عبرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عن قلقها وأسفها العميقين من الانتهاكات الحقوقية التي تطال الصحافيين والصحافيات، وكل حامل لواء حرية الرأي والتعبير بالمغرب. واعتبرت العصبة في بلاغ لها بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أن هذه المناسبة تشكل فرصة لتسليط الضوء على أعمال العنف والتضييق والاعتقالات والمحاكمات في حق الصحافيات والصحافيين المضطهدين بسبب إبداء الرأي. وأكدت العصبة الحقوقية على أن المغرب من بين البلدان التي كان لها القسط الأوفر في تسجيل اعتداءات واعتقالات ومتابعات قضائية في حق صحفيات وصحفيين ومعبرين عن الرأي، إذ قارب عددهم حوالي المائة خلال سنتي 2019 و 2020، حسب معطيات تم استنتاجها من خلال تقارير حقوقية وإعلامية متواترة. ولفتت إلى أن هذه الأرقام هي ما يفسر تبوء المغرب المركز 136 ضمن تقرير حرية الصحافة الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود، متراجعا بثلاث نقاط عن السنة الماضية، ومتأخرا بشكل جلي عن دول إفريقية كنا نعتقد أننا متقدمون عنها في هذا المجال. وجددت الهيئة الحقوقية التنبيه إلى استمرار متابعة الصحفيين في حالة اعتقال، وخارج المساطر القانونية المعمول بها، أو على أساس القانون الجنائي الذي يشكل إخلالا واضحا بأحكام الفصل 28 من الدستور، الذي يضمن حرية الصحافة. كما أن هذه المتابعات تخالف المادة 4 من القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، والتي نصت صراحة على أنه "يشكل هذا القانون إلى جانب القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين والقانون رقم 90.13 المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة، مدونة للصحافة والنشر"، وهو ما يعني وجوبا الاقتصار على هذه النصوص في كل القضايا المتعلقة بالصحافة والنشر. وفي ذات الصدد، نبهت العصبة إلى أن وجود نظامين قانونيين بخصوص جرائم النشر، أمر يبعث على القلق، حيث أن استبعاد التشريع المتعلق بالصحافة والنشر كليا في القضايا ضد الأفراد، الذين يمارسون حرية التعبير خارج المنشآت الصحفية، ومن خلال الوسائط الجديدة للنشر، واستبداله بالقانون الجنائي يعدّ أمرا مخالفا للمعايير الدولية. وأمام هذا التراجع الذي يشهده المغرب في مجال حرية الصحافة وحرية التعبير، جددت العصبة مطالبتها بإطلاق سراح كافة الصحفيين المعتقلين ومعتقلي الرأي، ووقف المتابعات في حقهم بالاستناد إلى مقتضيات القانون الجنائي. ودعت السلطات المعنية إلى استحضار روح القانون وإعلاء قيمه النبيلة، من خلال تمتيع الصحفيين سليمان الريسوني وعمر الراضي بالحق في السراح من أجل التمكن من إعداد الدفاع وضمان المحاكمة العادلة لهما، مناشدة في ذات الصدد الريسوني من أجل إيقاف إضرابه عن الطعام حفاظا على سلامته الصحية. كما جدد حقوقيو العصبة تنبيههم للمجلس الوطني للصحافة، من أجل استعمال الصلاحيات التي يخولها له القانون، في مجال التأديب، وملاحقة صحافة التشهير، وذلك من خلال تفعيل عقوبة الحرمان من البطاقة المهنية في حق المواقع الإلكترونية والجرائد المختصة في التشهير، ودعت النيابة العامة، للالتزام بمقتضيات القانون المتعلق بالصحافة والنشر، باعتبارها جهازا للإشراف على تنفيذ السياسة الجنائية. وأعلنت العصبة عن فتحها لسلسة مشاورات تتعلق بمضمون "المذكرة الترافعية من أجل حرية تعبير حقيقية، دون تهديد بسلب الحرية"، والتي تم استخلاص مضمونها بناء على خلاصات اللقاء الدراسي الذي تم تنظيمه، حول مسألة "حرية التعبير عن الآراء بالمغرب بين مقتضيات قانون الصحافة و النشر والقانون الجنائي"، بمشاركة فعاليات من مشارب متعددة.