تأهل المنتخب الأسباني مساء السبت 23 يونيو الجاري في دونيتسك إلى الدور نصف النهائي لبطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم إثر فوزه 2-0 على نظيره الفرنسي. وسجل هدفا المباراة تشابي ألونسو لاعب وسط ريال مدريد. الفرنسيون أثبتوا عزيمتهم على الوقوف الند للند لأبطال أوروبا والعالم وكما كان متوقعا حاول منتخب أسبانيا الضغط على فرنسا منذ انطلاق المباراة، لكن الفرنسيين أجابوا بهجمات مرتدة قادها كريم بنزيمة و فلوران مالودا، بطل أوروبا 2012 مع ناديه تشلسي، أثبتوا من خلالها عزيمتهم على الوقوف الند للند لأبطال أوروبا والعالم. فكانت الدقائق الأولى من عمر المباراة متكافئة بالرغم من أن التحكم في الكرة كان أكثر من نصيب زملاء سيرجيو راموس مدافع ريال مدريد. وكان لوران بلان المدرب الفرنسي قام بتعديلات في تشكيلته الأساسية إذ أقحم يان مفيلا لاعب وسط رين مكان آلو ديارا لاعب مرسيليا وأنطوني ريفيار مدافع نادي ليون مكان سمير نصري وذلك للفوز بمعركة وسط الميدان أمام منتخب أسباني يحبذ استحواذ الكرة وصاحب اللعب الجميل والتمريرات القصيرة والتقنيات المذهلة. كما أن لوران كوسيلني مدافع أرسنال الأنكليزي أخذ مكان فليب مكساس مدافع ميلان الغائب بسبب الإيقاف، ما أثار تخوفات شديدة في فرنسا نظرا لضعف تجربته على المستوى الدولي ونقص التكامل والتنسيق بينه وبين عادل رامي قلب دفاع فالنسيا الأسباني. وقال كوسيلني:قبل المباراة: "نعرف مقاربة الأسبان. يحبون التحرك كثيرا. في بعض الأحيان يكون منتصف الملعب فارغا، وبعد تمريرتين أو ثلاث، يحضر ثلاثة لاعبين أو أربعة". تشابي ألونسو يشق طريق نصف النهائي فبعد مرور عشر دقائق لم يتمكن أيا من المنتخبين خلق فرصة سانحة للتسجيل، وكأنهما متخوفان من بعضهما البعض، مدركين أهمية تلقي هدف مباغت يخلط الأوراق من البداية. وفرض المدافعون الفرنسيون رقابة لصيقة على سيتش فابريغاس وأندريس أنييستا لاعبا نادي برشلونة أخطر مهاجمين دخلت بهما أسبانيا ملعب دونيتسك، فيما مدافعي "لاروخا فوريا" كانت مهمتهم منع بنزيمة وفرانك ريبيري مهاجم بايرن ميونيخ من استغلال الكرات المرتدة. ومع إصرارهم على كسب الكرة، تمكن لاعبو دل بوسكي من افتتاح باب التسجيل في الدقيقة 14 عن طريق تشابي ألونسو لاعب وسط ريال مدريد بضربة رأسية فشل الحارس الشجاع البارع هوغو لوريس التصدي لها. وهذا ما كان يخشاه لوران بلان: أن يتلقى فريقه هدفا مبكرا يدفعه إلى كشف أوراقه وتفضيل اللعب الهجومي بدلا من الهجمات المرتدة. كريم بنزيمة وفرانك ريبيري عجزا عن اختراق دفاع الروخا وكانت أسبانيا قدمت أداء متوسطا في منافسات المجموعات، إذ أنها تعادلت أمام إيطاليا 1-1 في مستهل حملة الدفاع عن لقبها ثم اكتسحت أيرلندا 4-0 قبل أن تسجل فوزا غير مقنع ضد كرواتيا 1-0. فيما بدا المنتخب الفرنسي قويا ومتماسكا في أول مباراة له أمام إنكلترا حيث تعادل معها 1-1، ليفوز بعدها على أوكرانيا 2-0، قبل أن ينهار أمام السويد 2-0. وبدت أسبانيا أكثر احتراما لمنتخب "الديوك"، وأرادت تفادي الخطأ الذي وقعت فيه في كأس العالم 2006 عندما أساءت تقدير زيدان وزملاءه فخسرت معركة ثمن النهائي وعادت إلى أرضها خائبة مذلة. وقال المدرب دل بوسكي إن الفرنسيين لديهم لاعبين جيدين ومنظمين يتقدمهم كريم بنزيمة صاحب 32 هدفا مع ريال مدريد في الموسم المنصرم. تمريرات دقيقة سريعة قصيرة غالبا ما أسفرت عن هجمات خطرة وكاد أنييستا أن يضيف الهدف الثاني في الدقيقة 28 لو لا تدخل الدفاع الفرنسي في آخر لحظة. واحتكر اللاعبون الإسبان الكرة وسيطروا على المباراة بشكل شبه مطلق. وسعى بنزيمة إلى التحرك من أجل خلق الثغرات أمام رمى كاسياس وحصل على ركلة حرة مباشرة سددها كاباي وتصدى لها حارس الريال ببراعة وأخرجها إلى ضربة ركنية. واستمر الفرنسيون في الضغط على خصمهم وشنوا عدة هجمات أجبرت راموس وجيرارد بيكوي مدافع برشلونة إلى ارتكاب الأخطاء، ما سبب في تلقي راموس إنذارا في الدقيقة 30. وصمد دفاع أسبانيا أمام المهاجمين الفرنسيين، فيما سعى أنييستا وفابريغاس ودافيد سيلفا مهاجم مانشستر سيتي من تعميق الفارق من خلال تمريرات دقيقة سريعة قصيرة غالبا ما أسفرت عن هجمات خطرة غير مثمرة. وكانت نية أسبانيا الدفاع عن تقدمها في النتيجة من خلال الاحتفاظ بالكرة أكبر وقت ولم يقدم لوران بلان على أي تغيير في تشكيلته مع بداية الشوط الثاني. واستمر المنتخب الأسباني في تمريراته القصيرة واستحواذه على الكرة لحرمان الخصم من اللعب واستعادة الثقة. إلا أن ريبيري تمكن من التوغل في الدفاع الأسباني وسدد كرة برجله اليمنى تصدى لها راموس قبل أن تضرب في ركب المهاجم الفرنسي وتخرج ضربة مرمى (د. 52). وبدا واضحا أن بلان سيقحم مهاجما أو اثنين لترجيح الكفة قبل فوات الأوان. وتمركز اللعب في وسط الميدان كما أراده تشابي وبوسكيتس وفابريغاس لامتصاص حرارة "الديوك"، معرضين أنفسهم لخطر تعديل النتيجة. وذلك ما كاد أن يحصل في الدقيقة 60 عندما سدد كاباي رأسية محكمة مرت بضع سنتمترات فوق الإطار بعد كرة عرضية من ريبيري. جيرو لم يكن ورقة بلان الرابحة وبعد دخول الثنائي جيريمي مينيز مهاجم باريس سان جيرمان وسمير نصري لاعب مانشستر سيتي مكان يوان كاباي وفلوران مالودا من الجانب الفرنسي، وبدرو وفرناندو توريس مهاجم تشلسي خلفا لسيلفا وفابريغاس من الجانب الأسباني، انتعش اللعب وازدادت الفرص من الطرفين. وسارع بدرو إلى الهجوم وكاد يهدي كرة من ذهب لتوريس لو لا تفطن الدفاع الفرنسي (د. 68). وبالمقابل، كاد ريبيري تسجيل هدف التعادل عندما قاد هجوما من الجناب الأيمن انتهى في أيدي كاسياس (د. 70). وازداد الضغط النفس على "الديوك" مع مرور الوقت رغم سيطرتهم نسبيا على المباراة. وكانت آخر ورقة في يد لوران بلان إقحام أوليفييه جيرو هداف مونبلييه في الدوري الفرنسي الموسم الماضي خلفا لمفيلا (د. 78) ليلعب بأربعة مهاجمين، تغيير سرعان ما رد عليه دل بوسكي بإقحام سانتياغو كازورلا مهاجم ملقا مكان أنييستا (د. 83). وكانت ورقة غير رابحة بما أن الأسبان حافظوا على تقدمهم في النتيجة بل وأحرزوا هدفا ثانيا في الدقيقة الأخيرة من الوقت الرسمي بركلة جزاء.نفذها تشابي ألونسو. وستواجه أسبانيا في الدور نصف النهائي جارتها البرتغال يوم الأربعاء المقبل في "دومباس أرينا" بمدينة دونيتسك.