تحت عنوان "المحتجون الجزائريون يعيدون ذكريات الأيام الأخيرة لحسني مبارك"، كتب مراسل صحيفة "فايننشال تايمز" أندرو إنغلاند قائلا إن أصداء ثورات الربيع عام 2011 تتردد في الجزائر التي فيها رئيس عجوز مريض اسمه عبد العزيز بوتفليقة يتمسك بالسلطة "أمام موجات المواطنين الذين خرجوا إلى الشوارع". ويطالبون الرئيس المقعد عدم الترشح لمدة خامسة. ورد الرئيس البالغ من العمر 82 عاما إنه "استمع للدعوات الحارة" من المحتجين في الوقت الذي تقدم فيه مدير حملته أوراقه للجنة الانتخابات التي ستعقد في 18 نيسان (إبريل) المقبل. ومن مستشفى في جنيف بسويسرا وعد الملايين لو انتخبوه مرة خامسة بعقد ندوة وطنية وعدم الترشح لمرة أخرى. ويعلق الكاتب إن ما ورد في كلام بوتفليقة-أو من كتب نيابة عنه-يذكر بالأيام الأخيرة لحسني مبارك عام 2011. الذي حاول ترضية المتظاهرين في ميدان التحرير بحكومة جديدة وينهي مدته ويعمل على حكومة انتقالية. وكانت محاولة متأخرة. وأجبر مبارك على خروج مهين واستقالة انهت 30 عاما من حكم مصر. النظام الجزائري ينزلق إلى نفس المسار. فلم يقنع كلام بوتفليقة المتظاهرين الذي يحتجون منذ ثلاثة أسابيع، في وقت تحاول فيه النخبة البحث عن مخرج أمام أكبر تظاهرات لم تشهدها البلاد منذ عقدين. ويقول إنغلاند إن النظام الجزائري ينزلق إلى نفس المسار. فلم يقنع كلام بوتفليقة المتظاهرين الذي يحتجون منذ ثلاثة أسابيع، في وقت تحاول فيه النخبة البحث عن مخرج أمام أكبر تظاهرات لم تشهدها البلاد منذ عقدين. ومع ذلك فتاريخ الجزائر وثقافتها يعني ذا خصوصيتها واختلافها عن جيرانها. فهو البلد الوحيد الذي لا تزال تحكمه حركة قادت التحرر الوطني من الاستعمار الفرنسي الذي تعامل بوحشية مع الدولة في شمال أفريقيا. ونظر إليها كولاية فرنسية وليس كمستعمرة. ويذكر الكاتب أن الجزائر عاشت أول "ربيع عربي" في عام 1988 عندما أنهت أعمال الشغب حكم الحزب الواحد بقيادة "حركة التحرير الوطني". وعانى البلد من عشرية سوداء قتل فيها عشرات الألاف من المدنيين بعد تدخل الجيش وإلغاء الانتخابات التي فاز الإسلاميون فيها. وفي عام 2011 ردت الحكومة الجزائرية التي تعلمت من دروس الماضي باحتواء الاحتجاجات التي قادها شباب غاضبون على غياب فرص العمل. وقررت الحكومة رفع أحكام الطوارئ المفروضة على البلاد منذ 19 عاما وتعهدت بإصلاحات سياسية وإجراءات اقتصادية جديدة بما فيها تخفيض أسعار الطعام. ونجحت بالعبور من العاصفة التي أطاحت بحكام تونس وليبيا ومصر واليمن. ولكن تظاهرات اليوم أخذت شكلا وطنيا جديدا وجذبت إليها قطاعات عدة من المجتمع، شباب وكبار في العمر، فقراء وأغنياء وأبناء المدن والبلدات في عموم البلد. ودمرت الاحتجاجات هذه فكرة الخوف من عودة الماضي الأسود والعنيف. لا ينظر للتظاهرات في الجزائر باعتبارها هجوما شخصيا على بوتفليقة ولكن كتعبير عن الغضب من النظام الاستبدادي الغامض والذي أساء التقدير عندما اعتقد أنه قادر على تنصيب رجل مقعد لم يتحدث أو يخرج للعلن منذ ستة أعوام. ولا ينظر للتظاهرات في الجزائر باعتبارها هجوما شخصيا على بوتفليقة ولكن كتعبير عن الغضب من النظام الاستبدادي الغامض والذي أساء التقدير عندما اعتقد أنه قادر على تنصيب رجل مقعد لم يتحدث أو يخرج للعلن منذ ستة أعوام. ويعلق إنغلاند أن شقيق الرئيس الأصغر، سعيد ونخبة رجال الأعمال أساءت قراءة المزاج الجزائري العام. وحتى هذا الوقت ظل التظاهرات سلمية وشوهد فيها المتظاهرون وهم يتحدثون مع الشرطة. ويرى الخبراء إنها نقطة تحول كشفت عن عفن نظام نشأ خلف واجهة السياسة المتعددة. ويقول الباحث في جامعة أوكسفورد ومؤلف كتاب "تاريخ الجزائر" جيمس ماكدوغال: " كان النظام ذكيا في البحث عن طرق للحفاظ على نفسه في المدى القصير. وما فشل في العثور عليه هي حلول طويلة الأمد للمشكلة الكبيرة ألا وهي مسألة الخلافة" وأضاف: "ليست المشكلة هي البحث عن شخص أخر ولكنها عن التغيبر المنظم الذي يستدعيه التطور الجيلي والذي يمثله بوتفليقة، وهو نهاية جيل الثورة". وهناك قلة تعتقد أن الانتخابات ستجري في موعدها. وكل هذا يعتمد على شخص من جيل الثورة وهو الجنرال أحمد قايد صالح، قائد الجيش. وكما هو الحال في مصر يعتبر الجيش لاعبا مهما وراء السياسة. وما لا يعرف هو إن كان لدى الجيش خطة طارئة. وبحسب هيو روبرتس، من جامعة تافتس "عادة ما يكون لديها" و "يواجهون مأزقا حقيقيا".