أحاط الغموض بمكان الرئيس السوري بشار الأسد يوم الخميس 19 يوليوز الجاري مع استمرار المعارك في قلب العاصمة دمشق بعد يوم من تفجير أسفر عن مقتل كبار قادة الأمن في البلاد. ولم يظهر الرئيس السوري او يلق بأي بيانات بعد تفجير وقع في وسط العاصمة أسفر عن مقتل صهره الذي يشغل منصب نائب وزير الدفاع ووزير الدفاع وضابط رفيع آخر مما جعل الجيش السوري يرد بضراوة بقصف مقاتلي المعارضة بالمدفعية. لكن مصادر بالمعارضة ودبلوماسيا غربيا قالوا إن الأسد موجود في مدينة اللاذقية الساحلية وانه يدير من هناك عمليات الرد على اغتيال ثلاثة من كبار قادته. ولم يتضح ما اذا كان الأسد قد توجه الى المدينة المطلة على البحر المتوسط قبل الهجوم ام بعده. وفي صباح يوم الخميس قال سكان إنه لم يحدث توقف في أعنف قتال تشهده العاصمة منذ اندلاع الانتفاضة قبل أكثر من 16 شهرا والذي دخل اليوم يومه الخامس. واقترب القتال من القصر الرئاسي ومن مبنى الأمن القومي حيث نفذ مفجر هجومه وسط اجتماع أزمة لوزير الدفاع وكبار مسؤولي الأمن. وقال سكان في حي الميدان وحي كفر سوسة إنهم سمعوا دوي تفجيرات ونيران مدفعية وتحليق طائرات هليكوبتر في الجو. وقالوا إن نقاط التفتيش حول حي الميدان وحول المنطقة القديمة من دمشق أزيلت. ولم يتضح ما إذا كانت قوات الأمن غيرت تكتيكها لمنع مقاتلي المعارضة من استهداف الجنود أو أنها خطوة مؤقتة في خضم المعركة. وقتل آصف شوكت صهر الأسد وهو من كبار القادة وأحد أعمدة نظامه في تفجير أمس إلى جانب وزير الدفاع داود راجحة. وقتل أيضا حسن تركماني معاون نائب رئيس الجمهورية متأثرا بجروح اصيب بها في تفجير مبنى الامن القومي بدمشق كما أصيب رئيسا المخابرات والداخلية مما أضر بشدة بالجهاز الأمني الذي تعتمد عليه عائلة الأسد التي تحكم البلاد بقبضة حديدية منذ 40 عاما. وقصف الجيش العاصمة من الجبال المحيطة مع هبوط ليل الاربعاء. وأطلقت القوات الحكومية التي توعدت بالرد على الاغتيالات نيران الأسلحة الآلية على المدينة من طائرات هليكوبتر. واحتشد مقاتلو المعارضة في عدد من الأحياء وهم مسلحون أساسا بأسلحة صغيرة وقذائف صاروخية. وأظهرت لقطات فيديو نشرها نشطاء على الانترنت جثثا تكسوها الدماء في الشارع. وقالت وسائل إعلام محلية نقلا عن مصادر أمنية إن الأسد ما زال موجودا في العاصمة لكنها لم تذكر تفاصيل أخرى. وقال مصدر أمني إن المفجر الذي شن هجومه داخل مقر الامن القومي هو حارس تابع للدائرة المقربة من الأسد. في حين أعلنت جماعتان مناهضتان للأسد مسؤوليتهما عن الهجوم. وأدان الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون تفجير دمشق وأبدى قلقه البالغ ازاء استخدام الأسلحة الثقيلة. وقال "الشعب السوري يعاني منذ وقت طويل جدا. يجب أن تتوقف إراقة الدماء الان." وأرجأ مجلس الامن التابع للأمم المتحدة اقتراعا على قرار بشأن سوريا من الاربعاء إلى الخميس واتصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما بنظيره الروسي فلاديمير بوتين الحليف الرئيسي للأسد لمحاولة إقناع موسكو بالتخلي عنه. ويخشى زعماء الغرب من أن يؤدي الصراع إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة لسوريا وهي اسرائيل ولبنان وتركيا والعراق والأردن. وقال وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا "هذا وضع يخرج بسرعة عن السيطرة" وأضاف أن المجتمع الدولي بحاجة إلى "ممارسة أقصى درجات الضغط على الأسد لكي يفعل الصواب ويتنحى ويسمح بانتقال سلمي" للسلطة. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن "المعركة الحاسمة" تدور حاليا في دمشق. وقال يوم الخميس رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي رعت حكومته قرار العقوبات الذي يجري مناقشته في مجلس الامن إن الوقت حان لرحيل الأسد لتجنب اندلاع حرب أهلية كاملة. وقادة الجيش الذين قتلوا أو أصيبوا في تفجير يوم الاربعاء أعضاء في وحدة ادارة الأزمات التي تعتمد عليها حكومة الأسد للقضاء على الانتفاضة التي استلهمت انتفاضات مماثلة في تونس ومصر وليبيا. وتولى قائد الأركان فهد جاسم الفريج سريعا وزارة الدفاع لتجنب أي انطباع بحدوث شلل في الأجهزة الرسمية. وقال الفريج على التلفزيون الرسمي إن هذا العمل "الارهابي" لن يثني رجال القوات المسلحة عن مواصلة مهمتهم بملاحقة بقايا "العصابات الاجرامية الارهابية المسلحة". وتوعد بقطع أي يد تحاول النيل من أمن الدولة أو مواطنيها. وكان التفجير على ما يبدو جزءا من هجوم منسق في اليوم الرابع من معارك في العاصمة قال المعارضون إنها عملية "لتحرير دمشق" بعد اشتباكات على مدى شهور ذكر نشطون انها اسفرت عن مقتل اكثر من 17 الف شخص. وصرح العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بأن العنف ربما يكون قد استبعد انتقال السلطة عبر التفاوض. وقال لشبكة سي.ان.ان التلفزيونية الامريكية في مقابلة "الحقيقة على أرض الواقع ربما تكون قد فاجأتنا.. بالتالي أعتقد أن الوقت يمر وقد... وصلنا إلى النقطة التي أصبح فيها الخيار السياسي متأخرا جدا." وشعر مقاتلو المعارضة بفرحة غامرة لنجاحهم في اختراق العاصمة. وقال عبد الله الشامي وهو قائد لمقاتلي المعارضة مقيم في تركيا "أتوقع انهيارا سريعا للنظام... وهذا يعني اننا لن نكون في حاجة الي تدخل خارجي بعد ان بدأ النظام يتداعى بشكل أسرع كثيرا مما كنا نتصور." لكن فواز تللو وهو نشط معارض بارز مقيم في اسطنبول قال إن الوضع سيكون صعبا في الحفاظ على خطوط الإمداد وربما يتعين على مقاتلي المعارضة الانسحاب التكتيكي في مرحلة ما كما فعلوا في مدن أخرى. وأضاف ان من الواضح أن دمشق انضمت إلى "الثورة".