استعادت قوات حكومة الوفاق الليبية الليلة الماضية السيطرة على معسكر اليرموك جنوبي طرابلس بعد معارك عنيفة مع قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وقد تبنت أطراف دولية مواقف جديدة بشأن هذا الصراع. وأوضحت أن مواجهات الأمس كانت الأعنف حيث سمع دوي الأسلحة الثقيلة والمدافع بوضوح في مختلف أحياء العاصمة. وقد حاولت قوات حفتر -حسب تلك المصادر- التقدم باستخدام الكثافة النارية والمدفعية الثقيلة في محور اليرموك، إلا أن قوات حكومة الوفاق سرعان ما استعادت سيطرتها متقدمة إلى ما بعد معسكر اليرموك. وحتى الآن لم تحقق عملية حفتر في طرابلس أي تقدم ملموس حقيقي على الأرض، بل لقيت انتكاسات في بعض المناطق. ونقلت رويترز مؤخرا أن حكومة الوفاق كسبت 1500 متر، وأن حفتر لم يتمكن من اختراق تحصيناتها حول العاصمة مما أجبره على التراجع للخلف في بعض محاور القتال. من جانبه، شدّد رئيس حكومة الوفاق فايز السراج على أن قواته تدافع بكل قوة عن العاصمة، وعن خيار الشعب الليبي في الدولة المدنية، و”ستواصل القتال إلى أن تنسحب القوات المعتدية”. وقد أعلنت وزارة الصحة بحكومة الوفاق سقوط أربعة قتلى وإصابة أكثر من 37 آخرين جراء قصف جوي تعرضت له مواقع داخل طرابلس. وجددت حكومة الوفاق اتهاماتها لطيران أجنبي بالقيام بقصف جوي لطرابلس دعما لحفتر. التقارير الميدانية تؤكد عجز حفتر عن اختراق تحصينات قوات الوفاق (رويترز) وحملت “الوفاق” مسؤولية الغارات للدول “الداعمة لقوات المجرم حفتر المعتدية، سواء بالدعم المباشر أو غير المباشر” معتبرا إياها “شريكا في جرائم الحرب المرتكبة”. يشار إلى أن حفتر أطلق في الرّابع من أبريل/نيسان هجوماً على طرابلس وأمر جنوده باقتحامها والسيطرة عليها. لكن القوات التابعة لحكومة الوفاق أوقفت زحفه في أكثر من محور، حيث لم يتمكن حتى الآن من اقتحام تحصيناتها حول العاصمة. دوليا، حذر مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا غسان سلامة الدول الداعمة لحفتر من مواصلة تأييد هجومه على طرابلس، قائلا إنه “ليس ديمقراطيا كما أن معظم الليبيين لا يؤيدون برنامجه السياسي”. وفي حديث لإذاعة فرنسا الدولية، قال سلامة “… يساورنا القلق من الأساليب التي يستخدمها لأنه لا يحكم بأسلوب لين وإنما بقبضة حديدية في المناطق التي يحكمها”. ويقوم المبعوث الأممي بجولة في العواصم الأوروبية في محاولة لضمان الحصول على إجماع على وقف إطلاق النار والعودة إلى محادثات السلام في ليبيا. وفي إشارة إلى مشروع قرار اعترضت عليه روسيا والولايات المتحدة الأسبوع الماضي، قال سلامة “أعاني من انقسام عميق للغاية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حال دون إقرار مشروع قرار بريطاني لوقف إطلاق النار”. وأضاف أن “إغواء الرجل القوي (فكرة) واسعة الانتشار. المشكلة أن الرجل القوي ربما ليس قويا مثلما يبدو، وهذه هي المعضلة لمن يدعمونه”. وقال المبعوث الأممي إن مجلس الأمن يشهد انقساماً كبيراً لمنع إقرار مشروع بريطاني لوقف إطلاق النار في ليبيا. وأضاف سلامة أنه التقى وزير الخارجية الفرنسي الذي وعده بدعم مساعي وقف الحرب في ليبيا. وتبدو فرنسا أكثر الدول الغربية دعما لحفتر، كما تتهم بالوقوف مع الإمارات ومصر والسعودية في السعي لسحق حكومة الوفاق المعترف بها دوليا. قوات الوفاق خاضت حرب شوارع ضد قوات حفتر في ضواحي طرابلس (رويترز) هذا، وقد أعرب ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة عن قلق المنظمة إزاء استمرار القصف العشوائي والغارات الجوية على المناطق السكنية بالعاصمة الليبية. من جهته، ندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالهجوم الذي تشنه قوات حفتر على العاصمة طرابلس. وفي اتصال هاتفي، اتفق أردوغان والسراج على تفعيل الاتفاقيات المشتركة بين البلدين. وأكد أردوغان دعمه للحكومة الشرعية، وقال إن تركيا ستُسخّر كل الإمكانات لمنع ما سمّاها “المؤامرة َ على الشعب الليبي”. وشدد على أنه لا وجود لحل عسكري للأزمة الليبية، وأن المسار السياسي هو الوحيد لبناء الدولة المدنية التي يتطلع إليها كل الليبيين. أما سفيرة قطر لدى الأممالمتحدة علياء أحمد بن سيف آل ثاني فطالبت مجلس الأمن باتخاذ إجراءات حاسمة لردع المسؤولين عن التصعيد في ليبيا. وفي كلمة لها بمجلس الأمن، أكدت السفيرة القطرية دعم بلادها الكامل لحكومة الوفاق الوطني باعتبارها الحكومة الشرعية، ودعمها لجهود المبعوث الأممي في إيجاد حل سياسي عادل للأزمة.