سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعداءِ …………… كالنَّسْر فوقَ القِمَّةِ الشَّمَّاء أرْنُو إلى الشَّمْسِ المُضِيئةِ هازِئاً ………… بالسُّحْبِ والأَمطارِ والأَنواءِ لا أرْمقُ الظِّلَّ الكئيبَ ولا أرَى …………….. مَا في قَرارِ الهُوَّةِ السَّوداءِ وأَسيرُ في دُنيا المَشَاعرِ حالِماً …………… غَرِداً وتلكَ سَعادةُ الشعَراءِ أُصْغي لمُوسيقى الحَياةِ وَوَحْيِها ………… وأذيبُ روحَ الكَوْنِ في إنْشَائي وأُصيخُ للصَّوتِ الإِلهيِّ الَّذي ………………. يُحْيي بقلبي مَيِّتَ الأَصْداءِ وأقولُ للقَدَرِ الَّذي لا ينثني ……………….. عَنْ حَرْبِ آمالي بكلِّ بَلاءِ لا يُطْفِئُ اللَّهبَ المؤجَّجَ في دمي …….. موجُ الأسى وعواصفُ الأَزراءِ فاهدمْ فؤادي ما استطعتَ فانَّهُ ……….. سيكون مثلَ الصَّخرة الصَّمَّاءِ لا يعرفُ الشَّكوى الذليلَة والبكا ……….. وضراعَة الأَطفالِ والضّعفاءِ ويعيشُ جبَّاراً يحدِّق دائماً …………… بالفجر بالفجرِ الجميلِ النَّائي إِملأْ طريقي بالمخاوفِ والدُّجى ……… وزوابعِ الأَشواكِ والحصباءِ وانْشر عليه الرُّعب واثر فوقه …. رُجُمَ الرَّدى وصواعقَ البأساءِ يعتبر الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي من أبرز الشعراء المحدثين، حيث لقب بشاعر الخضراء نسبة لتونس الخضراء، وقد أصدر مجموعة من القصائد التي تغنت بها العديد من المنابر بعد وفاته ومن ضمنها :قصيدة "إرادة الحياة" التي أصبحت فيما بعد نشيدا لوطنه تونس، ثم قصيدة "إلى طغاة العالم" وقصيدة "اسكني يا جراح" وغيرها من القصائد الكثيرة التي أغنى بها خزينة تونس الأدبية. ولعل أبرز قصائده تلك المعلونة "بنشيد الجبار" التي أظهر لنا من خلالها المعنى الحقيقي للتحدي و الاستمرار وعدم التراجع أو الإخفاق في الحياة رغم الصعاب و الانكسارات و الحواجز التي تواجهنا، ويوضح هذا الأمر جليا في أبيات هذه القصيدة من خلال ذكره لطريقة عيشه وكذلك تمرده على العوائق الداخلية والمتمثلة في مرضه و العوائق الخارجية المرتبطة بنظرة الناس له، ثم رفضه العيش في حياة يشوبها الذل والهوان، وتغيريها بنضرة متفائلة مليئة بالأحاسيس القوية والروح المتجددة في ضل الظروف القاسية التي كان يعيش فيها، فهو يرفض مصطلح الاستسلام، ويدعو إلى التشبث بالحياة رغم المعاناة. فقدرة أبو القاسم الشابي على التحدي و المقاومة كان مبعثها ومصدرها قوة إيمانه على اختراق المستحيل التي تجعله يصل إلى مراتب الوجود والتشبث بالأقدار الإلهية جراء ما أصابه من مرض أنهك حياته لكن دون أن يستسلم له ويظهر جليا هذا أثناء قراءتنا لهذه القصيدة الإيمانية. كما أكد الشابي في أبيات هذه القصيدة أنه لا يمكن لهذه العراقيل المتضخمة والتي أصابته بالهوان و الضعف أن تربك تركيزه على عالمه الخاص وعلى فجره الجميل.