تضطلع المكتبات بدور ريادي في عملية التثقيف الجماعي والخاص ونشر المعرفة والتفاعل المتواصل مع التقدم العلمي والتكنولوجي في عالم اليوم، باعتبارها فضاء رحبا لتداول المعارف وتنظيمها واستخدامها. ورغم ذلك، يعترف كتبيون مغاربة بتراجع الإقبال على المكتبات خلال العشر سنوات الأخيرة. ووفقا للندوة الوطنية التي نظمتها شبكة القراء حول القراءة والكتاب بالمغرب، فقد احتل وفق إحصائيات دولية حديثة المرتبة 162 في ترتيب الإقبال على القراءة، ذلك أن عدد المكتبات ببلادنا لا يتجاوز مكتبة واحدة لكل 130 ألف مواطن، و المواطن المغربي لا يصرف من وقته أكثر من خمس دقائق في السنة للقراءة، كما أن ميزانية وزارة الثقافة لا تتعدى 0,03 بالمائة من الميزانية العامة للدولة. ناهيك عن ضعف البنيات التحتية للمكتبات المحفزة على القراءة و الاستئناس بالكتاب أو صعوبة الولوج للموجود منها من مكتبات عمومية. هذه العوامل وغيرها تؤدي إلى أزمة القراءة و ضعف انتشار الكتاب والتي تتمثل في انعدام الأدوار الطبيعية للمنظومة التعليمية في مجال ترسيخ فعل القراءة ومعانقة الكتاب ضمن البرامج التعليمية. ويبرز هشام العلوي مسؤول ب"المكتبة الجامعية" بالرباط المتخصصة في الكتاب الجامعي بمختلف اللغات، أن المكتبات ليست هي المسؤولة عن ارتفاع أسعار الكتب لأن دور النشر هي التي تحدد ثمنها. وأوضح أن ثمن الكتاب في المغرب مرتفع مقارنة مع الدخل الفردي للانسان المغربي، إذ أن 75% من المجتمع المغربي لا يتعدى دخلهم 10 دراهم في اليوم. والمكتبة الجامعية، كما يضيف مسؤولها، تجري تخفيضات سنوية على أسعار الكتب القديمة نسبيا بل وحتى على بعض الكتب الجديدة، لكن هناك بعض الكتب التي «لا نقوم بتخفيضها لأنها بالعكس كلما تقادمت كلما ارتفع ثمنها وزادت قيمتها». ويقول عن الإقبال على الكتاب العربي: "في بداية التسعينات كان هناك إقبال على الكتاب العربي، لكن ابتداء من عام 1995 تراجع الإقبال على الكتاب العربي بشكل مهول. مما جعل والدي يقفل مكتبتين كانتا بحوزته هما: مكتبة "عالم الكتب" ومكتبة "دار التراث" لتظل لديه الآن مكتبتان فقط هما: "المكتبة الجامعية" و"عالم الفكر". وحتى هاتان المكتبتان فلولا المجهودات التي نبذلها ولولا تعاملنا مع الجامعات والإدارات لما استمرتا. ومن جهته يقول أحمد العبدلاوي مسؤول تجاري ب"مكتبة ووراقة أكدال" بالرباط، أنه في السنوات العشر الأخيرة لم يعد القارئ العربي يكترث بالكتاب وخصوصا منذ 1995 حيث تراجعت مبيعات الكتب بشكل كبير، مما جعل بعض المكتبات تقفل أبوابها. وهذا التراجع في رأيه يرجع إلى عوامل كثيرة منها: التفاوت الكبير بين الدخل الفردي للمواطن المغربي وأسعار الكتب المرتفعة، وغياب عادة القراءة لدى الانسان المغربي عموما، وغياب سياسة واضحة للنهوض بقطاع الكتاب ودعمه بشكل صحيح.