قال الكاتب أنتوني فايولا ، في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» إن الجزائر كانت، قبل أسابيع ، على شفا انفجار الوضع عندما تجمع بضعة آلاف للمطالبة برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وأكد فايولا إن التحديق في العدد القليل من الناشطين، الذين ظهروا في الآونة الأخيرة معبرين عن الاحتجاج السياسي في أحد ميادين العاصمة الجزائرية، يجعلنا نرى كيف يراقب هذا البلد الثورات العربية التي تحاول أن تزهر في هذا الربيع. وأضاف الكاتب إن الثورات الشعبية تحدت أنظمة استبدادية في المنطقة العربية، وواجهت أعتى الأنظمة بما في ذلك سوريا. وبينما بدأ تحرك ديمقراطي في دول مثل تونس، حيث بدأت الانتفاضات والاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي سريعا، يبقى التغيير غير ثابت في دول أخرى مثل الجزائر المجاورة. وأوضح الكاتب أنه بدلا من المطالبة بالديمقراطية ، فإن الأطباء والأساتذة والموظفين يطالبون بزيادة الرواتب في هذا البلد الغني . وأشار الكاتب إلى إن الجزائر مثل السعودية، فهي تسعى لكسب الوقت، وذلك بتقديم امتيازات اقتصادية تشمل مضاعفة الرواتب للجميع ، وتقديم القروض المخففة ، والأراضي مجانا لملايين الجزائريين. وبسبب تاريخ طويل من العنف، قال الكاتب إنه يبدو أن الجزائريين يعرفون ثمن التغيير، حيث فقد دعاة المطالبة بتنحي الرئيس بوتفليقة الدعم ، ليجد البقية أنفسهم أمام تفوق عددي لرجال الأمن وصلت نسبته إلى 50 شرطيا مقابل متظاهر واحد. وتحدث الكاتب مع أحد الجزائريين الذي شرح له سبب عدم تأييده التظاهر، حيث قال نويدر بخي (45 عاما) وهو مسؤول إداري بأحد المدارس «لماذا لا أتظاهر؟ لأن ما نجح في تونس ومصر قد لا ينجح في الجزائر.. طبعا نحن نريد التغيير، ولكن ما هو ثمن هذا التغيير؟ انظر إلى ليبيا، إنها تتمزق والناس يموتون، هل تعتقد أن هذا لن يحدث عندنا؟». وأكد الكاتب أن تراجع التمرد في الجزائر يعد مفتاحا لفهم الحسابات على مدى نطاق واسع ومعرفة مسار الانتفاضات التي تجتاح العالم العربي، والتي قد تحوِّل المنطقة في نهاية المطاف. وفي نواح كثيرة، تقدم الجزائر قصة مختلفة عن جارتها الصغيرة تونس. فالجزائر شهدت في عام 1988 انتفاضة أدت لإنهاء حكم الحزب الواحد، وفتح المجال أمام تعددية سياسية، ولكن بعد أربع سنوات غرقت في أتون صراع مسلح بين النظام و الإسلاميين استغرق نحو عقد من الزمن ; أدى إلى سقوط نحو 160 ألف قتيل، وكل هذا حدث بعد 30 عاما فقط من حرب الاستقلال عن فرنسا والتي تجاوز عدد ضحاياها المليون شخص. وأكد الكاتب استمرار وجود مخاوف تفجر الوضع الآن، كما حدث في شهر يناير الماضي عندما اندلعت الاحتجاجات على ارتفاع أسعار المواد الأساسية. كما أشار إلى أن التساؤلات عن سلطة الرئيس بوتفليقة وما إذا كان يتحكم في قادة جهاز الاستخبارات أم هم من يتحكم في الرئيس هي التي منعت استهدافه بشكل شخصي واعتباره مسؤولا والمطالبة برحيله. ونقل الكاتب عن الأمين العام لحزب القوى الاشتراكية المعارض، كريم تبو، قوله «ذهاب بوتفليقة أو بقاؤه لا يغير من الأمر شيئا، الجزائر ليست ليبيا، الجزائر بلد فيه ألف قذافي». وقال الكاتب إن الشيء المؤكد هو أن الجزائريين ينعمون بحرية أفضل من التونسيين في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، غير أن التلفزيون يخضع لرقابة مشددة والرئيس بوتفليقة فاز بولاية ثالثة بنسبة 90%، لكن للصحف حرية واسعة في انتقاد الحكومة وبطريقة تؤدي إلى السجن في بعض البلدان العربية، كما أن قوات الأمن تستخدم العصي ضد المتظاهرين وليس الرصاص. وأضاف الكاتب أن كثيرين يشكّون في وعود بوتفليقة، فهو قدم وعود إصلاحات سياسية كثيرة، ورفع حالة الطوارئ المفروضة منذ 19 عاما، لكن التأثير كان ضعيفا، لأن كل سلطات الحكومة مركزة في القانون. وقال الكاتب إن المعارضة الجزائرية ضعيفة ومشتتة، ففي مظاهرة 12 فبراير الماضي، جمعت نحو 5 آلاف متظاهر فقط، لكن تاريخ الانتفاضات الاجتماعية هنا يمكن أن يتخذ طابعا سياسيا، ففي الشهر الماضي تحدى 70 اتحادا وجمعية تجارية الحظر على التظاهر في الجزائر العاصمة ، ونظموا مسيرة احتجاج لرفع الرواتب. . . لكن زعماء المعارضة يقولون إن الحكومة لا تستطيع الوفاء بجميع وعودها ، وهي لا تفعل سوى تأجيل الانتفاضة فقط. كما تحدث مواطن آخر فقال «إذا لم يفوا بوعودهم ، فإن الانتفاضة قادمة».