تشهد مصر ازمة بين حزب الحرية والعدالة الذي ينتمي اليه الرئيس محمد مرسي وبين الصحافة والاعلام التي يتهم كتابها الليبراليون جماعة الاخوان المسلمين التي خرج من رحمها الحزب، بالسعي الى الهيمنة على الصحف ووسائل الاعلام المملوكة للدولة. وامتنع عدد من كتاب الصحف المصرية عن الكتابة الخميس وحلت مساحات بيضاء محل اعمدتهم في ثلاث صحف مستقلة واكدوا ان هذا الموقف اتخذ "احتجاجا على محاولات الاخوان (المسلمين) السيطرة على الصحافة ومؤسسات الاعلام المملوكة للشعب". ويأتي هذا الاحتجاج غداة اعلان مجلس الشوري تعيين رؤساء مجالس ادارة ورؤساء تحرير جدد لهذه الصحف رغم اعتراض نقابة الصحفيين على استمرار العمل بنفس الاليات التي كانت متبعة في عهد حسني مبارك لادارة الصحف الحكومية. وتتبع الصحف القومية المصرية المملوكة للدولة لمجلس الشورى وهوالغرفة الثانية للبرلمان الذي يهيمن عليه حزب الحرية والعدالة. ففي صحيفة الوطن امتنع كل من عمار على حسن وخيري رمضان ومحمود خليل وعمرو حمزاوي ومعتز عبد الفتاح ورئيس تحرير الصحيفة مجدي الجلاد عن الكتابة وبقيت مساحة اعمدتهم بيضاء واكتفوا بكتابة عبارة واحدة هي "هذه المساحة بيضاء احتجاجا على محاولات الاخوان السيطرة على الصحافة القومية والمؤسسات الاعلامية المملوكة للشعب المصري كما كان يفعل الحزب المخلوع" في اشارة الى الحزب الوطني الديموقراطي الذي كان يترأسه الرئيس السابق حسني مبارك. وفي صحيفة المصري اليوم، نشرت مساحات بيضاء محل اعمدة ثلاثة كتاب هم محمد امين ومحمد سلماوي وكاتب اخر يوقع باسم مستعار "نيوتن" واكدوا انهم يمتنعون عن الكتابة "احتجاجا على الهجمة الشرسة على الصحافة" من جماعة الاخوان. وفي صحيفة التحرير، امتنع سبعة كتاب هم وائل عبد الفتاح وابراهيم منصور وعماد جاد واسامة خليل وطارق الشناوي وعمر طاهر وجمال فهمي عن الكتابة وتركوا مساحاتهم بيضاء لنفس الاسباب. وشملت تعيينات رؤساء مجالس ادارات ورؤساء تحرير المؤسسات الصحفية القومية عددا من الصحفيين الذين يعتقد انهم مقربون من التيار الاسلامي. وذهب منصب وزير الاعلام في الحكومة المصرية الجديدة التي شكلت الاسبوع الماضي لحزب الحرية والعدالة اذ عين فيه احد كوادر جماعة الاخوان المسلمين وهو صلاح عبد المقصود. وتعرض عبد المقصود لانتقادات عديدة خلال اليومين الاخيرين واتهمه خصوم جماعة الاخوان ب "التطبيع مع اسرائيل" بعد ان بثت احدى قنوات التلفزيون المصري تعليقا لمحلل اسرائيلي على الهجوم الذي اوقع 16 قتيلا من حرس الحدود المصريين في سيناء قرب الحدود مع اسرائيل الاحد الماضي. غير ان عبد المقصود اصدر بيانا الاربعاء اكد فيه ان تحقيقا بدأ في هذه الواقعة وانه اصدر تعليمات بعدم استضافة اي معلقين اسرائيليين في التلفزيون المصري. ومساء الاربعاء، تعرض رئيس تحرير صحيفة اليوم السابع خالد صلاح لاعتداء من قبل "متظاهرين مؤيدين لحزب الحرية والعدالة قاموا كذلك بتحطيم سياراته وسيارات عدد من الإعلاميين" اثناء دخوله مدينة الانتاج الاعلامي حيث توجد ستوديوهات قناة تلفزيونية يعمل بها، بحسب موقع صحيفة اليوم السابع على الانترنت. وتجمع المتظاهرون المؤيدون لحزب الحرية والعدالة امام مدينة الانتاج الاعلامي احتجاجا على ما يعتبرونه اساءة للرئيس المصري من قبل مقدمي برامج تلفزيونية خصوصا مذيع قناة الفراعين توفيق عكاشة. وعقد عدد من قيادات القنوات التلفزيونية الخاصة والصحف المستقلة والقومية اجتماعا الاحد الماضي لبحث سبل "حماية وسائل الاعلام المملوكة للشعب من الهيمنة" واكدوا في بيان اصدروه "ضرورة ان تستعيد هذه الوسائل بعد الثورة حريتها واستقلالها التام عن أية سلطة أو جماعة من خلال إنهاء النظام الفاسد الذى فرض عليها وحولها إلى ملكية خاصة مجانية تدار وتستخدم كأبواق تهليل ودعاية للحزب الحاكم". وفي بيان مشترك اصدرته الخميس، دعت مجموعة من الاحزاب الليبرالية، من بينها الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي، ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان، من بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، الى "تجميد التعيينات التي أعلن عنها لمواقع رؤساء تحرير الصحف القومية". واعربت المنظمات والأحزاب الموقعة على البيان عن "قلقها البالغ على مصير القدر النسبي من حرية الصحافة والإعلام الذي تم انتزاعه عبر نضال طويل بدأ قبل الثورة، ورسخته شجاعة الصحفيين والإعلاميين خلال الثورة وبعدها".