صورة قاتمة تلك التي رسمها تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، حول حرية الرأي والتعبير في المغرب، والذي تضمن اتهامات صريحة لسلطات المملكة بممارسة التضييق على حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، واستخدام أساليب غير قانونية لاحتجاز وملاحقة النشطاء والصحافيين والتشهير بهم. وتحدث المرصد الأورومتوسطي في تقريره عن متابعة 21 صحفيا وناشطا مدنيا وحقوقيا بالمغرب، وهو ما يؤكد حسب خلاصاته أن سلطات المملكة تفرض رقابة غير قانونية، لتقويض حرية الرأي والتعبير والعمل الصحفي المعارض.0 ويتخذ التضييق على حرية التعبير عدة أشكال حسب ذات المرصد أهمها "التجسس وانتهاك الخصوصية والتشهير بالمؤسسات المعارضة"، علاوة على "الاستدعاءات على خلفية تدوينات أو آراء ناقدة ومعارضة تنتهي بالاحتجاز التعسفي دون تمكين المعتقل من حقوقه الأساسية القانونية في الدفاع"، إضافة إلى "المحاكمات الصورية والأحكام الجائرة الصادرة من القضاء بحق المعتقلين والتي لا تجري وفق القواعد القانونية المنصوص عليها في القوانين الوطنية والدولية". وأضاف المرصد أن الأحكام التي صدرت بحق الصحافيين والنشطاء المغاربة، "لا تبدو عادلة" ووصفها ب"القاسية"، كان أحدثها، الحكم على الصحافي سليمان الريسوني، قبل يومين، بالسجن 5 سنوات بزعم تورطه في ارتكاب "اعتداء جنسي". يقول التقرير. واستعرض التقرير ما وصفها ب"مظاهر الضغوط" التي تمارسها السلطات على النشطاء الإعلاميين والمدنيين لإسكاتهم وتغييبهم، وتوقف عند القضائية منها حيث انهالت خلال العامين الماضيين والعام الحالي، المتابعات القضائية على الصحافيين والناشطين، في ظل "غياب الضمانات الدستورية والقانونية الكافية لحماية الحق الأساسي في حرية الرأي التعبير والعمل الصحفي. وهو ما أدّى، يقول التقرير، إلى تفاقم الانتهاكات والتجاوزات الرسمية تجاه ممارسة هذه الحريات، لافتا إلى أنه "على الرغم من إقرار البرلمان المغربي عام 2016 قانون الصحافة والنشر، والذي يُعد أول قانون للصحافة في المغرب لا يتضمن أحكاما بالسجن كعقوبات على التعبير السلمي، إلا أن السلطات ماتزال تحاكم المتهمين على خلفية قضايا التعبير السلمي بأحكام تتضمن عقوبات بالسجن استنادا للقانون الجنائي عوضا عن الاستناد لقانون (88.13) واجب التطبيق في هذه القضايا". وأكد المرصد على أن السلطات ماتزال تطبق القانون الجنائي في جميع القضايا المتعلقة بجرائم التعبير السلمي دون اعتبار لقانون الصحافة والنشر رقم 13.88، إذ يسجن الصحافيون والنشطاء ويحاكمون بموجب القانون الجنائي إذا ما ارتكبت أفعال تتعلق بحرية الرأي والتعبير وتُشكل جرما، وهو ما يرى فيه المرصد "مخالفة صريحة لنص المادة 17 من قانون الصحافة والنشر. وأشار التقرير إلى أن السلطات تلجأ لتطبيق القانون الجنائي عوض قانون الصحافة والنشر، من أجل إيقاع عقوبات شديدة ورادعة على الصحافيين والنشاط لردعهم عن التعبير عن آرائهم المعارضة وتكميم أفواههم، نظرا لخلو قانون الصحافة والنشر من هذه العقوبة في القضايا المتعلقة بحرية الرأي والتعبير السلمي. كما تطرق المرصد في تقريره ، إلى ظاهرة التشهير بالصحافيين والأصوات المنتقدة للسلطة، من خلال وسائل إعلام وشخصيات مقرّبة من الدولة لثنيهم عن انتقاد سياسات المملكة، وساق في هذا الصدد أمثلة عن مواد إعلامية على شكل إهانات بذيئة أو معلومات خاصة عن الضحية. ويوصي تقرير المرصد الأورومتوسطي السلطات المغربية بإطلاق سراح جميع المتابعين على خلفية الرأي والتعبير، ووقف سياسة ملاحقة واحتجاز النشطاء والصحافيين وتقييد عملهم المشروع، كما طالبها بضرورة الاضطلاع بدورها في حماية حرية الصحافة والنشاط السلمي من قرارات الملاحقة والاحتجاز التعسفي، وحملات التشويه والتشهير.