تصب الحكومة المركزية في بكين، جام غضبها الممنهج على "الأقلية الأويغورية المسلمة" في الصين من قمع وتسلط، بدعوى اتهامها بشن هجمات إرهابية نُسبت إلى بعض المتطرفين المنتمين لصفوفها، بما في ذلك تلك التي حدثت في بانكوك سنة 2015، والتي أسفرت عن مقتل 20 شخصا، حيث سيتم محاكمة اثنين من المشتبهين الأويغريين يومي 13 و14 من هذا الشهر في العاصمة التايلاندية. الأويغور: أعمال العنف والإرهاب التي تشهدها منطقة "الأويغور" ليست جديدة، حيث تعتبر جزءا من المشهد السياسي الصيني، وهم أقلية ذات أغلبية مسلمة، معترف بها من قبل جمهورية الصين الشعبية، وهم السكان الأصليون لمنطقة شينجيانغ ويتكلمون اللغة التركية، ولكنهم يشبهون سكان آسيا الوسطى والصين. وتم دمج هذه المنطقة، التي كانت تسمى "تركستان الشرقية"، إلى الصين في سنة 1759، ولكن شهدت هذه المنطقة في القرن العشرين ثورات أدت إلى حصول بعض المناطق على حكمها الذاتي، إضافة إلى تحول النظام الملكي الصيني إلى نظام جمهوري. تطورات أوضاع الأويغور : أوضحت الدراسات التاريخية أن عدد الأويغوريين وصل في السنوات الأخيرة بين 10 و12 مليون نسمة، وفي سنة 2009، عندما اندلعت الثورة المناهضة للهان، (المجموعة العرقية التي تحظى بالغالبية في جمهورية الصين الشعبية) في عاصمة شينجيانغ، أورومتشي، تعرضت هذه الأقلية إلى قمع عنيف من دون أن تحظى بأي تغيير لصالحها. ولذلك لا تزال هذه الأقلية الأويغورية تشعر بالحرمان من حق امتلاك الأرض والثقافة بسبب ما يسمونه بسياسة "الاستعمار السريع والهائل" التي تمارسها الطوائف الأخرى في الصين. تنامي النشاط الإرهابي الدولي، وخاصة لتنظيم القاعدة، أدّى إلى ظهور مجموعة صغيرة أويغورية، لقبت نفسها ب"الحزب الإسلامي لتركستان"، والتي تمركزت على الحدود الباكستانية-الأفغانية، مدعية أنها على علاقة مع التنظيم الذي أسسه أسامة بن لادن. معتقل غوانتانامو: قبضت القوات الأمريكية على 22 شخصا أويغوريا في أفغانستان، وتم احتجازهم في معتقل "غوانتانامو"، وفي سنة 2009، دعا هذا الحزب إلى الجهاد ضد الصين وقتل الشيوعيين الصينيين ولذلك فقد تمّ نسب الهجمات التي استهدفت محطة كونمينغ للسكك الحديدية، وبانكوك إلى هذه الأقلية الأويغورية، نقلا عن صحيفة "جيوبوليس". علاقة الأويغور ب"داعش": أعلنت سلطات بكين، التحاق قرابة 300 شخص من "الأويغور" بتنظيم "داعش" في سوريا والعراق، فيما أكد بعض خبراء الاستخبارات إن عددهم يصل إلى ما بين 4 أو 5 آلاف شخص، ونوهت بعض التقارير أن التنظيم الإرهابي، أعدم العديد من هؤلاء "الجنود" الذين كانوا يعاملون بعنصرية شديدة، بينما كانوا يحاولون الفرار من براثنه. ولأول مرة، قامت أحد وسائل الإعلام التابعة لتنظيم "داعش" ببث رسائل بلغة الماندارين الصينية بدلا من الأويغورية، التي تكتب باللغة العربية، الأمر الذي يدل على أنه استهدف بذلك استقطاب المزيد من الصينيين أي الجاليات المسلمة الصينية الأخرى، بما في ذلك ال 12 مليون مسلم المنتمين لطائفة الهوي والهان،و لم يثبت وجود أي ناشطين أويغريين في أفريقيا، وخاصة في صفوف التنظيمات الإرهابية هناك. إصرار الدعاية الصينيةعلى وجود روابط بين الناشطين الإيغوريين وبعض التنظيمات الإرهابية الكبرى؛ مثل "داعش والقاعدة"، يدفعنا للقول أن الصين تعد ضحية أخرى للإرهاب الدولي مثل فرنسا تماما. حقوق الإنسان: نددت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، بتزايد العمليات الإرهابية التي تعرضت لها أكبر المدن الصينية، مما أدى إلى ازدياد وتيرة القمع على هذه الأقلية، والتي شملت تعرض العديد منهم للاعتقالات التعسفية، وعمليات التفتيش العنيفة، والعديد من"المجازر". ومن أشهر العمليات التي قامت بها الشرطة الصينية ضد الأقليات المسلمة من "الأويغور"، ما حدث في نوفمبر سنة 2015، حيث قتل 28 شخصا، وذلك للاشتباه في تورطهم في إحدى الهجمات المميتة التي حدثت في منجم للفحم، فضلا عن الإعدامات العلنية لبعض "الأويغور"في الملاعب مثل تلك التي كانت تحدث في العصور القديمة. القمع الثقافي والاقتصادي: تعرضت الطائفة "الأويغرية" للقمع الثقافي في ممارساتهم الدينية، لتجد نساءهم يمنعون من ارتداء الحجاب، وكذلك يحرم الموظفون العموميون من صوم شهر رمضان، إضافة إلى هدم أحيائهم التقليدية من أجل بناء منشأة للهانز في المحافظة. ومن الناحية الاقتصادية، أصرت حكومة بكين على تحديث البنية التحتية وإحداث تنمية اقتصادية ذات صلة "بطريق الحرير" الجديد، التي ترغب في تحقيقه، على الرغم من أن وضع البلاد لا يزال يعاني التوتر والعمليات الإرهابية وانتهاك حقوق الأقليات المسلمة.