت فيها قيادات المؤسسة. وقد تم إشهار مؤسسة لإدارة الصراع مع قيادات المؤسسة تحت مسمى (صحافيون من أجل الأهرام ). ويطالب ذلك الفصيل الجديد بإنهاء خدمة مرسي وكل من تجاوز السن القانونية في المؤسسة من أجل إعطاء الفرصة للأجيال التي لم تحصل على فرصتها في تولِّي المناصب القيادية. كما أرسل الصحفيون العاملون بالصحف الخليجية برقيةً عاجلةً إلى رئيس الجمهورية؛ يطالبونه فيها بالتدخل الفوري للحفاظ على أرزاقهم؛ وذلك بعد التهديد الذي أطلقه مجلس إدارة المؤسسة بفصل كل الحاصلين على إجازات سنوية للعمل بالخارج إذا ما لم يعودوا إلى المؤسسة خلال الأيام المقبلة ويقوموا بإنهاء عملهم من الصحف الخليجية. وفي سياقٍ متصلٍ، تقدَّم النائب بالبرلمان جمال زهران المتحدث بلسان كتلة المستقلين ببيانٍ إلى رئيس مجلس الشعب الدكتور فتحي سرور؛ يُطالب خلاله باستجواب رئيس الوزراء أحمد نظيف ووزير الإعلام أنس الفقي بسبب الفساد المتزايد في المؤسسات الصحفية القومية، واستشهد بتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات التي كشفت عن أن مرسي عطا الله يتقاضى شهريًّا من المؤسسة مليون ومائتي ألف جنيه، وأسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام يحصل على تسعمائة ألف جنيه. كما كشف النائبُ في بيانه عن الفساد المتزايد في دار التحرير؛ حيث بلغت جملة المبالغ التي حصل عليها عددٌ من كبار المسؤولين في صحف الجمهورية وعددٌ من الإصدارات خمسة ملايين جنيه خلال عام. وطالب النائب بضرورة تكوين لجنةٍ من البرلمان للتحقيق في المبالغ المهدرة التي تصل إلى خمسمائة مليون جنيه. وأشار في تصريحاتٍ لـ القدس العربي إلى أنه من غير المقبول أن يتقاضى عددٌ من القيادات الصحفية تلك المبالغ الطائلة بينما بعض المواطنين يموتون في طوابير الخبز من غير أن يعلم النظام عنهم شيئًا!. ودعا إلى ضرورة أن تخضع الأوضاع داخل المؤسسات الصحفية للمتابعة والرصد المكثَّف من أجل الحيلولة دون إهدار ملايين الجنيهات في أوجه الإسفاف والبذخ، وأعرب عن دهشته؛ لأن ذلك البذخ وتلك الرواتب الخرافية لم تَعُد موجودةً حتى في بلدان الخليج أو في الولاياتالمتحدةالأمريكية.