نشرت صحيفة “الكونفدنسيال” الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن عجز ماكرون عن وضع حد لاحتجاجات واحتقان عناصر السترات الصفراء، حيث لم تتمكن الإجراءات التي اتخذها من إقناعهم ووقف تحركاتهم. لهذا السبب، من المتوقع أن تشهد فرنسا احتجاجات جديدة خلال سنة 2019. وأوضحت الصحيفة ذاتها، أن الواقع الفرنسي لا يتناسب مع الصورة التي تحاول حكومة إيمانويل ماكرون إخراجها حول الحركة التي تهز أسس السياسة الفرنسية. وتعد قصة أربعة عناصر من مجموعة السترات الصفراء، خير مثال على ذلك؛ إذ أنهم لا زالوا متشبثين بقيادة مسيرة من أجل تحقيق المزيد من مطالبهم. وأضافت أن أعمار هؤلاء الأربعة المنتمين إلى السترات الصفراء تتراوح بين الأربعين والخمسين سنة، وتتميز سجلاتهم بتعدد عقود العمل ومشاركة قليلة في المظاهرات. ومنذ منتصف الشهر الماضي، قاد هؤلاء الأربعة مسيرة من الجنوب الفرنسي، تحديدا من مدينة آرل، إلى باريس. وسيقطع هؤلاء الفرنسيون مسافة 800 كيلومترا من أجل المطالبة بتغيير الدستور. وبينت الصحيفة أنه في طريقها إلى باريس، ستجمع هذه المجموعة توقيعات مؤيدي تضمين استفتاء “المبادرة الشعبية” في الدستور الفرنسي. وتجدر الإشارة إلى استفتاء المبادرة الشعبية آلية ديمقراطية تشاركية مباشرة، ويطبق في حوالي 30 دولة على غرار إيطاليا وسويسرا. وتسمح هذه الآلية بوقف تنفيذ مراسيم، وإلغاء القوانين أو إلغاء أحد المناصب العامة عبر إجراء استفتاء شعبي. وبشكل عام، تحول استفتاء المبادرة الشعبية إلى أحد المطالب الرئيسية لأصحاب السترات الصفراء. ونقلت الصحيفة عن أحد أفراد هذه المجموعة المكونة من أربعة أشخاص، والذي يدعى بولو، قوله إن “هذه المسيرة التي يشارك فيها خير مثال على التضامن والسخاء المتجذر في الفرنسيين. وهذا ما سيساعد الشعب الفرنسي على المضي قدما في تحقيق أهدافه”. وندد بولو بسياسة ماكرون، مشيرا إلى أنه “يبلغ من العمر 56 سنة، ولم يشهد في حياته على قائد أهان الشعب الفرنسي بهذا الشكل. فقد أطلق عليهم جميع الألقاب، التي تنوعت من الأميين إلى الساذجين وغيره. وبالنسبة له، لا يعتبر ماكرون رئيسا له، ولا يعتبر أن له شرعية”. وبينت الصحيفة أن فرانك، أحد عناصر هذه المجموعة، أكد أن سكان فرنسا قد تضامنوا معه أصحاب السترات الصفراء أثناء مسيرتهم إلى العاصمة باريس سيرا على الأقدام، وهناك من استقبلهم في منازلهم. وأشار فرانك إلى أن “مسيرتهم ترغب في تخليد ذكرى عناصر السترات الصفراء العشرة الذين توفوا خلال المسيرات التي اندلعت في فرنسا. ومن أجل هؤلاء الضحايا سيواصلون نضالهم حتى باريس”. وأوردت الصحيفة للاورنت، الذي يشارك في مسيرة السترات الصفراء، أن “هذه المسيرة التي يقودها رفقة ثلاثة آخرين، لها سابقة في تاريخ فرنسا. كما أن لهذه المسيرة رمزية مزدوجة: فقد تحركت فرنسا السفلى نحو فرنسا العليا. ومن الناحية الجغرافية، فقد تحرك سكان الجنوب نحو الشمال. كما تحيل عبارة فرنسا السفلى إلى رؤية السياسيين لأصحاب السترات الصفراء وللطبقة السفلى”. وأضاف أنه “يجب التذكير بأنه خلال ثورة 1789، تنقل الكثيرون من مارسيليا إلى العاصمة باريس سيرا على الأقدام للانضمام إلى الشعب الثائر. وعندما يتحرك الجنوب نحو الشمال في فرنسا، ينتهي الأمر بإحداث تغييرات مهمة. وخلال مسيرة مارسيليا، اخترعت “لا مارسييز” التي تحولت إلى النشيد الفرنسي اليوم. وخلال هذه المسيرة، يردد العناصر الأربعة التابعين للسترات الصفراء هذه الأناشيد”. وأضاف الصحيفة أن الكورسيكي مانو أكد أن “أهمية هذه المسيرة تكمن في إعطاء نفس جديد لحركة السترات الصفراء من خلال لفتة رمزية. كما أن أصحاب السترات الصفراء ليسوا عنيفين مثلما وصفوا، وتعد المسيرة نحو باريس خير مثال”. ونوه بأنهم “يزورون المناطق التي يتواجد فيها أصحاب السترات الصفراء، ليظهروا للعلن أنهم ليسوا لوحدهم، وأنهم مجموعة متكونة من عدد كبير”. وتعتزم هذه المجموعة “الحصول على توقيعات مؤيدي تضمين استفتاء “المبادرة الشعبية” في الدستور الفرنسي، التي سيقدمونها للبرلمان الفرنسي خلال الشهر الحالي”. وأشارت الصحيفة إلى أن عناصر السترات الصفراء الأربعة جمعوا تسعة ملايين توقيع إلى حد الآن، وهو عدد يفوق الأصوات التي فاز بها إيمانويل ماكرون في انتخابات عام 2017، والتي جلبته إلى السلطة. وأضافت الصحيفة أن تاريخ فرنسا الحديث يشير إلى أن أهم الثورات الفرنسية حدثت خلال شهر ماي. في نفس الوقت، يتوقع الكثيرون من أصحاب السترات الصفراء أنه بعد 1789 و1968 من المتوقع أن يشهد شهرماي من سنة 2019 ثورة فرنسية أخرى. وفي الختام، أوردت الصحيفة أن وسائل الإعلام الفرنسية تحاول إخماد صوت الثورة، في حين يملك المتظاهرون وجهة نظر مخالفة. وفي هذا الصدد، قال مانو إن “ماكرون منتج تسويقي بامتياز، وبعد أن ساعدت وسائل الإعلام ماكرون على الوصول إلى الإليزيه، تدعمه الآن وتضع خدماتها على ذمته… ومع ذلك، ستتعزز الحركة بشكل كبير خلال شهر يناير”.