بعد حسم الجدل السابق إزاء توقيت الاستحقاقات الانتخابية التي ستعرفها بلادنا العام المقبل 2021، عاد إلى الواجهة النقاش والتساؤلات حول تكرارالبيجيدي لسيناريو 2007 الذي تميز ب"تقليص مشاركة الحزب في الاستحقاقات البرلمانية وعدم تغطية جميع الدوائر الإنتخابية وتصدر حزب الاستقلال"، في انتخابات 2021. وللوقوف أكثر على النقاش المتداول، يرى الدكتور رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري في جامعة ابن طفي، أن حزب العدالة و التنمية دأب مند وصوله لرئاسة الحكومة، توظيف اختيار المغرب الديمقراطية التوافقية في نمط الاقتراع، مشيرا إلى أنه" هندس بشكل لا يسمح لأي حزب بالحصول على الأغلبية المطلقة التي تخول له تشكيل الحكومة منفردا، وهذا ما يجعل الحاجة لعقد التحالفات والتوافقات أمرا ضروريا لا مهرب منه. وأشار لزرق في تصريح ل "نون بريس" أن البيجيدي وظف هذا الإختيار باللعب على الحبلين، برأستها للحكومة دون أن تتحمل أعباء المسؤولية، الأمر الذي يخلق اللبس في فهم دور العدالة التنمية وموقعها في الساحة السياسية، مضيفا أنه وفي المقابل استطاعت تدبير مصالحها دون تحمل المسؤولية السياسية. وأضاف قائلا "أن خطة الدفاع الأولى للحزب هي ادعاء المظلومية وعدم تحمل المسؤولية، فيما أن خطة الدفاع الثانية هي ايهام الناس انهم يريدون الديمقراطبة لكسب تأييد المتعطشين للحرية، وهو تكتيك سياسي صار نهجا طوره الإخوان لركوب موجة المطالبة بالحرية للوصول و البقاء في السلطة". وشدد أستاذ العلوم السياسية، أنه و تنزيلا لهذا النهج السياسي فإنهم، يجمعون في تعاطيهم مع الحلفاء الحكومين بين منطقين منطق السكوت تحت مبرر التوافق و منطق المزايدة و التجاوز،وذلك بناء على المعطيات الإقليمية و الدولية، مشيرا إلى أن "الكل يتذكر كيف كان يزايد بنكيران بالخروج للشارع، عندما كانت المناخ الدولي لصالح الإخوان، وكيف تمت نهج أسلوب المهادنة ونزول التوحيد و الإصلاح بكل ثقلها لعدم التمديد لولاية ثالثة لبنكيران". واعتبر المتحدث ذاته، أن" نهج المظلومية له مردود انتخابي، بالنظر لطبيعة الشعب المغربي والشعوب المشرقية عموما كونها شعوب عاطفية، وهذا ما جعل العدالة والتنمبة تحقق نجاحات انتخابية دون ان تكون لها حصيلة تدبيرية، مضيفا أن الحزب يتقوى دوما بخطاب المظلومية ونظرية الاستهداف، في حين أن الإقرار بتحمل المسؤولية كحزب حاكم يربكهم، وييؤدي بهم للإنقسامهم، والخروج حرب المواقع للعلن ،في مقابل نظرية الاستهداف التي توفر لهم مناعة تنظيمية". وتابع قائلا "يكفي هنا متابعة حرب الأجنحة التنظيمية بعد عزل بنكيران و إخراج ملفات الفساد للعلن من داخل العدالة التنمية في ظل حرب التموقعات بين هذا الجناح وذاك ، بغية حصول ممثلي كل جناح على مواقع متقدمة في الحكومة و البرلمان ومؤسسات الدولة، تمكنهم من استعادة الوجاهة والنفوذ و احساس البعض بالحيف بعد بروز ظاهرة الأغنياء الجدد، فنظرية الإستهداف هذه كانت تمكنهم من امتصاص الطموحات". وخلص إلى أنه وتبعا لما سبق ذكره فان العثماني في الفترة المقبلة، سيحاول تقوية نظرية الإستهداف و التي تمكنه من إمكانية الضبط الذاتي، بإشاعة كونهم في تفاوض مع "الفوق" و ذلك بغية لجم التضاربات التنظيمية، و تصدير الأزمة للدولة، وفي نفس الاتجاه السعي إلى اضعاف شركائهم في الحكومة بتصدير تحميلهم المسؤولية ؛ وفتح مجال اوسع بمغازلة المعارضة التي تبدو بدون أمل لتكون البديل". وأكد لزرق على أن الاتجاه نحو تنظيم الانتخابات في وقتها المحدد أظهر جنوح العدالة التنمية لوضع أكبر قدر ممكن من أعضائهم في المناصب العليا، التي لها علاقات مباشرة بما هو اجتماعي، وبالتالي يكون لها عائد انتخابي، ثم اللعب على تناقضات خصومها، وإلصاق المسؤولية بالحلفاء لتبرير حصيلتهم السلبية. في وقت يعرف فيها الاقتصاد الوطني اخطر منعرج على الإطلاق. وبذلك فإن اتجاه العدالة التنمية نحو اشاعة امكانية عودة سيناريو 2007 بعدم تغطية جميع الدوائر الإنتخابية، مقصود بغاية تقوية منطق الاستهداف و تمكين قياداتها بالظهور بمظهر المخلص، الذي يجعل سلطتهم أكبر، وذلك لكونهم في فترة المساومة على ملفات الفساد والإختلالات التدبيرية، وكذلك الملفات الجنائية المعروضة على القضاء تحت مبرر توفير الحماية السياسية. و من جهة أخرى يرى لزرق، أن "العثماني اتجه على نحو معاكس ولا أخلاقي للقيام بما يفترض فيه كرئيس حكومة، باعتباره المسؤول السياسي الأول على الحصيلة الحكومية، ومن خلال ما يلزمه هذا الموقع اخلاقيا وسياسيا ضرورة التنسيق مع الأغلبية و تقديم الحصيلة الجماعية، وذلك من خلال مؤسسة رئاسة الحكومة التي يلزمها القيام بالسهر على التوافق وحث الأحزاب على إعادة تقريب وجهات النظر". وتابع "لكن من الأكيد أن شيئا من هذا لن يتم، فمنطق العدالة والتنمية هو مصلحة الحزب قبل مصلحة الوطن، كما أن الوضوح السياسي يضعف العدالة التنمية، لهذا نجدها تحاول توسيع المجال التحالفات السياسية، لكي تضع شركائها في الزاوية الضيقة، بعد لمسها السخط الشعبي على السياسات اللا شعبية و جسامة التحديات الإقتصادية القادمة، والتي لا تستطيع مجاراتها، إذ أن الدفاع عنها بشكل مسؤول يترجم إلى نهاية وشيكة لها" . وأوضح قائلا "أن العدالة التنمية تحاول الهروب من تحمل أتعاب وتبعات المسؤولية السياسية، لكونها تتخوف من خسارة الإنتخابات، لهذا فهم في الحزب يحاولون إظهار العثماني بمنطق الرجل الضعيف، وأنه ليس هو رئيس الحكومة الفعلي. بعدما كانوا يعتبرونه منظر الحزب قبل تعيينه رئيسا لها." وأضاف "أن العدالة التنمية أظهرت خلال سنوات حكمها، أنها محترفة لفنون الهروب والمناورة، وباللعب على كل الأوتار لتجنب الظهور في الواجهة و الوضوح"، لهذا فإنها تحشد المعارضة لضرب بعض حلفائها، كما تمارس عملية الضغط من وراء الستار باستغلال أطماع الأحزاب الصغيرة، كما فعلت مع التقدم والإشتراكية سابقا، لتجميل صورتها خارجيا أو المعارضة اليسارية، ورمي المسؤولية على حلفائها في الحكومة لإنقاذ نفسها من تحمل المسؤولية والمحاسبة في حال الفشل. وتابع في ختام تصريحه "كلنا نعاين اليوم الدفع بالموالين لها في المناصب التي لها عائد انتخابي في مقابل ذلك فالآخرون منشغلون بالمناصب التي لها عائد مالي، بشكل فج، لكونهم في نهاية مسارهم السياسي كما هو الحال في التعيينات الاخيرة بمجلس ضبط الكهرباء، في مقابل ذلك اتجهت العدالة والتنمية الى تكثيف التعيينات في المناصب كما هو دائما قبل كل الإستحقاقات، للمتعاطفين معها دون الانخراط فيها علنيا، وبذلك فانها تضرب عصفورين بحجر، أولا ببقائها في الحكم وتنفيذ سياساتها من وراء الستار وثانيا عدم تحمل مسؤوليتها عند الفشل".