اختار حقوقيون مغاربة تخليد اليوم الدولي للقضاء على الفقر، الذي يصادف 17 من أكتوبر من كل سنة، عبر تنظيم وقفة احتجاجية رمزية، مساء اليوم بساحة البريد بالرباط، حمّلوا من خلالها الدولة المغربية مسؤولية تردي الأوضاع الاجتماعية وعدم توزيع الثروات والخيرات بالتساوي على جميع فئات الشعب المغربي. الوقفة التي دعا إليها المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تحت شعار: "نضال وحدوي من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية"، احتجت ضد ما اعتبرته "السياسات العمومية المنتجة للعديد من مظاهر الفقر والهشاشة والحرمان والتهميش والإقصاء واللامساواة بين فئات عريضة من المواطنات والمواطنين، لاسيما في المناطق القروية النائية والمهمشة، وفي الأحياء الهامشية للمدن". الناشط الحقوقي البارز، عبد الحميد أمين، قال، في تصريح لهسبريس، إنه يشارك في تخليد هذا اليوم الذي تحتفل به الأممالمتحدة سنويا، "نظرا للسياسيات الاجتماعية التي يعيشها المغاربة التي تنتج المزيد من الفقر وإهدار الحقوق الاجتماعية والاقتصادية". وطالب أمين الحكومة المغربية بسن سياسة جديدة تقطع مع ممارسات الماضي وتضمن العيش الكريم للمغاربة، كما دعا إلى تشكيل جبهة وطنية تشارك فيها كافة النقابات والقوى الحية بالبلاد لمواجهة المظاهر السلبية التي يعاني منها المغاربة، ويكون شعارها "وحدة وحدة من أجل القضاء على الفقر". بدورها، اعتبرت الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي، أن الفقر يعد من أقسى أشكال انتهاكات حقوق الإنسان، وأشارت إلى أن تمظهراته "لازالت مستمرة في المغرب نظرا لغياب الديمقراطية ومشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات". وترى الناشطة الحقوقية، ضمن تصريح لهسبريس، أن تمكين المغاربة من اختيار نموذجهم التنموي كفيل بتحقيق توازنات اقتصادية وفق ما تنص عليه المعاهدات الدولية، واعتبرت أن "المغاربة لا يستفيدون من ثرواتهم رغم أنها كافية لكي يعيش الجميع في حد أدنى يضمن عيشا كريما للجميع". من جهة ثانية، أكدت الجمعية الحقوقية ذاتها أن التقارير والخطب الرسمية لم تعد تستطيع إنكار الواقع المزري للمواطن المغربي، مبرزة فشل البرامج والسياسات المتبعة في مجالات الشغل، والصحة، والتعليم، والسكن والتنمية البشرية، و"هو الأمر الذي دفع بالكثير من المواطنين والمواطنات للخروج والتظاهر ضد الفقر والتهميش، خاصة بمنطقة الريف، حيث الاحتجاجات مستمرة منذ سنة بسبب الحكرة وتدهور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وضد الفساد والريع ومظاهر العسكرة والعقاب الجماعي للمنطقة لمدة عقود من الزمن". وأفادت "AMDH"، في بلاغ لها بالمناسبة، بأن ما يُثير المزيد من القلق والانشغال هو "ما أوردته بعض تقارير الأممالمتحدة، من أن أكثر من 5 ملايين مغربي يعيشون بأقل من 550 درهمًا في الشهر، ومليوني مغربي يعيشون بأقل من 300 درهمًا في الشهر، وأن %12.6 من المغاربة قريبون من عتبة الفقر متعدد الجوانب، مقابل 4.9% يعيشون فقرًا حادًا متعدد الأبعاد". وأكدت أن التقرير الصادر عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، بخصوص تأخر المغرب في محاربة الفقر والهشاشة، يؤكد أن 44.3% من المغاربة "لازالوا محرومين من حقوقهم الأساسية من سكن وصحة وتعليم، الشيء الذي يصنف المغرب في خانة الدول التي ترتفع فيها معدلات الفقر إلى جانب كل من الصومال، والغابون، ومالي وزمبابوي". وتُشير آخر الأرقام الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط إلى أن عدد المغاربة في وضعية فقر متعدد الأبعاد بلغ 2.8 مليون شخص سنة 2014؛ ما يشكل 8.2 بالمائة من السكان. وتعتمد "HCP" في هذه المقاربة على ثلاثة أبعاد كبرى لتصنيف الأسر في خانة الفقر، وهي الأبعاد المتعلقة بظروف المعيشة، التعليم، والصحة، على أساس أن أي أسرة تعتبر فقيرة عندما لا يتم تلبية ما لا يقل عن 30 بالمائة من المجموع التراكمي لحاجياتها. وأظهرت خريطة الفقر متعدد الأبعاد أن جهة بني ملالخنيفرة حلت في المرتبة الأولى؛ بحيث يعاني 13.4 بالمائة من سكانها من هذه الظاهرة، متبوعة بجهة مراكشآسفي ب 11.3 بالمائة، ودرعة تافيلالت ب 10 بالمائة، وفاس مكناس ب 9.6 بالمائة.