دون الدخول في بسط الحديث عن الحرية الدينية، وقضية الردة، سأخصص حديثي عن موضوع وألوهيته وإنسانيته وصلبه، وذلك تجاوبا مع إيمان التي اعتنقت المسيحية، أي أنها آمنت بالمسيح ربا مخلصا، وهنا نطرح الأسئلة التالية: هل قال المسيح أنا الله فاعبدوني؟ هل ولدت مريم إلها أم إنسانا؟ وهل صلب المسيح ليخلص العالم؟ جوابا عن السؤال الأول، نقرر من البداية إلى أنه من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا لم يرد على لسان المسيح لفظ "أنا الله"، وعليه فالقول بألوهية المسيح جاء من خارج الكتاب المقدس، وبالضبط يعود ذلك إلى مجمع نيقية الذي انعقد سنة 325م، نتيجة إنكار القس أريوس لألوهية المسيح، وفيه هذا المجمع الذي يعد المجمع المسكوني الأول تم إقرار ألوهية المسيح، أي إن عقيدة ألوهية المسيح هي نتاج مجمع لا غير. نعود الآن إلى بعض النصوص التي تؤكد على أن المسيح إنسان: جاء في إنجيل متى19/16-17(16وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» 17فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ) وفي إنجيل مرقس12/28-29(28فَجَاءَ وَاحِدٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَسَمِعَهُمْ يَتَحَاوَرُونَ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ أَجَابَهُمْ حَسَناً، سَأَلَهُ: «أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أَوَّلُ الْكُلِّ؟» 29فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ)، وجاء في إنجيل يوحنا17/3(وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ) هذه بعض النصوص على سبيل المثال لا الحصر كلها تؤكد على أن المسيح ليس هو الله؛ فالمسيح نفسه نسب الصلاح لله، وقال أن الله واحد، وقال أنه مرسل من الله. ننتقل لسؤال الثاني هل مريم ولد إنسانا أم إلها؟ هذا السؤال يعد إشكالية كبرى لدى المسيحيين، فالأرثوذكس يلقبون مريم بوالدة الإله، أما البروتستانتيعتبرون أن مريم ولد إنسانا وليس إلها. فالمسيحيون أنفسهم لم يتفقوا على قول واحد، كما اختلفوا أيضا حول موضوع طبيعة المسيح، هل يمكن الإيمان بطبيعة واحدة تجمع اللاهوت بالناسوت دون تفرقة؟ أم الإيمان بالطبيعتين لاهوت مقابل ناسوت؟ ولا يزال الخلاف قائما بين المسيحيين إلى يومنا هذا. فلم نعرف أي طريق اختارت إيمان؟ هل تؤمن بطبيعة واحدة للمسيح؟ أم بالطبيعتين؟ ناهيك عن قضية حصول الاتحاد هل تم اتحاد اللاهوت بالناسوت حصل في بطن مريم؟ أم تم الاتحاد بعد الولادة؟ هذه الأسئلة وغيرها على إيمان أن تجيبنا عنها. بالنسبة للسؤال الأخير، هل صلب المسيح ليخلص العالم؟ يعتقد المسيحيون أن المسيح صلب ليكفر عن الخطيئة التي لوثت دم البشرية؛ خطيئة آدم، وهذا الاعتقاد عندهم مردود عليهم، إذ لا وجود لنص قال فيه المسيح إني سأصلب لأخلص البشرية من خطيئة آدم، وهذا الأخير لم يقل إن خطيئتي تشترط مخلصا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ما دام المسيح هو الله، فكيف يستقيم منطقيا القبول بموته على الصليب؟ طبعا هناك محاولات من الجانب المسيحي لإيجاد مسلك لهذه الإشكالية، لكن لم يفلحوا في ذلك؛ بدليل اعتقادهم أن الخطيئة غير محدودة ومن ثمة فالتكفير عنه يستلزم مخلصا غير محدود، إذا لو قال المسيحيون إن الذي صلب هو المسيح بوصفه إنسان فإنه سيكفر عن خطيئة شخص واحد، والحل ليشمل الخلاص كل البشرية لا بد من مخلص غير محدود، فيلزم إذا أن يكون المصلوب المخلص هو المسيح الإله، بناء على هذا نقول أن الذي علق على الصليب وتعرض لتلك الإهانة هو المسيح الإله وليس المسيح الإنسان. فهل إيمان قرأت عن هذه الأمور؟ نضيف أسئلة أخرى، ما هو اليوم الذي صلب فيه المسيح، هو الثلاثاء كما يقول بعض المسيحيين، أم يوم الاربعاء، أم يوم الخميس كما يقول آخرون؟ وتجدر الإشارة إلى أن الاختلاف في هذه الأيام راجع إلى محاولة ايجاد حل لمشكلة المدة التي قضاها المسيح في (قبره) ونطرح السؤال مرة أخرى على إيمان لتقدم لنا جوابا عن هذه المدة. و نختم موضوعنا بقول فرنسيس يونغ Frances Young – وهي محاضرة في دراسة الأناجيلفي جامعة بيرمنغهام- بريطانيا- تقول: المعادلة البسيطة: يسوع = الله، ليست فاشلة في تمثيل ما تدعيه التقاليد المسيحية، بل شاذة بشكل واضح. فاختصار : كلية الله إلى تجسد بشري أمر لا يمكن تصوره حقا. *باحث في الأديان