تزامنت الذكرى ال38 لمجزرة صابرا وشاتيلا في مخيمي "صبرا" و"شاتيلا" غربي بيروت، التي بدأت أحداثها يوم 16شتنبر 1982، مع أحداث التطبيع العربي الإسرائيلي الذي يفاقم معاناة الفلسطينيين. مع مجيء الذكرى ال38 لمجزرة صبرا وشاتيلا في مخيمي "صبرا" و"شاتيلا" غربي بيروت، التي بدأت أحداثها يوم 16 شثنبر 1982، في العام ذاته الذي اجتاحت فيه إسرائيل جنوبلبنان، تحولت أحداث التطبيع العربي الإسرائيلي إلى ملح يُرش بأيادٍ عربية على الجرح الفلسطيني. وعلى الرغم من مرور كل هذا الوقت على المجزرة، فإن مشاهد الذبح واغتصاب النساء ما زالت في ذاكرة من نجوا من المجزرة التي أودت بحياة أكثر من ثلاثة آلاف، معظمهم فلسطينيون تعرضوا للذبح على مدار 48 ساعة، بحسب شهادات ناجين. وتزامت ذكرى المجزرة مع أحداث متسارعة تشير إلى تخلي دول عربية عن القضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني الذي ما زال ما يقارب 6 ملايين منه في مخيمات اللجوء، في حين يواجه من يقطنون الضفة الغربية محاولات تطهير عرقي ناعمة واستيطان، واعتقالات وقتل وتشريد وحصار على غزة مستمر منذ 14 عاماً. وشهدت ذكرى المجزرة هذه السنة خيانة عربية للقضية الفلسطينية بعد تطبيع الإماراتوالبحرين للعلاقات مع الكيان الصهيوني عبرتوقيع اتفاق التطبيع في البيت الأبيض بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزيرَي الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد والبحريني عبد اللطيف الزياني. ومنذ بداية العام الجاري يواجه الفلسطينيون تحديات متلاحقة، تمثلت في "صفقة القرن"، وهي خطة سياسية يعدها الفلسطينيون مجحفة بحقهم، أعلنتها الولاياتالمتحدة في 28 يناير، ثم تبعها مخطط إسرائيلي لضمّ نحو ثلث أراضي الضفة الغربيةالمحتلة، وبعده إعلان الإمارات في 13 غشت الماضي، ثم البحرين في 11 شثنبر، تطبيع علاقاتهما مع إسرائيل. ووفق روايات سكان من المخيمين شهدوا المجزرة، فإنها بدأت قبل غروب شمس يوم السادس عشر من شثنبر، عندما فرض الجيش الإسرائيلي حصاراً مشدداً على المخيمين، ليسهل عملية اقتحامهما من قبل مليشيا لبنانية مسلحة موالية له. وتكونت المليشيا من بعض المنتمين إلى حزب الكتائب اللبناني المسيحي اليميني، بالإضافة إلى مليشيا "جيش لبنانالجنوبي" بقيادة سعد حداد، الذي كان رائداً في الجيش ويقود وحدة عسكرية تضم 400 جندي في بلدة القليعة، قبل أن ينشق عن الجيش ويتحالف مع إسرائيل مشكلاً تلك المليشيا المناهضة للوجود الفلسطيني في لبنان. وتمت محاصرة المخيمين بشكلٍ كامل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي كان تحت قيادة أرئيل شارون ورفائيل إيتان، أما بالنسبة إلى قيادة القوات المحتلة فقد كانت تحت إمرة إيلي حبيقة المسؤول الكتائبي المتنفذ، حيث دخلت القوات الانعزالية إلى المخيم، ونفذت هذه المجزرة من خلال قتل السكان بدمٍ بارد، ودون أي نوع من أنواع الرحمة والشفقة. ويشار إلى استخدام الأسلحة البيضاء وغيرها من الأسلحة الأخرى في عمليات القتل لسكان المخيم العُزَّل، وقد تمثّلت مهمة قوات الاحتلال الإسرائيلي في محاصرة المخيم وإنارته بالقنابل المضيئة في الليل المظلم، وكذلك منع هروب أهالي المخيم، وقد تم قتل الأبرياء الفلسطينيين دون خسارة رصاصة واحدة. وقال شاهد عيان من الذين عاشوا المجزرة لوكالة الأناضول: "صباح السابع عشر من شثنبر 1982، استيقظ لاجئو مخيمَي صابرا وشاتيلا على واحدٍ من أكثر الفصول الدموية في تاريخ الشعب الفلسطيني الصامد". كنت شاهداً على مجزرة صابرا وشاتيلا، وشاهدت مناظر لا يمكن لعقل أن يتحملها، أخذوا يقتلون المدنيين بلا هوادة، أطفال في سن الثالثة والرابعة وجدوا غرقى في دمائهم وأضاف: "المجزرة من أبشع المذابح في تاريخ البشرية، حيث وجدت جثث مذبوحة ومشوهة بطرق غريبة، وتفنن المجرمون بقتل قرابة ثلاثة آلاف، ما بين طفل وامرأة وشيخ ورجل من أبناء الشعبين الفلسطيني واللبناني". وأشار إلى أن "إسرائيل ساعدت من قام بتلك المجزرة من المليشيات اللبنانية"، منبهاً إلى أن "هذه المجزرة من ضمن مخطط لتهجير الفلسطينيين إلى الخارج حتى ينسوا أرضهم وحق العودة". ويقع مخيما "صبرا" و"شاتيلا" في الشطر الغربي من العاصمة بيروت، وتبلغ مساحتهما كيلومتراً واحداً مربعاً، ويبلغ عدد سكانهما اليوم نحو 12 ألف شخص (وهو إحصاء غير رسمي خاصة مع وجود لاجئين سوريين داخله منذ سنوات)، وهو واحد من بين 12 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في لبنان.