نظم فرع المنارة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مساء أمس، أمام البريد المركزي بحي جليز، وقفة لاحياء اليوم الدولي للقضاء على الفقر 17 أكتوبر، تحت شعار: "نضال وحدوي ضد الفقر والقهر الاجتماعي، ومن أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية". وتخلد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ككل سنة، اليوم الدولي للقضاء على الفقر في 17 من شهر أكتوبر، وهي تدرك تمام الإدراك ما يمثله الفقر من حرمان متعدد الأبعاد، يحول بين الانسان والتمتع بكافة حقوقه الأساسية ويفضي في العديد من الأحيان إلى انتهاك الكرامة المتأصلة فيه؛ الأمر الذي دفع المنتظم الدولي إلى جعل محاربة الفقر ومكافحته ضمن الأولويات، التي ينبغي أن تتصدى لتحقيقها خطة أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، وهذا إلى جانب القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي لكافة المواطنين والمواطنات. الجمعية التي اختارت أن تحيي هذا اليوم الدولي، كما السنة الفارطة، تحت شعار: "نضال وحدوي ضد الفقر والقهر الاجتماعي، ومن أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية"؛ وذلك تأكيدا منها، من جهة، على إيمانها الثابت بأن اجتثاث الفقر واستئصاله من بلادنا لن يتأتى إلا بالنضال المتواصل لعموم الحركة الحقوقية والديمقراطية، في مسعاها الرامي إلى مناهضة الفساد، وبناء المجتمع الديمقراطي القائم على الحرية والعدالة الاجتماعية؛ وللتعبير، من جهة أخرى، عن قلقها الكبير وانشغالها الشديد، بما تكرسه السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة من قبل الدولة، بفعل أخذها بالاختيارات الليبرالية المتوحشة، وانصياعها لإملاءات الدوائر المالية الدولية، من تخل عن دعم المواد الأساسية، وتحرير للأسعار، وخوصصة لأهم القطاعات الاستراتيجية وتسليع للخدمات الاجتماعية؛ وهي سياسات لم تعمل سوى على التقويض المطرد للقدرة الشرائية لفئات واسعة من المواطنين والمواطنات، وتنامي العجز لشرائح عريضة منهم في الولوج إلى الخدمات الاجتماعية العمومية الحيوية، وتعميق متسارع للفوارق الاجتماعية والمجالية، وتوطين للفقر وترسيخ للهشاشة والتهميش، وتوسيع لدائرة الاستبعاد واللامساواة. لذا، كان من الطبيعي أن تنعكس النتائج الوخيمة لهذه الاختيارات، التي انتهجتها الدولة، على الموقع المتدني للمغرب ضمن التقارير الأممية، ومن بينها القرير الدولي للتنمية البشرية، حيث لا زال يتبوأ الرتبة 123، وتمثل نسبة السكان الذين يعانون من الفقر المتعدد الأبعاد ومن شدة الحرمان 45.7%، حسب نفس التقرير، فيما يشكل السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع للدخل، أي بما يعادل 1.90 دولار، 3.1% من اجمالي السكان. ومن جانب آخر فقد أشار التقرير الصادر عن المنظمة العالمية للأغذية "الفاو"، في منتصف شهر يوليوز 2019، والذي ترصد فيه حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، إلى أن ما يقدر ب 1.2 مليون مواطن مغربي، وهو ما يناهز 3.4% من مجمل السكان، لم يجدوا ما يكفيهم من الطعام خلال الفترة الممتدة ما بين 2016 2018. أما تقرير صندوق الأممالمتحدة للتنمية فلم يفته هو الآخر أن يورد بعض النسب التي تقدم معطيات مثيرة حول تعمق الفقر والحاجة لدى المغاربة، إذ أن 45% منهم يعانون من حرمان خطير، و32% محرومون من الظروف المعيشية الأساسية، و13 % يعانون من سوء الصحة. إن التأخر المسجل في مؤشر التنمية البشرية، بالرغم من مرور زهاء 14 سنة على انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وما أنفق عليها بسخاء من أموال طائلة، والهجوم المتواتر على العديد من الحقوق والحريات والاجهاز الممنهج على أهم المكتسبات، كصندوق المقاصة، ونظام التقاعد واعتماد العمل بالعقدة في الوظيفة العمومية، والتسريع من وتيرة خوصصة كل من قطاعي التعليم والصحة، وعدم كفالة الحق في الشغل والسكن اللائقين، وتشجيع اقتصاد الريع وسيادة الإفلات من العقاب في قضايا الفساد. كان وسيظل السبب الأول والباعث الأقوى على تغذية مشاعر الإحساس بالإحباط والغبن، التي تدفع بالآلاف من المواطنين والمواطنات للخروج في احتجاجات ومسيرات، في مختلف ربوع الوطن، للإعراب عن رفضهم للإقصاء والفقر، وللمطالبة بفك العزلة والتهميش المفروضين على مناطقهم، كما هو الحال بالنسبة لمنطقة الريف وجرادة، وغيرهما من المناطق التي تفتقر لأبسط مقومات ومستلزمات العيش الكريم؛ من بنيات وتجهيزات أساسية، وربط بشبكتي الماء الشروب والتطهير السائل، وتوفير للمستشفيات والمؤسسات التعليمية، ومحاربة للبطالة وسط الشباب الحامل للشهادات، وتأمين لفرص العمل للجميع.